بداية العد التنازلي للكيان الصهيوني--ل- ا.د - عبد الرزاق قسوم
أيام الفلسطينيين في غزة، صحائف بيضاء، ما فتئوا يسجلون فيها كل يوم وقائع، بالدم والدموع، لتقريب ساعة النصر، وإسقاط جيش العدو الصهيوني في مختلف الكمائن والحفر.
وتلك عاقبة كل من تسوّل له نفسه السطو على الأغوار، وهدم الأسوار، والتنكيل بالعزل الأحرار، والاستهانة باستراتيجية أبي إبراهيم يحيى السنوار.
فالصهاينة المعتدون، يلعقون جراحهم في كل شارع، وفي كل حي من أحياء غزة، الذي ينبض فيه بالحياة، كل ذكر، وكل أنثى، وكل طفل، وكل شيخ أبيّ.
فعلت الأنفاق فعلها، في معركة الانعتاق، فكتبت بدماء الرفاق، أروع معارك الإشراق، والتطلع إلى رفع الأعناق، والخروج من هوة الأعماق، لينعموا بحياة النعيم وبدء الانطلاق، وما كان للفلسطينيين، أن يسجلوا بدمائهم الغالية، هذه الصفحات العالية، لولا كتاب من الله سبق، ولولا جيل من المقاومين صدق، ولولا سلسلة من الإحباط، أحاطت بالعدو، فانسحق.
ظل الجيش الصهيوني، يخادع الجميع، بأنه الجيش المستعصي على الهزيمة، وأنه المتعود على العودة دوما بالغنيمة، وأنه الذي يمرغ، في التراب، الجيوش العربية، التي كانت تبوء في النهاية باللؤم، وبالنتيجة اللئيمة.
غير أن الصهاينة أفاقوا، هذه المرة، في ملحمة غزة، على مرحلة جزرهم بتشتت شملهم، وتمرد جيشهم، وتفرق جمعهم، بأسهم بينهم شديد، تحسبهم جميعا، وقلوبهم شتى.
فمن يتأمل –اليوم- خارطة الواقع الصهيوني الدخيل، تهزه هذه المشاهد التي تقض مضجعه، من غزة، إلى الخليل، والتي يعاني فيها الخوف والفزع، وكل أنواع التضليل، والذل والمصير الذليل.
فقد تكاثرت السهام، والصواريخ على الكيان الصهيوني، الذي يأتيه الموت من كل جانب، فتتكاثر صفارات الإنذار في كل مدنه وقراه، وتطوقه التهديدات من مختلف المؤسسات والمنظمات التي تهدده بدنو أجله، وقرب منفاه.
فإضافة إلى نيران المقاومة الفلسطينية بمختلف كتائبها وأسلحتها الفتاكة، هناك أسر الأسرى، الذين يبيتون هجعا، في انتظار خبر موتهم، أو الاطمئنان على مصير أسراهم. وهناك المعارضة داخل جيشهم، وكيانهم، التي تهدد وجود استقرارهم، بسبب السياسة الهوجاء، بقيادة “ناتن ياهو”.
أذن الله –إذن- بأفول شمس المتطرفين العنصريين بعدما عاثوا في غزة فسادا، وجربوا في ديارها وأبنائها، سلاحا وعتادا، وأمعنوا غدرا في اغتيال مقاوميها، جنودا وقيادا.
كما أذن الله، بطلوع فجر المستضعفين، بعد أن أخذوا بالأسباب، وربطوا على الألباب، وأقدم كل واحد منهم على الموت، غير خائف ولا هيّاب، فحققوا النصر المهاب، بالنضال الغلاّب، والدعاء المستجاب.
تلك هي معاناة المحتلين المعتدين الظالمين من شر الهزائم، والانكسار، والحكم عليهم بحياة السوائم وشر الأشرار، وانتصار أصحاب الحق الأبرار، من أبناء كتائب القسام الأحرار، بقيادة إخوان هنية، ومحمد ظيف، ويحيى السنوار.
إنها المعادلة التي عجز المراقبون، من قبل، على فكها، لأنها اتسمت بدعم المعدات، وتمويل المنظمات، وتأييد المخابرات، واستخدام أسلحة النقض، و”الفيتوات”، لجلب الإقناع في حلبة الانتخابات، فما نفع ذلك كله، أمام سطوع شمس الحق، الذي غمر بأشعته كل القلوب والعقول، وعبأ للدفاع عنه، العقلاء، والحكماء، والمثقفين، والجامعيين، وذوي الأصول.
