غزة بين الوحشية الصهيونية، والحقد الصليبي الغربي! ل- أ. عبد الحميد عبدوس/
في سنة 1936 وصف زعيم النازية في العالم أدولف هتلر اليهود بأنهم أعداء للبشرية، وقال في خطاب له عنهم: «صدقوني لا ترحموهم اقتلوا صغارهم وكبارهم لا ترحموهم مهما تباكوا اقتلوهم في كل مكان لا أريد نسل اليهود على هذه الأرض، هذا النسل خرج ليدمر البشرية، لا يريدون التعايش معكم وينظرون لكم كعبيد، وعليكم قتلهم قبل أن يقتلوكم …»
في 2013 قال نائب وزير الأديان الصهيوني إيلي بن دهان إن: «الفلسطينيين ليسوا بشرا، وإنهم شعب لا يستحق الحياة وهم ليسوا سوى حيوانات».في جانفي 2024 انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، نشره الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي، تحدث فيه حول 3 أهم مبادئ تؤمن بها إسرائيل، فقال إن: «المبدأ الأكثر خطورة الذي يتلخص في التجريد الممنهج لإنسانية الفلسطينيين، وهو ما يجعل الإسرائيليين يعيشون بسلام لأن الفلسطينيين إذا كانوا بشرا مثلنا فلن تكون هناك حقًا مسألة حقوق الإنسان».
في15 أوت 2024، وبعد أكثر من 300 يوم على حرب الإبادة الصهيونية ضد الفلسطينيين، اعتبر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، أن «موت مليوني فلسطيني في قطاع غزة جوعا قد يكون عادلا وأخلاقيا لإعادة الأسرى الإسرائيليين».
في تحقيق لصحيفة (هارتس) الإسرائيلية جاء فيه أن جنودا إسرائيليين اتخذوا من مدنيين فلسطينيين دروعا بشرية، وقالوا بصريح العبارة: «حياتنا أهم من حياة الفلسطينيين». لا يبدو أن هذا التصرف الاستعلائي الصهيوني، والعبارات العنصرية، كان مجرد كلمات عابرة تلفظ بها جنود يهود خائفون في ميدان المعركة، ولكنها سياسة رسمية لجيش الاحتلال الصهيوني، ما دامت تتم بعلم ضباط الجيش الكبار، وحتى بعلم قائد أركان الجيش الصهيوني.
أصبح من الواضح أنه لا يوجد فرق يذكر بين الفكر الاستصالي النازي، والنزعة الإبادية الصهيونية. لكن المفارقة الصادمة هي أن ما يسمى ب «العالم الحر»، أو الكتلة الغربية الديمقراطية (الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الأوروبية) التي كانت قبل أكثر من 80 سنة تحارب الفكر الاستئصالي النازي، وتقف في مجابهته حتى لا يسيطر على العالم، صارت اليوم مؤيدة وشريكة في جريمة الإبادة التي تقوم بها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني. رغم إصدار مجلس الأمن الدولي لقرار أممي بوقف إطلاق النار في غزة، واتهام محكمة الجنايات الدولية قادة دولة الاحتلال الإسرائيلي باقتراف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وإعلان محكمة العدل الدولية عن قرارها الاستشاري بأن سيطرة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية هو احتلال غير شرعي مناف للقانون الدولي، وينتهك الشرعية الدولية، مازالت الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية تزود دولة الاحتلال الإسرائيلي بالوسائل الحربية التي تمكنها من مواصلة جرائمها الإبادية. بالتزامن مع هول المجزرة الوحشية التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر السبت 10 أوت 2024 بمدرسة التابعين في حي الدرج وسط مدينة غزة، والتي أدت إلى استشهاد أكثر من 100 نازح فلسطيني كانوا يؤدون صلاة الفجر في مصلى المدرسة، أعلنت الإدارة الأمريكية الإفراج عن 3.5 مليار دولار لصالح إسرائيل، لإنفاقها على أسلحة وعتاد عسكري أمريكي. هذا المبلغ المقدم مؤخرا من أمريكا لمساعدة دولة الاحتلال الإسرائيلي في حربها على غزة، هو على ضخامته ،مجرد قطرة في بحر المساعدات المالية التي أغدقتها الولايات المتحدة الأمريكية على دولة الإجرام الصهيوني،حيث تشير الأرقام إلى أن حجم المساعدات الأمريكية لإسرائيل وصل إلى 50 مليار دولار منذ السابع أكتوبر 2023.من المرجح أنه لو قدم هذا المبلغ المالي والمساعدات العسكرية المرافق له إلى فصائل المقاومة الفلسطينية لمساعدتها في التصدي للعدوان الصهيوني لكان عناصرجيش الاحتلال الإسرائيلي قد سقطوا بين قتيل وأسير في قبضة المقاومة الفلسطينية الباسلة التي صمدت لأكثر من 10 شهور بوسائلها القتالية المتواضعة في وجه آلة الدمار الإسرائيلية الضخمة.
