حقوق المرأة
حقوق المرأة في كتاب الله
ومع ظهور الإسلام وانتشار تعاليمه السامية، دخلت حياة المرأة مرحلة جديدة بعيدة كل البعد عما سبقها. في هذه المرحلة أصبحت المرأة مستقلة ومتمتعة بكل حقوقها الفردية والاجتماعية والإنسانية.
فالمرأة تتمتع بحقوق تعادل ما عليها من واجبات ثقيلة في المجتمع، يقول تعالى:
(ولهن مثل ما عليهن بالمعروف)(43) وقد اعتبر الإسلام المرأة كالرجل: كائناً ذا روح إنسانية كاملة، وذا إرادة واختيار، ويطوى طريقه على طريق تكامله الذي هو هدف الخلقة، ولذلك خاطب الله تعالى الرجل والمرأة معاً في بيان واحد حين قال:
(يا أيها الناس... ويا أيها الذين آمنوا) ووضع لهما منهجاً تربوياً واخلاقياً وعلمياً ووحدهما بالسعادة الابدية الكاملة في الآخرة كما جاء في قوله تعالى:
(ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة)(44).
وأكد أن الجنسين قادران على انتهاج طريق الإسلام للوصول إلى الكمال المعنوي والمادي لبلوغ الحياة الطيبة: (من عمل صالحاً من ذكر أو انثى وهو مؤمن فلـنحيينه حياة طيـــبة ولنجزينهـــم أجرهم بأحسن ما كـــانوا يعملون)(45). فالإسلام يرى المرأة كالرجل انساناً مستقلاً حراً، وهذا المفهوم جاء في مواضع عديدة من القرآن الكريم كقوله تعالى:
(كل نفس بما كسبت رهينة)(46) (من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها)(47). ومع هذه الحرية فالمرأة والرجل متساويان أمام قوانين الجزاء أيضا:
(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة... )(48). ولما كان الاستقلال يستلزم الإرادة والاختيار، فقد قرّر الإسلام هذا الاستقلال في جميع الحقوق الاقتصادية وأباح للمرأة كل ألوان الممارسات المالية، وجعلها مالكة عائدها وأموالها، يقول تعالى: (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن)(49) فكلمة (اكتساب) خلافاً لكلمة (كسب) ـ لا تستعمل إلا فيما يستفيد الإنسان لنفسه ولو أضفنا إلى هذا المفهوم القاعدة العامة القائلة:
(الناس مسلطون على أموالهم) لفهمنا مدى الاحترام الذي أقرّه الإسلام للمرأة بمنحها الاستقلال الاقتصادي، ومدى التساوي الذي قرّره بين الجنسين في هذا المجال. وعلى عكس ذلك نجد المرأة في نظر المجتمعات الغربية غير مستقلة الشخصيّة في جميع الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وقد استمر هذا الوضع في قسم من المجتمعات حتى القرون الأخيرة.
فمثلاً قبل البعثة النبوية وبالضبط في سنة 586 عقد في فرنسا مؤتمر دار النقاش فيه حول استحقاق المرأة أن تعتبر انساناً أم لا تستحق ذلك؟ وكانت النتيجة أن اعتبر المرأة انساناً ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب(50).
وفي القانون المدني الفرنسي المشهور بتقدميته، على سبيل المثال: نشير إلى بعض فقراته المتعلقة بالشؤون الماليّة للزوجين:
يستفاد من المادتين 215 و217 أن المرأة المتزوجة لا تستطيع بدون إذن زوجها وتوقيعه أن تؤدي أي عمل حقوقي، وتحتاج في كل معاملة إلى إذن الزوج، هذا إذا لم يرد الزوج أن يستغل قدرته، ويمتنع عن الإذن دون مبرّر.
وحسب المادة 1242 يحق للرجل أن يتصرف لوحده بالثروة المشتركة بين المرأة والرجل بأي شكل من الاشكال، ولا يلزمه استئذان المرأة بشرط أن يكون التصرف في إطار الإدارة. وإلا لزمت موافقة المرأة وتوقيعها. وفي المادة 1428 إن حق إدارة جميع الأموال الخاصّة بالمرأة موكول إلى الرجل ـ على أن المعاملة الخارجة عن حدود الإدارة تتطلّب موافقة المرأة وتوقيعها...(51).
