اجمل الخصال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم :
الخصال الحميدة
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه”، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. “متفق عليه”
في هذا الهدي الشريف تقسيم لطيف وبيان شاف مجيد، لأولئك السعداء الأبرار الذين نالوا الكرامة الإلهية والسعادة الأبدية في دار الخلد والنعيم، بسبب ما قدموا في الدنيا من صالح الأعمال واتصفوا به من جميل الخصال فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن شمول العناية الإلهية والرحمة الربانية تحت ظل عرش الله الكريم بكل من اتصف بواحدة من تلك الخصال الحميدة التي يحبها الله ورسوله، وقد أوضحها الصادق المصدوق في أجمل عرض وأقوى بيان ليلهب نفوس المؤمنين ويحرك فيهم روح الجد والإخلاص والعمل الصالح ليسيروا على المنهج القويم ويقتدوا بعباد الله الصالحين.
فهو يدعو أولاً الى مراعاة العدل ومجانبة الظلم لكل من تولى شأنا من شؤون المسلمين أو ولي أمرا من أمورهم سواء كانت الولاية عامة ام خاصة فالعدل شريعة الله والله يمقت الظلم ايا كان مصدره وصدق الله اذ يقول: “يا داود انا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضُلك عن سبيل الله”. وهو يدعو ثانيا الشباب الى الإقبال على طاعة الله وعبادته ليكونوا رجال المستقبل وليحققوا الجيل المثالي الذي ينشده الاسلام، ولقد أثنى القرآن على فتية أهل الكهف بقوله: “إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى”. فالشباب موطن الرجاء والأمل وهم أمل المستقبل.
وفي الخصلة الثالثة: إشارة بفضل ذلك الرجل الصالح الذي عمر الإيمان قلبه وتعلقت الجوارح والقلب بذكر الله عن طريق المحافظة على الصلاة التي هي عماد الدين لتتشرب القلوب حب الاجتماع والألفة وتتوحد صفوف الأمة عن طريق الاجتماع في بيوت الله ولقد أثنى الله عز وجل على هذا الصنف من الناس بقوله: “في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال”.
وفي الخصلة الرابعة: يدعو الرسول الكريم الى الحب في الله ابتغاء وجهه الكريم لا لغرض دنيوي او كسب مادي او مصلحة دنيئة وهل الدين إلا حب في الله واجتماع على مرضاته؟ والتقاء على دعوة الحق التي جاء بها الرسول، ليكون الحب طهرا وصفاء وسموا ونقاء.
وفي الخصلة الخامسة: إظهار لأسمى ما تصورته البشرية من طهارة وسمو وصفاء إنه طهارة الوجدان وصفاء الإيمان الذي يعصم صاحبه من الانزلاق في مزالق الرذيلة فها هي الفتنة والإغراء تتزين بصورة واقعية في صورة امرأة جميلة ذات حسب ونسب، وتدعو الرجل الى نفسها وتراوده عن فعل الفاحشة بها، ولكنه تجنب كل ذلك خوفا من الله.
وفي الخصلة السادسة: نرى روعة البيان في اجمل صورة يصورها الرسول صلى الله عليه وسلم، صور لنا رسول الله صورة الرجل المُحسن الذي تصدق بصدقه خُفيه عن الناس ابتغاء مرضاة الله، فأخفى صدقته حتى عن أقرب ما يتصل به ألا وهي شماله حتى لو تصورنا أن يمينه تصدقت بشيء لما شعرت يده اليسرى ماذا انفق في سبيل الله.
وأخيرا يختم الصادق المصدوق الحديث الشريف بفضل البكاء من خشية الله فلله ما أروع هدي الرسول وما أجمل حكمته ومغزاه انه الهدي النبوي والحكمة المحمدية، تعال معي أيها الأخ الكريم نستقي من هذا النبع البلاغي المحمدي. في قوله صلى الله عليه وسلم “سبعة يظلهم الله بظله”، فيه ايجاز بالحذف والتقدير بسبعة اشخاص، ومن السبعة الذين يظلهم الله بظله (رجل قلبه معلق بالمساجد)، فيه كناية لطيفة فقد كنى عن ملازمته للمسجد وتردده عليه ومحافظته على الصلاة بالجماعة بتعلق قلبه في المساجد وهو كناية عن صفة.
وفي قوله في الرجل الذي أنفق حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، فيه استعارة جميلة تسمى الاستعارة المكنية، فقد شبه اليد اليمنى بإنسان واليد اليسرى بإنسان آخر وحذف المشبه وهو الشخص الأول ورمز اليه بشيء من لوازمه وهي اليد على طريقة الاستعارة المكنية، فاليد في هذا الحديث كائن مستقل، وفي قوله: “ففاضت عيناه” عن الرجل الذي ذكر الله خاليا فهي كناية عن الخشوع وذلك انه رجل صادق في بكائه فبكى خوفاً من الله.
في قوله ففاضت عيناه مجاز مرسل على حذف مضاف اي فاضت دموع عينيه لأن العين لا تفيض إنما يفيض الدمع فيها، وذلك من علامة الإيمان.
منقووووول من جريدة الخليج