مشاهد جهنمية مرعبة أعقبت القصف الصهيوني على مدرسة التابعين، حيث ذكر شهود عيان أن جثامين الشهداء كانت عبارة عن أشلاء متفحمة تتكدس في منطقة المصلى ويتناثر بعضها في فناء المدرسة نتيجة شدة القصف الإسرائيلي، وأن النيران اشتعلت بأجساد المواطنين، وظلت طواقم الدفاع المدني تحاول السيطرة على الحريق لانتشال جثامين الشهداء وإنقاذ الجرحى.لم يجد مراسل قناة الجزيرة التي تغطي أحداث الحرب في غزة بجدارة واقتدار، لوصف المجزرة الصهيونية في مدرسة التابعين، سوى الانخراط في نوبة بكاء من هول المشهد وبشاعته.
جيش الاحتلال الصهيوني سارع كعادته لتغطية جريمته البربرية باختلاق أكاذيب حقيرة ومفضوحة بالادعاء أن القصف كان يستهدف مجموعة من مقاتلي حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وجاء في بيانه إنه: «وفق المعلومات الاستخبارية التي كانت بحوزة جيش الدفاع عمل داخل المجمع المستهدف في مدرسة التابعين نحو عشرين مخربا ومن بينهم إرهابيون كبار، استخدموه للترويج لاعتداءات إرهابية. المجمع كان بمثابة مجمع إرهابي ناشط لحماس والجهاد الإسلامي».
لكن حركتي حماس والجهاد الإسلامي ردتا بنفي قطعي للمزاعم الصهيونية، وقالت حماس في بيانها: «إن مجزرة التابعين في حي الدرج استمرار للإبادة النازية الصهيونية ضد شعبنا، والإدارة الأمريكية متواطئة في الجرائم»، كما قالت حركة الجهاد الإسلامي، من جهتها، إن: «اختيار الاحتلال الإسرائيلي توقيت موعد صلاة الفجر لتنفيذ مجزرة رهيبة ضد النازحين بمدرسة التابعين، يؤكد أن لديه النية لإيقاع أكبر عدد ممكن من الشهداء في صفوف المدنيين بمن فيهم الأطفال وكبار السن». المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أكد أن: «مدرسة التابعين لا تضم أي تجمعات مسلحة أو مظاهر عسكرية، وأن تحقيقاته بينت أن مدرسة التابعين ليست سوى مكان متهالك اتخذته مئات العائلات ملجأ بعد نزوحها قسرا من أماكن سكنها».
