صمت مريب لا ريب -ل- عمار يزلي
في الوقت الذي تتزايد فيه الجرائم في الضفة الغربية ومحاولة إلحاقها عسكريا بالاحتلال، ودعوات لتحويلها إلى غزة، يتواصل العبث بكل القوانين الدولية والسكوت والإمعان في تخريب كل الحلول باتجاه الحل النهائي العادل للقضية الفلسطينية، في غياب شبه تام لأي موقف عربي وإسلامي موحد، لاسيما مع التمادي الصهيوني في تدنيس المسجد الأقصى والاقتحامات المتوالية والإصرار عليه وتمويله حكوميا، والتهديد ببناء كنيس داخله.
في هذا الوقت، تتبادر مواقف محتشمة للاتحاد الأوروبي بشأن احتمال فرض عقوبات على من يوصفون بوزراء التطرف اليميني في الحكومة الصهيونية، بعد فشل الولايات المتحدة في المساس بأية شعرة من مجرمي قطعان المستوطنين، بضغط صهيوني من الداخل والخارج.
في ظل كل هذا الصلف وهذا الازدراء بكل القوانين الدولية والانسانية، تبقى المؤسسات العربية والإسلامية بدون حراك فعلي، إلا ضمن “الوساطة”، في وقت لم تعد الوساطة تكفي ولا تشفي.
الجزائر، البعيدة جغرافيا، القريبة قلبا وقالبا من القضية، تعاني من جمود الموقف العربي في الجامعة العربية المنقسمة على ذاتها داخليا بسبب الاصطفاف والتشظي وتماهي بعض مواقف الدول والدويلات المطبعة مع أطروحات الكيان في عزل وسحق المقاومة الإسلامية أينما كانت، في غزة وفي الضفة وحتى في بلدان أخرى بعيدة المدى.
الجامعة العربية، لم نعد نسمع مواقفها، والعالم الإسلامي لا يتجاوز حدود الإدانة، في وقت، تعمل حكومة الكيان على محاولة محو الهوية لكل فلسطين التاريخية، أمام مرآى ومسمع العالم، المصطف خلف سردية الكيان على المستوى الرسمي: موقف، بدأ يترنح شعبيا، كون أن هذه الدول، تتحكم في مصائر حكوماتها الشعوب عبر ديمقراطية الصندوق، فيما لا يمثل هذا أي تأثير عندنا، كدول لا تراعي كثيرا مواقف شعوبها ولا حتى تستند إليها. هذه الدول، في الغرب، وعبر شبابها غير المؤطر ضمن سردية الطغم الحاكمة، نخب الشباب من الجيل الجديد، الذي صار اليوم أكثر قوة وأكثر تأثيرا، وغير مستبعد أن نرى تحولات في المواقف الغربية وحتى في الولايات المتحدة بشأن هيمنة الطبقة والنخب السياسية والمالية والسياسية على الإدارة ودواليب الحكم منذ تأسيس هذه الدولة.. وتلك الدول.
في الجزائر، الواقفة مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، الموقف موحد ومتماه حد التطابق مع موقف السلطة، والسلطة، سواء عبر الانتخابات البرلمانية أو المحلية أو الرئاسية، لن تجد أية مشقة في إثبات وقوف الشعب مع السلطة مع فلسطين وشعب فلسطين، بل الأكثر من ذلك، أن المزايدات الشعبية، تريد مواقف أكثر انخراطا رسميا إلى جانب الشعب الفلسطيني في غزة والضفة. هذا ما دفع رئيس الجمهورية، المرشح لعهدة ثانية، أن يقسم بالله أمام هتافات الجمهور أن الجزائر، من خلال موقفها وجيشها، قادرة على بناء 3 مستشفيات في غزة خلال 20 يوما وأن ترسل مئات الأطباء وأن تساهم في إعادة الإعمار، لكن هذا منوط بحل مشكلة الحدود بين مصر وغزة، وهو الأمر الأكثر إشكالية في كل هذا العدوان، الذي انتهي بسيطرة الكيان عسكريا على ممر صلاح الدين بين مصر وعزة، ويرفض اليوم إخلاءه تحت ذراع متعددة.
المسألة، مرتبطة بعمل عربي موحد أكثر صلابة وأكثر متانة من مجرد حل لمشكل حدود، لأنها قضية وجود، كما هو الشأن لكيان اليهود، هو ذات الشأن لشعب منكوب منذ 1948، مشرد، يعاني اليوم من تشريد ونكبة من جديد.
بالتأكيد، الموقف الجزائري داخل المؤسسات العربية والإسلامية، أكثر تقدما، لكنها لا ترغب في أن تزيد الطين بلة ويتفتت ما تبقى من عرى الأخوّة المفتتة أصلا.