تبارك الذي بعث في الأمة الإسلامية، انتفاضة المقاومة الإسلامية، فانبثقت من المقاومة الإسلامية معجزة الفصائل الفلسطينية.
وتبارك الذي أظهر للعالم، طوفان الأقصى بقيادة كتائب القسام، معززة بسرايا القدس، وبالجهاد الإسلامي، وبمقاومة حزب الله، وأنصار الله، فمكّنت جميعها من إعادة ميلاد القضية الفلسطينية، بعد أن ظن أهلها أنهم غير قادرين عليها.
إذ تمر اليوم، سنة على ميلاد طوفان الأقصى، فإن الحصاد الذي تحقق، هو التنبؤ بزوال الكيان الصهيوني من الوجود، بعد أن كان يوصف بأنه “الجيش الذي لا يقهر”.
إن طوفان الأقصى، لم يعد مجرد عنوان، وإنما صار رمزا لتبديد الكيان، وأنه معركة وجود بفضل الصمود.
لقد اضطلع بطوفان الأقصى، رجالٌ لنا أولو بأس شديد، أعادوا رسم معالم الصراع، فغيّروا في عقول الجميع كل الطباع، وحققوا ويحققون كل يوم، المزيد من الإبداع، الذي غدا مثلا لنوره الجياع في كل البقاع.
وبإمكان المحللين المنصفين، أن يدركوا كم أحدث طوفان الأقصى، بعد عام من النزال، أنواع الانقلابات التي حولت الكيان الصهيوني من جيش يتبجح بالتحدي في ساحة القتال، إلى فلول من المولين الأدبار، يلوذون بالفرار.
نجح طوفان الأقصى إذن بعد تجربة عام من المقاومة، إلى إسقاط كل أفكار المساومة، وجلب كل التأييد ممن كانوا مدمنين على تأييد الصهاينة، بالإدمان والمداومة.
إن المحللين لواقع إسرائيل اليوم، وفي ضوء تجربة عام من تجربة طوفان الأقصى ليدركون جملة من النتائج التي أسفرت عنها التجربة وأهمها:
القضاء على أمن اليهود ورفاهيتهم فقد سكنوا المطارات وملأوا الطائرات، نحو كل الاتجاهات.
مكّن طوفان الأقصى لأول مرة اليوم، من الحديث عن قرب زوال إسرائيل، وما كان يقال همسا، أصبح يعلن بصوت عال، وفي مختلف المحافل، والمنابر والفضائيات.
ضرب طوفان الأقصى أروع أمثلة البطولة والتضحية والفداء، فكشف عن خذلان، وتواطؤ، وخيانة بعض العرب المتصهينين، الذين أسقط عنهم ورق التوت.
كشف طوفان الأقصى، عن ازدواجية المعايير لدى الغرب الظالم، فأبان عن أحكامه في قضية أوكرانيا، وفي قضية فلسطين، التي أصبح الصهاينة يتبجحون، من دون حياء، أنها معركة دينية تحتكم إلى التلمود، وأن نصوص التلمود تحث على قتل كل كائن مسلم حي، حتى ولو كان مولودا جديدا.
حوّل طوفان الأقصى الأحكام السائدة إلى صالح القضية الفلسطينية، فالشباب الجامعي، والمثقفون النزهاء من مختلف الإيديولوجيات والقناعات أصبحوا يسلّمون بحقوق الفلسطينيين في حقهم في تحقيق دولتهم في أقرب وقت.
وما هذه التعبئة التي يشهدها لبنان واليمن والعراق، إلا نتيجة ما زرعه طوفان الأقصى، فأثبت به في عام ما عجزت عنه السياسات العجاف من الأنظمة العربية الخائرة الجائرة.
ولا عبرة، بالأصوات النشاز التي تتعالى اليوم، منادية بالتجزيئية المذهبية، أو الطائفية الإقليمية في معركة فلسطين، إن العكس هو الذي تحقق، فالوحدة الإسلامية في المعركة مطلوبة اليوم، قبل كل يوم، وكل خلاف على أي أساس كان، هو مؤجل إلى ما بعد معركة الطوفان، وليذكر الجميع أن سهام العدو الصهيوني، وتوجيه صواريخه وطائراته، هو عنوان تضامن العرب والمسلمين الشرفاء، وأن كل ما يندد به العدو الصهيوني فذلك هو الحق المبين.