مجزرة مدرسة التابعين التي وقعت فجر يوم السبت 10 أوت 2024 لم تكن هي الأولى في سلسلة المجازر التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة الصهيونية المستمرة ضد الفلسطينيين على مدى أكثر من 10 أشهر. مند 17 أكتوبر 2023 تجاوز عدد الجرائم الصهيونية مئات المجازر، راح ضحيتها آلاف الشهداء أغلبهم من الأطفال والنساء،كانت بداية المجازر الصهيونية التي هزت الرأي العام العالمي بعد غزو قطاع غزة ، مجزرة مستشفى المعمداني التي قتل فيها 500 شهيد. بعد فظائع مجزرة مدرسة التابعين كتب الزعيم السياسي الفرنسي جان لوك ميلانشون زعيم حزب «فرنسا الأبية»: «لن تتوقف همجية الإبادة الجماعية التي يمارسها نتنياهو.. إن المذبحة التي وقعت في غزة ستظل رمزا للجريمة النكراء التي شجعتها القوى الغربية من خلال السماح بحدوثها. وسيحمل زعماء مثل ماكرون وشولتز وبايدن وأحزابهم ووسائل الإعلام الداعمة لهم هذا العار أمام الأجيال. لديهم الوسائل لوقف الحرب على الفور. لكنهم يساعدون نتنياهو على مواصلة ذلك». أما مقررة الأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيزي، فقالت إن :»إسرائيل تبيد الفلسطينيين في غزة بأسلحة أمريكية وأوروبية وسط عدم اكتراث كل الأمم المتحضرة».
البيت الأبيض الأمريكي اكتفى بإصدار بيان تعليقا على مجزرة مدرسة التابعين قال فيه: «نحن على اتصال مع نظرائنا الإسرائيليين، الذين قالوا إنهم استهدفوا كبار مسؤولي حماس، ونطلب مزيدا من التفاصيل». فهل هناك دناءة أخلاقية وتحيز أعمى للرواية الإسرائيلية أكثر من هذا البيان الأمريكي؟. لم تختلف الرواية الأمريكية من مجزرة مدرسة التابعين عن موقفها من مجزرة مستشفى المعمداني قبل 10 أشهر، حيث تواطأت آنذاك الروايتان الأمريكية والإسرائيلية على تحميل مسؤولية المجزرة إلى فصائل المقاومة الفلسطينية بإدعاء إطلاق فاشل لصاروخ من طرفهم سقط على مبنى المستشفى، لكن التحقيقات والتحريات أثبتت مسؤولية جيش الاحتلال الإسرائيلي. وكشفت وسائل الإعلام العالمية بالحجة والدليل كذب ونفاق المسؤولين الأمريكيين الذين سارعوا إلى محاولة تغطية الجريمة الصهيونية البشعة.
بعد مرور أكثر من 310 أيام من حرب الإبادة الصهيونية على سكان قطاع غزة تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين 40 ألف شهيد و92 ألف مصاب،ولا يبدو أن آلة الدمار الصهيوني ستقف عند هذه الأرقام المفزعة من حصاد الضحايا الفلسطينيين، وسط لامبالاة أمريكا وأوروبا التي تتبجح في العادة بحماية حقوق الإنسان واحترام القانون الإنساني، بل اتضح إنها تشجع وتتواطأ بشكل مفضوح مع جريمة الإبادة الصهيونية وتعلن صراحة أنها ستدافع عن إسرائيل في أي حرب تتعرض لها.
لاشك أن العامل الديني يمثل حجر الأساس في مصادر الدعم لإسرائيل داخل الولايات المتحدة رئيس مجلس النواب الأمريكي، مايك جونسون، الذي صفق طويلا لخطاب نتنياهو في الكونغرس قال في تصريح صحفي: «بالنسبة لنا نحن المؤمنين هناك توجيه في الإنجيل بأن نقف إلى جانب إسرائيل، وسنفعل ذلك بلا ريب وسينتصرون طالما كنا معهم». وفي أوروبا قال المفكر الفرنسي فرانسوا بورغا: «إن اليمين المتطرف واليمين وقطاعات كاملة من اليسار لا تدعم إسرائيل كدولة يهودية، بل كدولة معادية للمسلمين. إنهم يدعمونها كدولة تفعل في غزة – تجاه العرب والمسلمين في المنطقة – ما يندمون عليه من ناحية لعدم قيامهم به بشكل أكثر عنفًا في سياق حروب تصفية الاستعمار، ومن ناحية أخرى، لمواجهة الظهور المتزايد لهؤلاء المسلمين في أوروبا».
غزة بين الوحشية الصهيونية، والحقد الصليبي الغربي! صورة المطور المطور أرسل بريدا إلكترونيا2024-08-20 شاركهافيسبوك تويتر ماسنجر مشاركة عبر البريد طباعة
أ. عبد الحميد عبدوس/
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.