بهذا نبني مستقبل أمّتنا بقلم: الشيخ محمّد الغزالي –رحمه الله-
الرأي
بهذا نبني مستقبل أمّتنا
بقلم: الشيخ محمّد الغزالي –رحمه الله-
2024/09/14
أحب أن أصارح المسلمين بأمر ينبغي أن يصارَحوا به؛ أن مستقبلهم يجب أن يصنع في بلادهم وعلى أرضهم، وبأخلاقهم وكدحهم.. إن أخلاق التسول السياسي والاجتماعي التي هيمنت على الأمة العربية من أمد غير بعيد، جعلت أمتنا تنتظر أن يبت في مستقبلها زعماء البلاد الأخرى، وقد رأيت كثيرين ينتظرون اجتماع زعماء البلاد الأخرى ويتصورون أن ذلك قد يتأثر به مستقبلهم هنا، أو يبت في أحوالهم وشؤونهم.
أريد أن أقول: إن الأمم التي تبني مستقبلها على التسول لا تصلح للحياة.. مستقبل الأمة الإسلامية لا يصنعه إلا المسلمون في القاهرة ودمشق، في مكة والمدينة، في بغداد، وأم درمان، ومراكش ، وكل بلد إسلامي، وكل عاصمة إسلامية، نحن وحدنا الذين نصوغ مستقبلنا.
وما يغيظ في الأمر كله أن أهل الأرض يذهبون حيث يذهبون بما عندهم من عقائد؛ الرجل الشيوعي ما فكر قط أن يقول: إنني متنازل عن الشيوعية، أو سأغير بها، أو سأغير تطبيقها في بلدي.. عميد الصليبية في العالم ما فكر قط في أن يغير من تدينه، ولا من مسلكه ولا من حركته، ولا من وجهته.. كل إنسان ينطلق، يتحرك أو يسكن، وهو صورة لدينه، إلا المسلمون يسلخون دينهم جانبا ويحاولون أن يفكروا، كأنهم جنس آخر بعيد الصلة بالدين.
المعركة تدور على مستقبل الإسلام، على قتله على اجتثاث جذوره! على قبر أمته! المعركة تدور على هذا! الحركة الأولى للنصر أن يعرف المسلمون هذه الحقيقة، وأن يتشبثوا بالإسلام، وأن يقولوا سنبقى بديننا وعليه، ونقاتل دونه حتى نلقى الله، هذه هي الخطوة الأولى في النصر، وهي الخطوة التي نحتاج أن نخطوها الآن.
أما أن كل ذي ملة يعتز بملته، والمسلمون وحدهم هم الذين ينكمشون عن عقائدهم، وعن شرائعهم، وعن مثلهم العالية، فهذا مالا يطاق وما لا يمكن أن يقبل، وما لا يمكن أن يحفظ به مستقبل. مستقبلنا مرتبط لا بلقاء الصغار والكبار هنا وهناك، بل مرتبط باصطلاحنا مع الله، وعودتنا إلى الإسلام، وتطبيقنا لتعاليمه، وكما قلت: إنني متفائل، وإن لتفاؤلي أسبابا حقيقية لا أوهاما أتخيلها.
إن الشباب المؤمن يلقاني في كل مكان، وهو حريص على مرضاة ربه، يريد أن يؤدي واجبه، إن قوى الإيمان شعرت بخطر داهم يريد الإجهاز عليها، وذلك مما حرك خصائص المقاومة فيها، وجعلها تستيقظ من سباتها، وتستأنف في ثبات أداء واجبها لإرضاء ربها.. إن الزمن جزء من العلاج! وربما طال الزمن أو قصر، ولكن المهم أن نثبت وأن نؤدي ما علينا. (خطب الشيخ محمد الغزالي).