الثورة تعم فلسطين…ل- محمد سليم قلالة
في الوقت الذي ظنّ العدو الصهيوني أنه قد أباد سكان غزة، وبدأ يُوهم نفسه بنصر حاسم عما قريب.. اشتعل لهيب الثورة الفلسطينية في مناطق أخرى لم يكن يتوقع أن المقاومة بها هي بهذا البأس الشديد.
حاول خلال الأيام الخمسة الأخيرة أن يظهر بمظهر القوي القادر على الحسم السريع في الضفة الغربية، استخدم كافة قواه العسكرية، وحاصر مخيمات شمال الضفة بداية مستهدفا “كتيبة جنين” وبطلها الشهيد “أبو شجاع”، على أمل أن جنوبها مسيطر عليه وغير قادر على المبادرة… فإذا بدماء شهداء شمال الضفة تتحول إلى وقود يشعل جنوبها في وجه الاحتلال، وبدل العملية الواحدة عمليتان، وبدل قتل جندي صهيوني وجرح آخرين في مخيم جنين، يتم القضاء على عقيد وأكثر من أربعة جنود في “غوش غتصيون” و”كرمي تسور” قرب الخليل، بدون الإشارة إلى ما أخفاه العدو من خسائر. وفي هذا تجسيد ميداني لما وعد به أبو عبيدة، الناطق الرسمي باسم “كتائب القسّام” عندما أعلن قبل أشهر “أن تحرك الضفّة والقدس وأراضي الـ48 قادم لا محالة”، بما يعني أن معركة “طوفان الأقصى” بدل أن تظل محدودة الأهداف، تحولت إلى ثورة شاملة في فلسطين في مستوى الثورات التحررية التي عرفها العالم ضد الاستعمار البغيض، لن تتوقف إلا بعد تحقيق جميع أهدافها… وفي هذا المجال علينا أن نسجل المعطيات التالية:
– أولا: أنه كلما زادت همجية العدو الصهيوني، كلما زاد إصرار الشعب الفلسطيني على المقاومة، وكلما ارتقى شهداء أكثر في أرض المعركة، كلما ازدادت التضحيات وتنوعت أساليب الكفاح.
– ثانيا: أنه كلما اتسّعت جبهة الضفة الغربية، كلما تشتت قوى العدو وارتفعت لديه تكلفة الحرب وازداد يقينا بأنه سيهزم لا محالة، مهما زاد من وحشيته وظلمه وهي النتيجة التي حصدها كل المستعمرين الغربيين الذين سبقوه في السيطرة على الأمة الإسلامية وكانت الهزائم هي مكسبهم الوحيد.
– ثالثا: أنه كلما اتسعت جبهة الضفة الغربية، كلما قبرت اتفاقيات أوسلو، بل كلما أصبحت السلطة الفلسطينية قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، وإذا انهارت هذه السلطة، لن يصبح في الضفة الغربية مئات أو آلاف المقاتلين ضد الاحتلال بل أكثر من 100 ألف مقاتل كأقل تقدير، مما سيشعل ثورة حقيقية ضد نحو 200 ألف مستوطن تم تسليحهم من قبل الكيان بعد اندلاع معركة “طوفان الأقصى”.. وهذا ليس له سوى عنوان واحد: الطريق نحو التحرير.
-رابعا: أنه كلما اتسّعت هذه الجبهة، كلما انتقلت شرارة الثورة إلى الأراضي المحتلة سنة 1948، مما يدل أن الكيان الصهيوني سيدرك أخيرا أنه بدل ذلك الوهم الذي سبق “طوفان الأقصى” بأنه وصل إلى نقطة إحكام السيطرة على كل فلسطين وأدخل جميع دول المنطقة ضمن دائرة التطبيع، سيعرف حقيقة ثورة الشعوب وعدم استسلامها واستعدادها التام لاستعادة بالقوة ما أُخذ منها بالقوة..
هي ذي خلاصة أولية لقرابة عام من المقاومة الفلسطينية المسلحة ضد العدو الصهيوني، وهو ما يسعى هذا العدو لإخفائه، ومحاولة الظهور في مظهر القوي الذي مازال يمسك بزمام المبادرة..
كم فعلها قبله من محتل وظالم، وكم بشّر بنصره القريب، حتى إذا ما غلبت الإرادة والعزيمة والاستعداد للتضحية والتمسّك بالحق القوة العسكرية الغاشمة، عاد أدراجه مهزوما مدحورا، وكذلك سيكون مصير الصهاينة اليوم في غزة، وسيكون مصيرهم غدا في كل شبر من أرض فلسطين المحتلة.. وتلك الأيام نداولها بين الناس..