مختصون يصفون الظاهرة بالكارثة"
مختصون يصفون الظاهرة بالكارثة"
احذروا مخدرات توزع على ابنائكم في المدارس على أنها حلويات
2010.10.24 بلقاسم حوام
"إن مؤسستنا اليوم في خطر كبير، فلقد تحوّلت من فضاء للتربية والتعليم إلى مكان للسرقة وبيع وشراء في كل أنواع المخدرات.. فأصبحت المؤسسة هدفا جديدا لترويج هذه السموم، ليصبح المراهق الذي طرد من المدرسة أو تخلى عنها أحد مروجي المخدرات..يجلس أمام باب المؤسسة ويبيع المخدرات للذين لا يزالوا داخل المؤسسة والذين بلغ بهم الأمر إلى سرقة هواتف زملائهم لشراء جرعاتهم".
هذه العبارات مستوحاة من تعبير كتابي لتلميذة تدرس في إحدى متوسطات العاصمة، تحدثت فيه عم تشاهده يوميا من انتشار لظاهرة الترويج والمتاجرة بالمخدرات داخل مدرستها المتواجدة شرق العاصمة، حيث أصبح التلميذ الذي لا يتجاوز سنه السادسة عشر مدمنا على المخدرات يتناولها في مراحيض المؤسسة ويبيعها داخل الأقسام.
كما أشارت التلميذة في موضوعها إلى تواطؤ بعض التلاميذ مع شبكات المخدرات التي باتت تستقطب المراهقين المطرودين من المدارس والذين عادة ما يحملون حقدا دفينا على المؤسسة التي كانوا يدرسون فيها.
وعادة ما تستهدف هذه العصابات أحد التلاميذ النشطين في المؤسسة وتستعمله كوسيلة لترويج سمومها عن طريق حيل تعتمد على توريط التلاميذ في الإدمان التدريجي على المخدرات التي باتت تروّج في المدارس عن طريق أقراص مخدرة توزع مجانا على أنها حلويات.
التلميذة التي كانت شاهد عيان على انتشار المخدرات وتعاطيها في مدرستها قصدت "الشروق اليومي" رفقة صديقاتها وأرادت أن تحذر من خلال وسائل الإعلام من انتشار هذه السموم في المدارس التي عوّضت فيها المخدرات التدخين المنتشر أكثر من أي وقت مضى، وهو الممهد الأول لانتشار المخدرات.
وأكدت "أ.ل" 17 سنة، تلميذة في السنة الرابعة متوسط، على أن الكثير من الأساتذة في مؤسستها على دراية تامة بانتشار آفتي السرقة والمخدرات، إلا أنهم يخافون من تهديدات التلاميذ الذين تحوّل بعظهم إلى لصوص وباعة للمخدرات داخل المؤسسات التربوية، وطالبت المتحدثة رفقة صديقاتها بضرورة تكثيف الرقابة على التلاميذ وبالخصوص مداخل المؤسسات التربوية لمحاصرة مروّجي هذه السموم.
تواطؤ طبي وصيدلاني
أكد الأستاذ الجامعي والمختص في علم الإجرام السيد بوفاتح محمد بلقاسم خلال مداخلة له في الملتقى الجهوي لولايات الوسط حول تطبيق القانون 04-18 المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الاستعمال والاتجار بهما، الذي اختتمت أشغاله الأسبوع الماضي، أنه عالج العديد من الحالات المتعلقة بإدمان المراهقين على المخدرات بعدما استفادوا منها مجانا داخل الثانويات التي يدرسون بها، وبعد التحقيق المعمق في القضية، بالتنسيق مع مصالح الأمن، تبين بأن العديد من شبكات المتاجرة بالمخدرات تعمل على الترويج لأقراص مخدرة توضع داخل علب حلويات توزع على التلاميذ مجانا. وتوظف هذه الشبكات مراهقين يدرسون في الثانويات مقابل مبالغ مالية معتبرة تصل لحد مليون سنتيم شهريا.
وأضاف المتحدث، الذي يشتغل في المحاماة، بأن التلاميذ عندما يتعوّدون على هذه الحلويات المخدرة والتي تتميز بتأثيرها السريع سيزيدون في الطلب عليها، وعندها تباع لهم، فيلجأ العديد منهم إلى سرقة المال من الأولياء لشراء هذه الحلويات المخدرة، ومن لم سيعفه الحظ يلجأ إلى سرقة الناس والاعتداء عليهم.
وأوضح المتحدث بأن الإدمان على المخدرات داخل المؤسسات التربوية بات من أكثر أسباب الرسوب المدرسي لتعلق التلميذ بمنحرفين همهم الوحيد ربح المال بغض النظر عن الوسيلة، ولمحاصرة هذه الظاهرة طالب السيد بوفاتح محمد بلقاسم بضرورة تأسيس لجان إصغاء وتوجيه التلاميذ داخل المؤسسات التربوية هدفها مراقبة سلوك التلاميذ وتوجيههم .
وفي هذا الإطار أكد رئيس جمعيات رعاية الشباب، السيد عبد الكريم عبيدات، في تصريح لـ "الشروق اليومي" استفحال ظاهرة ترويج المخدرات في الثانويات على شكل حلويات، وسط غفلة المسؤولين والأولياء، وأضاف بأن مروّجي المخدرات اعتمدوا في البداية على حلويات "تيك تاك" وهي عبار عن علبة صغيرة تحتوي على أقراص حلويات تباع بثمن 20 دينارا، حيث عمدت عصابات المتاجرة بالمخدرات إلى استغلال هذه العلب وتعويضها بحبوب مخدرة حلوة الذوق، توّزعها مجانا على التلاميذ عن طريق زملاء لهم، وتستغل هذه العصابات بعض التلاميذ مقابل مبالغ مالية معتبرة.
من جهته، كشف زموش عبد الكريم، عضو نقابة الصيادلة، بأن شبكات المتاجرة في المخدرات باتت تستغل الصيادلة في الترويج للحبوب المهلوسة، وذلك باعتماد طريقة الابتزاز، كما باتت تعتمد أيضا على الوصفات الطبية المزورة في الحصول على الأدوية، وذلك بالتواطؤ مع بعض الأطباء وتهديد آخرين خاصة منهن النساء.
تقييم:
0
0