قم يا رسول الله تَرَ! / ل-ا د - عبد الرزاق قسوم
يا رسول الله! يا معلم الإنسانية الخير، ويا داعيا إلى الحُب بين المسلم والغيْر، ويا زارع الحَبِّ، للحمام وللطير.
ونحن في ذكرى مولدك العطر، وفي غمرة ما تعانيه الإنسانية من مأساة، ومن خطر، نلوذ بحماك، وبقيمك، لننهل منها ما أمكن من المعاني والعِبر.
لقد غدوت –يا نبي الله- مضرب المثل للمؤمن وغير المؤمن، فلم تعد في حاجة إلى براهين تثبت عظمتك، ولا إلى دلائل تدلّل على صدق رسالتك.
لقد شهد لك عظماء الإنسانية، بأنك النبي لا كذب، من مايكل هارد الذي صنّفك –وهو غير المسلم- أول العظماء المائة من عظماء الإنسانية.
وهذه الأستاذة الجامعية كارين أرمسترونغ تخصص لك، وهي الكاثوليكية الملتزمة، كتابا بعنوان: “محمد نبيٌّ لزماننا”.
وهذا الشاعر رشيد سليم الخوري، اللبناني المسيحي، الملقب بالشاعر القروي يقول مخاطبا لك: “يا محمد! يا نبيّ الله حقا! يا فيلسوف الفلاسفة، وسلطان البلغاء، ويا محمد العرب والإنسانية، إن دينك دين الفطرة السليمة، وإنني موقن بأن الإنسانية، بعد أن يئست من كل فلسفاتها، وغلوها، وقنطت من مذاهب الحكماء جميعا، سوف لا تجد مخرجا من مأزقها، وراحة أمرها، إلا الارتماء بأحضان الإسلام”.
ويضيف الشاعر القروي: “عندئذ يحق للبشرية، في مثل هذا اليوم [ذكرى المولد] أن ترفع رأيها، وتهتف ملء صدرها، وبأعلى صوتها: عيد البَرِيَّة، عيد المولد النبوي”.
ويختم شهادته بقوله:
يا قوم! هذا مسيحيٌّ يذكّركم لا يُنهِضُ الشرق إلا حُبنا الأخوي
فإن ذكرتم رسول الله تكرمة فبلّغوه، سلام الشاعر القَرَوي
ومن قبل هذا وهذه، صاح إمام النهضة في الجزائر وزعيمها الروحي عبد الحميد بن باديس في مقال له مشهور: “إلى محمد أيتها الإنسانية!”
يا رسول الله: هذه اعترافات عظماء البشر، من مختلف النِّحَل والفِكرْ، وقد أدركوا مكانة رسالتك، في عالم البشرية، الذي ضجت بمآسيه كل الفجاج، وها هو يغرق في بحر من الدموع والدماء.
قم تر يا رسول الله، ماذا أصاب العالمين وأنت خير المرسلين، وماذا حل بأمتك، وأنت خير المنذرين.
لقد تنكَّر الإنسان لإنسانيته، فتحوَّل إلى أسوأ من الوحش في الغاب، يفترس كل من يصادفه، ويشيع بين الناس قانون التوحش والإرهاب.
وقم يا معلمنا الأول، لترى ما حل بأمتك، بعد عز الإسلام، ونبل الإيمان، هاهي تسام الخسف والهوان ممن هم دون مستوى الحيوان.
الشاعر رشيد سليم الخوري، اللبناني المسيحي، الملقب بالشاعر القروي يقول مخاطبا لك: “يا محمد! يا نبيّ الله حقا! يا فيلسوف الفلاسفة، وسلطان البلغاء، ويا محمد العرب والإنسانية، إن دينك دين الفطرة السليمة، وإنني موقن بأن الإنسانية، بعد أن يئست من كل فلسفاتها، وغلوها، وقنطت من مذاهب الحكماء جميعا، سوف لا تجد مخرجا من مأزقها، وراحة أمرها، إلا الارتماء بأحضان الإسلام”.
فاحتلال الأرض، وهتك العرض، وترك الفرض، هو ما يميز المسلمين اليوم في مختلف الأوطان، من الروهينغا، إلى فلسطين، مرورا بالسودان.
