فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3333.62
إعلانات


إذا سَيّدٌ منا خلا قام سَيّد -ل- ا-د - عبد الرزاق قسوم

أكباد تَقطُر دما، وقلوب تَعتَصِر أَلَما، وأرواح تُزْهق عَدما، ذلك هو مشهد المأساة التي تتواصل حلقاتها الحزينة والمشينة في كل من غزة، والضفة الغربية، وجنوب لبنان.
الكيان الصهيوني الذي فقد كل رادع، وخلا من كل وازع، والذي أذهلته الضربات، وأضعفته الكمائن والمسيّرات، لم يجد من سبيل لنفث زفراته، سوى هدم العمارات، واغتيال القيادات، بعد قتل النساء، والأطفال، والأبرياء الآمنين والآمنات.
عجز الصهاينة –إذن- عن المواجهة في ساحة القتال، وجبُنوا عن المجابهة في معارك النزال، فلم يجدوا من وسيلة للتعويض عن خسائرهم سوى اللجوء إلى الختل، والغدر، والاغتيال، بتجنيد العملاء، والخونة الخِسّيسين الأنذال.
بعد مآس غزة وما أحدثوا فيها من دمار، وما هتكوا فيها من أسرار، وما قتلوا فيها من مختلف الأعمار، وما تكبدوا فيها –أيضا- من الخسائر والأضرار، على أيدي الأبطال الأحرار، هاهم قد قتلوا، وما قاتلوا، وتلك جريمة في الحرب عار.
بعد هذه الهزيمة النكراء في غزة العزة، يمّم الصهاينة الغُدّار وُجوه جيشهم المنهار، إلى جنوب لبنان، إذ كانت المقاومة الإسلامية لهم بالمرصاد، فأمطرتهم بالصواريخ البالستية، وأحرقت مراكز تجسسهم بالمسيّرات الانقضاضية، فلم يجدوا تعويضا عن ذلك، سوى اللجوء إلى الاغتيالات بعد استخدامهم أساليب الاختراق والاحتراق، للوصول إلى القادة العسكريين في أعلى رواق.
وهكذا استطاع الصهاينة باستخدامهم للترهيب والترغيب، وفي غفلة من المقاومة، أن يفتحوا ثغرات مريبة داخل التنظيم، مكّنتهم من الوصول إلى رصد حركات بعض القادة، الذين تصدت لهم بالقتل بمختلف المناطق والأقاليم.
أصابت النشوة ساسة الصهاينة، وقادة مخابراتهم، وعسكرييهم، عندما امتد ختلهم وغدرهم إلى بعض القادة، بدءا بالشهيد إسماعيل هنية، وانتهاء بالشهيد حسن نصر الله.

لقد ضربت المقاومة الفلسطينية المثل الأعلى في توحيد سلاحها، وتوجيهه إلى العدو المشترك، فكتائب القسام، وسرايا القدس، والجهاد الإسلامي، وحزب الله، وأنصار الله، وغيرها، قد توحدت كلها في مقاومة العدو الواحد الذي هدفه ابتلاع فلسطين الموحدة، أو تجزئتها ليسهل ابتلاعها.
فلتكن الوحدة، هي صمام الأمان، وهي الصخرة التي تتحطم عليها أحلام الأعداء، والمتربصين بوحدتنا.