ومن الأسباب الربانية التي ساقها الله لنصرة القضية الفلسطينية، محاولة أغبياء الصهاينة، إقحام اقتحام المسجد الأقصى الشريف، القبلة الأولى لكل مسلم حنيف، فكانت هذه الواقعة الاستفزازية الصهيونية، دليل إثبات على تبكيت زاعمي الدفاع عن الأقصى، وما أكثرهم، وعجزهم عن اتخاذ أي موقف نبيل، واكتفائهم بالصمت المخيف والسخيف.
فما أكثر مؤسسات القدس في أمتنا، وما أكثر القائمين على الأقصى الشريف لدى مؤسساتنا، ولكن عندما حان الحيْن، وطفح الكيل، عددُت قومي كعديد الويل.
أطفأت أضواء الصهاينة، يد الله العلية، فما أغنت عنهم أسلحتهم، ولا حمتهم صواريخهم وطائراتهم، فباءت بالفشل كل المناورات في المفاوضات، وانعكست بالهزائم، على ذوي المؤامرات.
وسيان أن تؤدي المفاوضات الحالية، -التي هي أصلا في مأزق- إلى وقف للحرب أم لا، فإن حكم الله، قد حكم بزوال الكيان الصهيوني في أقرب الأوقات.
وما هذه العراقيل التي يضعها متطرف الكيان الصهيوني، والتي يهدف بها إلى نسف المفاوضات، إن هذه العراقيل لن تضيف جديدا، لمصير القضية الفلسطينية.
ذلك أن المصير الحقيقي لفلسطين، هو الذي يصنعه أبناء وبنات فلسطين، بإرادتهم، وتضحياتهم، وأسلحتهم، واستشهادهم، فذلك هو حكم التاريخ، وتلك هي سنة الله، ولن تجد لسنة الله تبديلا.
وإذن، فإن صفحة جديدة من تاريخ فلسطين بل ومن تاريخ الأمة العربية والإسلامية قد بدأت، وسيضطلع في هذه المرحلة، بمصير الأمة فتية آمنوا بربهم وبوطنهم وزدناهم هدى، وربطنا على قلوبهم، ووهبناهم ثباتا، وتبصرة.
مطلوب من الجيل الصاعد، إذن، أن يعيد قراءة التاريخ، في ضوء تجارب الانعكاسات والانتصارات السالفة، وسيكتشف أبناؤنا، أن وجوها قد ابيضت، وأن وجوها أخرى قد اسودت.
وويل لمن اسودت وجوههم في التعامل مع التاريخ، إنهم أولئك الذين تصامموا عن سماع نداء المقاومة، أو الذين تواطؤوا مع العدو، بمختلف الأساليب، أو الذين أحجموا عن تقديم أبسط أنواع الدعم، ولو بالدعاء.
إن معركتنا، مع العدو الصهيوني معركة ذات ذنب طويل، والخاسر فيها، هو من باء بفشل ثقيل، وخزي ذليل.
فليستعد الأحرار، من أبناء وبنات فلسطين من الذين اكتووا بنار الاحتلال، وعانوا التشرد في الوديان، والتلال، وذاقوا مرارة الهدم، والتشريد، والاستشهاد، وقطع الأوصال.
وسواء أنجح هذا أم ذاك في الانتخابات الأمريكية القادمة، فإن هذا لن يغير شيئا من نتيجة فك المعادلة، فالساسة الأمريكيون محكوم عليهم بنصرة إسرائيل ظالمة أو مظلومة، وقد علمنا أن إسرائيل كانت وستبقى دائما هي الظالمة.
غير أن الأمة العربية، والإسلامية تملك أنجع سلاح، تستطيع به أن تفرض إرادتها، وهو سلاح الاقتصاد، ولغة الأرصدة لا الأرصاد، وحكمة حرية العباد فهذه هي التي يكون لها الحسم، في قضية التطبيع والمقاطعة، والتأييد والممانعة، فمرحبا بعالم سيشهد ميلاد دولة فلسطين الحرة المستقلة، ومرحبا بفلسطين الجديدة، التي لا يكون الولاء فيها إلا لله وللوطن.
فكفى خنوعا، وخضوعا، وإلى مزيد من السجود والركوع، لله، فهو واهبنا النصر، وهو الهادي إيانا إلى سبيل العزة والفخر، وأن البقاء –في النهاية- لن يكون إلا لأحرار الإرادة، والأمر، في مرحلة حاسمة، هي مرحلة بداية العد التنازلي للكيان القائم على الكفر، والغدر.
﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾.
لرأي
بداية العد التنازلي للكيان الصهيوني
عبد الرزاق قسوم
2024/09/04
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.