الخلاصة
إن رفع الحيف عن المرأة واعطاءها سبيل اختيار المكان المناسب لها للعمل فيه، يستوجب رفع مستوى المعيشة الكلّي للأسرة وبالتوازن المستمر مع معدّلات التضخم المتوالية في الاقتصاد العالمي وانعكاساتها على البلدان الإسلامية والفقيرة منها بأسوء المستويات. والأمر يستوجب مراعاة التقليل من المصروفات المخ(ص)ة لكماليات ومظاهر الدولة فالباري تعالى جدّه يقول: (أتبنون بكل ريع آية تعبثون. وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون. وإذا بطشتم بطشتم جبارين. فاتقوا الله...)(52).
فقد عملت المجتمعات الغربية في الآونة الأخيرة وبعد تعالي الصيحات عليها من كل مكان لضرورة إظهار مبدأ التكافل الاجتماعي على ساحة الواقع المعاش في دولها، لذا فقد صدرت القوانين الخاصة وتم تطبيقها بتخصيص الحقوق المالية الشهرية لذوي العاهات والمعوقين من أصحاب المهن من الرجال والنساء، وكذلك العاطلين عن العمل، والفائضين بسبب توقف معاملهم أو شركاتهم لسبب أو لآخر، واتخذت عندهم تخصيصات مالية للأطفال حديثي الولادة لتشجيع الإنجاب بعد أن عزفت عنه النساء، وعن الزواج في الغالب الأعم.
وهم بذلك قد طبّقوا ما دعا إليه دعاة الإسلام عبر العقود الماضية.
1 - مجلة المختار عدد آذار 1960.
2 - مجلة الهلال عدد آذار 1965.
3 - سورة الذاريات: الآية 19.
4 - سورة الأحزاب: الآية 6.
5 - رواه البخاري في صحيحه.
6 - كتاب (الإسلام والمرأة المعاصرة) للبهي الخولي.
7 - سورة النمل: الآية 97.
8 - سورة آل عمران: الآية 195.
9 - سورة النساء: الآية 124.
10 - كتاب (مسؤولية المرأة للشيخ حسن الصفار)، 20.
11 - كتاب (الرجل ذلك الكائن غير المعروف)، 98.
12 - كتاب (المرأة والدور المطلوب) للسيد هادي المدرسي، 98.
13 - كتاب (المرأة والدور المطلوب) للسيد هادي المدرسي، 26.
14 - كتاب (حوار عن المرأة) للسيد هادي المدرسي، 73.
15 - سورة الطلاق: الآية 1.
16 - جامع الاحكام للقرطبي، 18/154.
17 - أحكام القرآن لإبن عربي، 2/266.
18 - سورة الأحزاب: الآيتان 33 و34.
19 - سورة الأحزاب: الآيتان 33 و34.
20 - أحكام القرآن للجصّاص.
21 - بدائع الصنائع للكاساني، 2/133.
22 - رواه أبو داوود.
23 - كتاب (الإسلام والمرأة المعاصرة) للبهي الخولي.
24 - كتاب (أحكامك في البلاد الأجنبية) الإمام الشيرازي، ص131.
25 - كتاب (المرأة والدور المطلوب)، للسيد المدرسي، ص52.
26 - الوسائل، 14/120.
27 - كتاب (الرجل والمرأة) 12.
28 - سورة النساء: الآية 34.
29 - معاني القرآن وإعرابه للزجّاج، 2/46.
30 - كتاب الخصال، 1/159، ح207 - كتاب الكافي للكليني، 5/257، ح1.
31 - كتاب الكافي، 5/310، ح26.
32 - كتاب الأمالي للشيخ الصدوق، 422 مجلد66، ح1 - مسائل علي بن جعفر، 179، ح333.
33 - كتاب فقه الزهراء (ع)، الإمام الشيرازي، 2/79.
34 - نفس المصدر، 90.
35 - سورة النساء، 148.
36 - كتاب فقه الزهراء (ع)، 93.
37 - سورة الأحزاب: الآية 53.
38 - كتاب بحار الانوار، 22/185.
39 - كتاب فقه الزهراء (ع)
40 - سورة الأحزاب: الآية 32.
41 - كتاب (النكاح)، الإمام الشيرازي (دام ظله)، مسألة 39.
42 - كتاب (فقه الزهراء (ع))، 98.
43 - سورة البقرة: الآية 228.
44 - سورة غافر: الآية 40.
45 - سورة النحل: الآية 95.
46 - سورة المدثر: الآية 28.
47 - سورة فصلت: الآية 46.
48 - سورة النور: الآية 2.
49 - سورة النساء: الآية 32.
50 - كتاب (المرأة في ظل الإسلام)، 32.
51 - كتاب (الأمثل في تفسير كتاب الله المنزّل) للشيخ ناصر مكارم الشيرازي، 100.