نريد للمؤمنين بقضية فلسطين العادلة أن يترفعوا عن الوقوع في الفتن الطائفية والمعارك المذهبية، فالصهيونية في قمعها الأعمى، لا تفرق بين سني أو شيعي.
فسلام على قمع يوحد بيننا وأهلا وسهلا بعده بجهنم
وما حققه حزب الله من إرسال لصواريخ زرعت الخوف والرعب في قلب فلسطين، لمثلٌ رائع ينبغي أن يشاد به، وأن نرفع له القبعة، وما اغتيال كوكبة من قيادة حزب الله على أيدي الصهاينة إلا تأكيد لصحة ما نقول.
ثم إن ما قام به أنصار الله الحوثيون من استهداف، لمراكز حيوية في قلب تل أبيب، ألا يؤكد على وجاهة ومنطقية ما نقول، لقد بث هذا الموقف الرعب في قلوب الصهاينة، ودفعهم إلى هجرة مساكنهم، وفي ذلك معنى وعبرة، تضاف إلى انتصار طوفان الأقصى.
ولا ننسى العراق وضرباته السديدة، ومسيّراته الدقيقة، وكلها عملت على إشغال العدو بنفسه، وإلهائه –ولو جزئيا- عن حرية الإبادة في غزة.
وتبقى معركتنا المزدوجة مع الغرب الصهيوني، والعرب المستغربين والمتصهينين، فتلك قضية ذات ذنب طويل.
وإذا لم يفق بعض العرب والمسلمين ممن لا يزالون في ضلالهم القديم، إذا لم يفيقوا من ذهالهم، فإننا نكلهم إلى الله وإلى شعوبهم كي يسلطوا عليهم الضربات القوية، حتى يعيدوهم إلى رشدهم.
إن القضية اليوم قضية معادلة لا تقبل القسمة، فإما الوقوف في خندق المقاومة المؤتمن على مستقبل الأمة وتحقيق ازدهارها، وانتصارها، وأما الانحياز إلى خندق العدو، وما ينتج عن ذلك من انكسار وانهيار وانحدار، وما يصاحبه من لعنة الأجيال، والحشر مع الأنذال، ومصير أبي رغال.
أما من جانبنا، فإننا نؤمن بأن الصباح قد لاحت خيوط تباشيره، وويل لمن لم يعانقه ضوء الحياة كما يقول الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي.
إن الحسم في مصير القضية الفلسطينية قد أصبح قاب قوسين أو أدنى، وأن النصر صبرُ ساعة، وبالرغم من التضحيات الجسام، واغتيالات العظام، وحقد الصهاينة اللئام، فإن النصر قد كتب لكتائب القسام، ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾[سورة آل عمران، الآية 139].
على أن هذه الانتصارات الوشيكة، إنما هي حافز لنا، على بذل المزيد من الدعم، والتعبئة والصبر على الأذى، وفي الصباح يحمد القوم السُّرَى.
لقد شهد لطوفان الأقصى، بالبطولة والشجاعة وتحقيق النصر، كل المنصفين من المحللين، والباحثين، ولا عزاء للمثبِّطين، والخائرين، فإن الطوفان سيجرف كل الأخشاب التي قد تعكّر صفو الجريان، ولن تكون العاقبة إلا للمخلصين، الصابرين، الأبطال، وبقدر ما تكون التضحيات، ستكون حلاوة النصر والفوز، ومن طلب الحسناء لم يغله المهر.
كشف طوفان الأقصى، عن ازدواجية المعايير لدى الغرب الظالم، فأبان عن أحكامه في قضية أوكرانيا، وفي قضية فلسطين، التي أصبح الصهاينة يتبجحون، من دون حياء، أنها معركة دينية تحتكم إلى التلمود، وأن نصوص التلمود تحث على قتل كل كائن مسلم حي، حتى ولو كان مولودا جديدا.
الرأي
حصاد الطوفان وحتمية زوال الكيان
عبد الرزاق قسوم
2024/10/09
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.