صحيح أن موت العظماء، جرح لا يندمل، وقد يُحدث بلبلة في نفوس المقاومين، ولكن الذي يجهله الصهاينة الأعداء وحلفاؤهم، أن الجهاد أو المقاومة هو فكرة شعبية قبل أن تؤول إلى زعامة فردية.
لذلك فإن موت الفرد، مهما علت مكانته، ومهما تجسدت رمزيته، لن يستطيع بموته القضاء على الفكرة المتجذرة في النفوس، والمكتوبة بالدماء في التروس، بل إن في موت الزعماء، إحياء لمبادئ التضحية، وتقديم المثل على تعبيد الطريق نحو النصر والحرية، وقديما قال العرب في مجمل حكمهم:
إذا سيّد منا خلا قام سيّد قؤولٌ لما قال الكرام فعولُ
استشهد إسماعيل هنية المفاوض، فجاء يحيى السنوار المقاتل، ويستشهد اليوم حسن نصر الله، فيخلفه أحد الذين نشأوا على عينه، فيطبعه الوفاء، ويميزه حسن الأداء، ففي استشهاد هؤلاء القادة، موتٌ للعَمالة، والجبن، والخيانة، والتطبيع، والإهانة، ولا نامت أعين الجبناء والعملاء.
يا آل إسرائيل، لا يأخذكم الغرور
عقارب الساعة، إن توقفت
لابد أن تدور
موعدنا حين يجيء المغيب
موعدنا القادم، تل أبيب
نصر من الله، وفتح قريب
إن بيتكم –يا آل صهيون- أوْهَى من بين العنكبوت، وجندكم أجبن من ذبابة التابوت، وثقوا من أن استشهاد قادة المقاومة سيمثل نقطة تحول مفصلية، في تاريخ الجهاد الفلسطيني، والمستقبل كشاف.
يحدث كل هذا وسط تبلد ضمير، وتوقف في المسير، ولا مبالاة من العشير، فأموالنا مرصودة، وجيوشنا موؤودة، وإرادتنا محدودة، ورب ضارة نافعة، ففي النكبات، والمحن التي نعيشها في غزة، وفي لبنان، وفي مناطق أخرى دروس وعبر، لمن كان له قلب ونظر، ويمكن التركيز على أهمها:
1- لم يوحدنا ديننا الحنيف، وهو دين التوحيد والوحدة، ووحَّدنا العدو الصهيوني، بقمعه وظلمه، وبوحشيته وهمجيته، فجعل قلوب شعوبنا، تنبض كلها بذكر المقاومة، وتكفر كلها بالتطبيع، وسياسة المساومة.
2- أسقطت معركة المقاومة أو أجلت جدل الخلاف المذهبي، فتوحدت السنة والشيعة داخل خندق واحد هو خندق المقاومة، والدليل أن الشهيد أبا العبد إسماعيل هنية، استشهد في الفضاء الشيعي، وأن الشهيد حسن نصر الله، استشهد وهو يقاتل تضامنا مع المستضعفين السُّنّة.
3- إن استشهاد القادة في المقاومة، هو عربون إعطاء المثل في التضحية وبذل النفس، فتقدم القادة في الصفوف الأولى من المقاومة هو أحسن مثل يتعلمه الجندي من شجاعة قائده.
إذن، فإننا مُقبلون على المرحلة الحاسمة من معركة تحرير فلسطين، صحيح أنها ستكون مرحلة مليئة بالمفاجآت المختلفة، ولكنها ستكون فاصلة، في الفصل بيننا وبين هذا العدو المتوحش الذي لا تحكمه قيم ولا يستند إلى مبادئ.
والمطلوب في هذه المرحلة الحاسمة الإعداد، والاستعداد، والإمداد، والإنجاد، فلنستعد جميعا لمتطلبات المعركة الفاصلة، ومن متطلباتها، التخلي عن التجزيئية بجميع أنواعها، بدءا بالتجزيئية المذهبية، وانتهاء بالتجزيئية الإيديولوجية والسياسية.
لا مكان في فلسطين المنشودة للمتخاذلين والمساومين والمطبعين، لأن الاستقلال الذي سيكون ثمرة البذل والتضحية، يجب أن يؤتمن عليه المؤمنون بثمنه، المقدرون للتضحيات التي بذلت في سبيله، والواعون بخطورة التحديات التي ستكون سهاما للمساس بسيادته، أو إعادة سلبه، ونعوذ بالله من السلب بعد العطاء.
إن المعركة التي وحّدتنا في مرحلة المقاومة يجب أن تكون هي الضامن لمكاسب نصرنا والحفاظ على وحدة شعبنا.
لقد ضربت المقاومة الفلسطينية المثل الأعلى في توحيد سلاحها، وتوجيهه إلى العدو المشترك، فكتائب القسام، وسرايا القدس، والجهاد الإسلامي، وحزب الله، وأنصار الله، وغيرها، قد توحدت كلها في مقاومة العدو الواحد الذي هدفه ابتلاع فلسطين الموحدة، أو تجزئتها ليسهل ابتلاعها.
فلتكن الوحدة، هي صمام الأمان، وهي الصخرة التي تتحطم عليها أحلام الأعداء، والمتربصين بوحدتنا، ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾[سورة الروم، الآيتان 4-5].

إذا سَيّدٌ منا خلا قام سَيّد

عبد الرزاق قسوم

2024/10/02


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة