فضاءات بشار

بشار

فضاء المرأة وشؤونها

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1771.15
إعلانات


“بعد ربي.. المعلم”ل- محمد الهادي الحسني

 

هذه الجملة الدّالة على الحكمة البالغة، والرأي السديد، والعقل الرشيد قالتها امرأة لأبنائها رغم أنها لم تنل من العلم شيئا، ذلك لأن “العلماء الجاهلين” حرموها -باسم الإسلام- من القيام بواجب طلب العلم، حتى أن “عالما جاهلا” كتب كتابا سماه “الإصابة في منع النساء من تعلّم الكتابة”.

وكبيرة الكبائر هي أن هؤلاء “العلماء الجاهلين” تقوّلوا على رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فنسبوا إليه كلاما لا يقوله إلا سفيه هو: “لا تعّلموهن الكتابة ولا تسكنوهن الغرف”.

إن الله -عز وجل- أمر في أول آية أنزلها على رسوله – عليه الصلاة والسلام- بالقراءة، ولم يفرق فيها بين ذكر وأنثى.. وقد بعث الإمام الإبراهيمي أرجوزة لبعض هؤلاء “العلماء” الذين تجرّأوا على الله -عز وجل- فحرّموا ما أوجبه، قال الإمام “الفقيه” الإبراهيمي:

كتمانها غبن وغش وضرر لا تنس “حوا” إنها أخت الذّكر

ومنعها من الكتاب والنظر لم تأت فيه آية ولا خبر

ومن يقل في علمها غيّ شر فقل له: هي مع الجهل أشر

وقال أحد الشعراء “المتفيقهون”، الذين هم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون مالا يفعلون:

علّموهنّ الغزل والنسيج والرّدن وخلّوا كتابة وقراءة

فصلاة الفتاة بالحمد والإخلاص تجزي عن يونس وبراءه

والحمد لله، فبناتنا اليوم يتعلمن في جميع مراحل التعليم، وكثير منهن متفوقات على إخوانهن من الذكور، وينلن عن جدارة واستحقاق الجوائز القيّمة.. وإننا ندعوا بأعلى أصواتنا إلى العودة إلى الفصل بين الذكور والإناث في المتوسطات والثانويات والجامعات..

وأما صاحبة هذه المقولة: “بعد ربي.. المعلم” فهي السيدة والدة الأخ علي بن فليس، التي لم يقدّر لها – كأمهاتنا- أن تقوم بواجب طلب العلم، ولكنها كانت أشد حرصا على أن يتعلم أبناؤها، فكانت توصيهم بهذه الجملة المملوءة “إيمانا وعرفانا”، (أنظر: علي بن فليس: إلى هؤلاء الذين أناروا لي عبقرية لسان العرب، ص:8)، وهو الكتاب الذي خصّصه لمن تشرّف بالتتلمذ عليهم في مدينة قسنطينة، وقد تشرّفت بمعرفة اثنين منهم، وتعلمت عنهما، وهما الدكتور موهوب مصطفاي، والأستاذ محمد العمراني.

إن قول هذه المرأة البسيطة يدل على قيمة العلم ومكانة المعلمين في الضمير الجمعي لأمهاتنا خاصة في أبشع فترات تاريخنا، وهي فترة الوجود الفرنسي الصليبي القذر في وطننا، فحرصن على الثأر من الجهل ببذل قليل موجودهنّ في سبيل وجود أبنائهن بتعليمهم.

أشكر الأخ سي علي على ما أتحفني به مما كتبته يده عن هؤلاء الأساتذة الكرام، وعن والده الشهيد التهامي بن فليس، المدعو سي بلقاسم.. فرحمة الله على معلّمينا وشهدائنا الميامين الذين بجهادهم واستشهادهم، صرنا إلى ما نحن فيه من نعيم، فنشكر الله عليه ونطمع أن يزيد.

الرأي

“بعد ربي.. المعلم”

محمد الهادي الحسني

2024/10/09


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة