الإرادة الفلسطينية أقوى من قنابل MK 84/ محمد سليم قلالة
وتتحدث الولايات المتحدة الأمريكية عن سعيها لوقف إطلاق النار بغزة… ويتحدث وزير خارجيتها في لندن رفقة نظيره البريطاني أنَّ ما حدث في “مواصي خان يونس” أمس صادم، وهما اللذان يدفعان بأسلحتهم الفتاكة للكيان للقيام بجرائمه، آخرها قنابلMK 84 الأمريكية الضخمة التي ألقيت على خيم فلسطينية هشة مصنوعة من البلاستيك وتركت دمارا غير مسبوق بعمق 10 أمتار وعرض 15 مترا، خَلَّف عشرات الشهداء ومازال البحث عن عدد منهم متواصلا إلى الساعة من هول الانفجار!!
وليست هذه المرة الأولى التي تُلقَى فيها مثل هذه القنابل زِنة 925 كلغ من على رؤوس الفلسطينيين الأبرياء، سَبَقَ أن أُلقيت في 18 من أكتوبر العام الماضي على المستشفى المعمداني وقتلت في لحظات قليلة أكثر من 500 من المرضى والطواقم الطبية من بينهم 250 طفل وامرأة.. وأُلقيت في أكثر من منطقة، وزعم الرئيس الأمريكي بايدن بعدها، أنه منع بلاده من تزويد الكيان بها!!!
وليست هذه المرة الأولى التي يتعاون فيها المجرم الصهيوني المُنفِّذ مع صانع السلاح الأمريكي والبريطاني والغربي لِقتل شعب أعزل ثار في وجه الاحتلال للدفاع عن حقه في الحرية والاستقلال…
وليست هذه هي المرة الأولى التي تقف فيها الأنظمة العربية المطبِّعة والسائرة في طريق التطبيع موقف المتفرج، وتردد على مسامعنا أسطوانة “إنما الكيان الصهيوني يريد تدمير “حماس” لا الشعب الفلسطيني!!!، وليست هذه هي المرة الأولى التي يُردِّد بعض إعلامييها وساستها ودُعاتها المزعومين ذات الكلام بأن الجاني هو حركة المقاومة وليس العدو الظالم…
وفي كل مرة نكتشف الحقيقة، ونعرف بلا مجال للشك كم هي عظيمة معركة طوفان الأقصى، كم هي مفصلية في تاريخنا المعاصر، عَرَّت الغرب كما عَرَّت عُملاءه وأذنابه وأدواته، وفي ذات الوقت أبانت عن مدى استعداد الشعب الفلسطيني الأبي للتضحية والفداء، ومدى صبره على الشدائد من جوع وعطش وقر وحر، واستعداده لمواجهة أقوى أسلحة العالم بصدور عارية، ومدى صلابة إرادته وإصراره على التمسك بأرضه وسقي كل بقعة فيها بدمائه الزكية حتى تتحرر من دنس الأعداء..
وأكبر حقيقة اكتشفناها هذه المرة من خلال هذا الاستخدام الواسع للأسلحة الفتَّاكة، أن الأمر لا يتعلق بتصفية هذا الفصيل أو ذاك من فصائل المقاومة، إنما بتصفية شعب بأكمله وتهجيره من أرضه إن كان في قطاع غزة أو الضفة الغربية أو الأراضي المحتلة سنة 1948. الهدف هو تهويد فلسطين، ثم تهويد كل المنطقة والهيمنة عليها..
إذا لم تتم مراجعة جميع سياساتنا على هذا الأساس، إذا استمر البعض يَنشُد عدالة أمريكا أو الغرب، أو استمر يُمنِّي نفسه بحل الدولتين، ضمن حدود سنة 1964 فإنه واهم.
ما يقوم به الكيان اليوم هو إبادة جماعية لكل سكان فلسطين، وعمل ممنهج لِإحداث تغيير ديمغرافي غير مسبوق بها بقوة السلاح الفتاك بتواطؤ من الغرب وقادة التطبيع، وتحت غطاء محاربة حماس!!
إن الضربات الجوية الأخيرة على مواصي خان يونس، ليست مُوجَّهة أبدا لاستهداف بعض القادة، إنما هي موجهة لقتل وترويع أكبر عدد من الفلسطينيين لعلهم يهجرون الديار ذات يوم… وهو الذي لن يحدث بإذن الله، إذ كلما ارتقى شهيد قام بدله شهيد، وما انتصرت أبدا، وعبر التاريخ، قوة ظالمة على إرادة مؤمنة إيمانا راسخا، ولن تنتصر مثل هذه القوة الظالمة اليوم في فلسطين بقنابل MK84 أو بغيرها من الأسلحة الأكثر فتكا.. إيمان وإرادة الشعب الفلسطيني أقوى…