من كان ذليلا تنمّر، ومن كان جبانا تأمّر، ومن كان تقيا قد تخمّر، فساد القمع والإرهاب، وشاع الظلم، والفساد، والتميع وضياع الأنساب.
الذين كُتبت عليهم الذلة والمسكنة بوعد من الله، يخوضون حربا إبادية ضد أحبّاء الله، وعلى مرأى ومسمع، بل وأحيانا بتواطؤ من المؤتمنين على حدود الله.
هذا شعب فلسطين في غزة، بقيادة كتائب العزة، يتصدى لأبشع وأقذع ما عرفت البشرية، من الجنس الذي لا يتورع عن الرقص على جثث الشهداء الأبرياء.
لا تأسفن على غدر الزمان لطالما رقصت على جثث الأسود كلاب
لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها تبقى الأسود أسود، والكلاب كلاب
أسود المقاومة الفلسطينية، المستلهمة من مبادئ وقيم الرسول الأعظم، تخوض أعظم وأنبل الملاحم، ضد العدو الصهيوني الجبان، فكبدته الهزيمة والخُسران، وأذاقته الويل ولهيب النيران.
وعلى العكس من ذلك يهرول البعض منا لمواساة الأعداء، بتقديم الدعم وإعلان الولاء، في العلن، وفي الخفاء، في حين يمنعون من شعوبهم، أبسط مظاهر التأييد ولو بالدعاء، أيرضيك يا خير البشرية أن يتمرد بعض قادة أمتك عن جوهر رسالتك، فيتحالفون مع المحتلين الأعداء، بإبرام صفقات التطبيع، في مقابل ما يقوم به العدو ضد إخواننا من ترويع وتجويع، ومن تهجير وتدمير؟
قم تر، يا رسول الله، ما حل بغزة العزة من دمار، وما يلاقيه من بعض حكام أمتك من عار وشنار.
قم فاشهد يا نبيّ الله، ما يصيب المؤمنين في جنوب لبنان، على يد العدو الصهيوني الجبان.
ولكننا نبشرك، يا ملهم الناس الحق، بأن الحق هو المنتصر رغم الدموع والدماء، ورغم الجثث والأشلاء، فإن الأعداء يتكبَّدون على يد ﴿عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾، يتكبدون هول الصواريخ، ويعانون الجزع والفزع في غزة، وفي لبنان، واليمن، والعراق، ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾[سورة المجادلة، الآية 21].
وبالرغم من الليل المظلم، ومن اشتداد القمع، فإن تباشير الصبح قد أطلت، وعلامات النصر قد أهلّت، فذلك ما يطمئن قلوبنا ونحن نحيي ذكرى مولد خير البشرية، فنزداد إيمانا به، وتعلقا بقيمه وشمائله.
ويزيدنا قناعة، بأننا ما تمسكنا بالإسلام وما بقينا محمديين، فلن نضِل ولن نذلّ، بل وكما تعلمنا منذ طفولتنا، على شاعر الجزائر محمد العيد آل خليفة:
بمحمد أتعلق وبخُلقه أتخلق
وعلى البنين جميعهم في حبه أتفوق
نفسي الفتية دائما من حبه تتحرق
وجوانحي مهتاجة ومدامعي تترقرق
أنا مسلمٌ أهوى الهدى بسواه لا أتحقق
بخلال أحمد أقتدي وبحبه أتمنطق
إن هذا النصر، الذي لاحت بشائره، ما كان ليتم –يا رسول الله- لولا إيماننا برسالتك، وتعلقنا بمبادئك.
وما كان لكتائب القسام، أو سرايا القدس، أو الجهاد الإسلامي، أو حزب الله، أو أنصار الله، ما كانوا ليحققوا هذه الانتصارات لولا تشبُّثهم بالقرآن وتنزيل أحكامه على أعمالهم، واتخاذه قانونا في حربهم وفي سلمهم.
هذه بشارة الاحتفال بذكرى مولدك، يا رسول الله، ونعاهدك على أننا سوف نبقى أوفياء لعهدك، مؤمنين بنهجك، ثابتين على وعدك وجهدك.
﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُحْسِنُونَ﴾[سورة النحل، الآية 128].
الرأي
قم يا رسول الله تَرَ!
عبد الرزاق قسوم
2024/09/25
ر
الرأي
قم يا رسول الله تَرَ!
عبد الرزاق قسوم
2024/09/25