52 - سورة الشعراء: الآيات 128-131.
ومع ظهور الإسلام وانتشار تعاليمه السامية، دخلت حياة المرأة مرحلة جديدة بعيدة كل البعد عما سبقها. في هذه المرحلة أصبحت المرأة مستقلة ومتمتعة بكل حقوقها الفردية والاجتماعية والإنسانية.
فالمرأة تتمتع بحقوق تعادل ما عليها من واجبات ثقيلة في المجتمع، يقول تعالى:
(ولهن مثل ما عليهن بالمعروف)(43) وقد اعتبر الإسلام المرأة كالرجل: كائناً ذا روح إنسانية كاملة، وذا إرادة واختيار، ويطوى طريقه على طريق تكامله الذي هو هدف الخلقة، ولذلك خاطب الله تعالى الرجل والمرأة معاً في بيان واحد حين قال:
(يا أيها الناس... ويا أيها الذين آمنوا) ووضع لهما منهجاً تربوياً واخلاقياً وعلمياً ووحدهما بالسعادة الابدية الكاملة في الآخرة كما جاء في قوله تعالى:
(ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة)(44).
وأكد أن الجنسين قادران على انتهاج طريق الإسلام للوصول إلى الكمال المعنوي والمادي لبلوغ الحياة الطيبة: (من عمل صالحاً من ذكر أو انثى وهو مؤمن فلـنحيينه حياة طيـــبة ولنجزينهـــم أجرهم بأحسن ما كـــانوا يعملون)(45). فالإسلام يرى المرأة كالرجل انساناً مستقلاً حراً، وهذا المفهوم جاء في مواضع عديدة من القرآن الكريم كقوله تعالى:
(كل نفس بما كسبت رهينة)(46) (من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها)(47). ومع هذه الحرية فالمرأة والرجل متساويان أمام قوانين الجزاء أيضا:
(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة... )(48). ولما كان الاستقلال يستلزم الإرادة والاختيار، فقد قرّر الإسلام هذا الاستقلال في جميع الحقوق الاقتصادية وأباح للمرأة كل ألوان الممارسات المالية، وجعلها مالكة عائدها وأموالها، يقول تعالى: (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن)(49) فكلمة (اكتساب) خلافاً لكلمة (كسب) ـ لا تستعمل إلا فيما يستفيد الإنسان لنفسه ولو أضفنا إلى هذا المفهوم القاعدة العامة القائلة:
(الناس مسلطون على أموالهم) لفهمنا مدى الاحترام الذي أقرّه الإسلام للمرأة بمنحها الاستقلال الاقتصادي، ومدى التساوي الذي قرّره بين الجنسين في هذا المجال. وعلى عكس ذلك نجد المرأة في نظر المجتمعات الغربية غير مستقلة الشخصيّة في جميع الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وقد استمر هذا الوضع في قسم من المجتمعات حتى القرون الأخيرة.
فمثلاً قبل البعثة النبوية وبالضبط في سنة 586 عقد في فرنسا مؤتمر دار النقاش فيه حول استحقاق المرأة أن تعتبر انساناً أم لا تستحق ذلك؟ وكانت النتيجة أن اعتبر المرأة انساناً ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب(50).
وفي القانون المدني الفرنسي المشهور بتقدميته، على سبيل المثال: نشير إلى بعض فقراته المتعلقة بالشؤون الماليّة للزوجين:
يستفاد من المادتين 215 و217 أن المرأة المتزوجة لا تستطيع بدون إذن زوجها وتوقيعه أن تؤدي أي عمل حقوقي، وتحتاج في كل معاملة إلى إذن الزوج، هذا إذا لم يرد الزوج أن يستغل قدرته، ويمتنع عن الإذن دون مبرّر.
وحسب المادة 1242 يحق للرجل أن يتصرف لوحده بالثروة المشتركة بين المرأة والرجل بأي شكل من الاشكال، ولا يلزمه استئذان المرأة بشرط أن يكون التصرف في إطار الإدارة. وإلا لزمت موافقة المرأة وتوقيعها. وفي المادة 1428 إن حق إدارة جميع الأموال الخاصّة بالمرأة موكول إلى الرجل ـ على أن المعاملة الخارجة عن حدود الإدارة تتطلّب موافقة المرأة وتوقيعها...(51).
الخلاصة
إن رفع الحيف عن المرأة واعطاءها سبيل اختيار المكان المناسب لها للعمل فيه، يستوجب رفع مستوى المعيشة الكلّي للأسرة وبالتوازن المستمر مع معدّلات التضخم المتوالية في الاقتصاد العالمي وانعكاساتها على البلدان الإسلامية والفقيرة منها بأسوء المستويات. والأمر يستوجب مراعاة التقليل من المصروفات المخ(ص)ة لكماليات ومظاهر الدولة فالباري تعالى جدّه يقول: (أتبنون بكل ريع آية تعبثون. وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون. وإذا بطشتم بطشتم جبارين. فاتقوا الله...)(52).
فقد عملت المجتمعات الغربية في الآونة الأخيرة وبعد تعالي الصيحات عليها من كل مكان لضرورة إظهار مبدأ التكافل الاجتماعي على ساحة الواقع المعاش في دولها، لذا فقد صدرت القوانين الخاصة وتم تطبيقها بتخصيص الحقوق المالية الشهرية لذوي العاهات والمعوقين من أصحاب المهن من الرجال والنساء، وكذلك العاطلين عن العمل، والفائضين بسبب توقف معاملهم أو شركاتهم لسبب أو لآخر، واتخذت عندهم تخصيصات مالية للأطفال حديثي الولادة لتشجيع الإنجاب بعد أن عزفت عنه النساء، وعن الزواج في الغالب الأعم.
وهم بذلك قد طبّقوا ما دعا إليه دعاة الإسلام عبر العقود الماضية.
1 - مجلة المختار عدد آذار 1960.
2 - مجلة الهلال عدد آذار 1965.
3 - سورة الذاريات: الآية 19.
4 - سورة الأحزاب: الآية 6.
5 - رواه البخاري في صحيحه.
6 - كتاب (الإسلام والمرأة المعاصرة) للبهي الخولي.
7 - سورة النمل: الآية 97.
8 - سورة آل عمران: الآية 195.
9 - سورة النساء: الآية 124.
10 - كتاب (مسؤولية المرأة للشيخ حسن الصفار)، 20.
11 - كتاب (الرجل ذلك الكائن غير المعروف)، 98.
12 - كتاب (المرأة والدور المطلوب) للسيد هادي المدرسي، 98.
13 - كتاب (المرأة والدور المطلوب) للسيد هادي المدرسي، 26.
14 - كتاب (حوار عن المرأة) للسيد هادي المدرسي، 73.
15 - سورة الطلاق: الآية 1.
16 - جامع الاحكام للقرطبي، 18/154.
17 - أحكام القرآن لإبن عربي، 2/266.
18 - سورة الأحزاب: الآيتان 33 و34.
19 - سورة الأحزاب: الآيتان 33 و34.
20 - أحكام القرآن للجصّاص.
21 - بدائع الصنائع للكاساني، 2/133.
22 - رواه أبو داوود.
23 - كتاب (الإسلام والمرأة المعاصرة) للبهي الخولي.
24 - كتاب (أحكامك في البلاد الأجنبية) الإمام الشيرازي، ص131.
25 - كتاب (المرأة والدور المطلوب)، للسيد المدرسي، ص52.
26 - الوسائل، 14/120.
27 - كتاب (الرجل والمرأة) 12.
28 - سورة النساء: الآية 34.
29 - معاني القرآن وإعرابه للزجّاج، 2/46.
30 - كتاب الخصال، 1/159، ح207 - كتاب الكافي للكليني، 5/257، ح1.
31 - كتاب الكافي، 5/310، ح26.
32 - كتاب الأمالي للشيخ الصدوق، 422 مجلد66، ح1 - مسائل علي بن جعفر، 179، ح333.
33 - كتاب فقه الزهراء (ع)، الإمام الشيرازي، 2/79.
34 - نفس المصدر، 90.
35 - سورة النساء، 148.
36 - كتاب فقه الزهراء (ع)، 93.
37 - سورة الأحزاب: الآية 53.
38 - كتاب بحار الانوار، 22/185.
39 - كتاب فقه الزهراء (ع)
40 - سورة الأحزاب: الآية 32.
41 - كتاب (النكاح)، الإمام الشيرازي (دام ظله)، مسألة 39.
42 - كتاب (فقه الزهراء (ع))، 98.
43 - سورة البقرة: الآية 228.
44 - سورة غافر: الآية 40.
45 - سورة النحل: الآية 95.
46 - سورة المدثر: الآية 28.
47 - سورة فصلت: الآية 46.
48 - سورة النور: الآية 2.
49 - سورة النساء: الآية 32.
50 - كتاب (المرأة في ظل الإسلام)، 32.
51 - كتاب (الأمثل في تفسير كتاب الله المنزّل) للشيخ ناصر مكارم الشيرازي، 100.
52 - سورة الشعراء: الآيات 128-131.