فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3383.46
إعلانات


مفاهيم في حرب غزة يجب أن تُصحَّح / ل- عبد الرزاق قسوم

أحدثت حرب غزة العزة بفجائيتها وفاعليتها ونبل غايتها وحسن قيادتها ووضوح إنسانيتها، انقلابا في المشاعر وإيقاظا للضمائر وحشدا للأحرار والحرائر.
نجحت حرب غزة دون باقي الحروب الفلسطينية التي وقع خوضها، نجحت في حسن طرح المفاهيم، ودقة تنزيل وتطبيق التعاليم وتبديد الضبابية من بعض العقول والأقانيم،
عرف الناس بفضل مقاومة غزة العزة معنى القوة، وقوة المعنى، وسلطة الحق وحق السلطة، فلم تعد القوة في تطبيق حرب غزة تلك التي يملك أصحابها قوة العتاد ووفرة الزاد وكثرة العباد، وإنما صار معنى القوة هو الإيمان بحق الانتماء والإقبال على بذل التضحيات وتقديم مواكب الشهداء والإيمان بالنصر على الأعداء (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) سورة البقرة 284.
بعد عشرات السنين من التيه والضياع والمساومات والانقياد والانصياع، عادت القضية الفلسطينية بفضل مقاومة غزة العزة إلى تأصيل الصراع وكشف المزيف من سقط المتاع.
قدّمت قيادة المقاومة الفلسطينية في غزة العزة تصحيحا لمفهوم المسؤولية من أنها التحلي بالشجاعة والتزود بالحنكة والتعامل بالتواضع والإقدام على الموت في كل لحظة وتحقيق معنى التداول على المسؤولية.
لم يعد تسليم زمام المسؤولية يجري على بساط أحمر محلى بالزرابي وسط المكاتب الفخمة كما هو معمول به عادة، وإنما أصبح يجري على بساط أحمر مضرّج بالدماء ومبلل بالدموع وموصول بين القبر والقبو.
التقط هذه الدروس البليغة ومن حرب غزة الباحثون المحققون والمحللون المدققون فأخضعوها للدراسة الموضوعية وعرضوها على أدق النظريات الأكاديمية العسكرية فانتصرت على ما كان معهودا.
لقد عزز هذه الدروس ميلاد شعب صابر محتسب يحتضن المقاومة بأعز ما يملك فيستقبل شهداءه بالبسمة والدعاء وبالزغاريد والانتشاء.

من تصحيح المفاهيم تهافت المقولة الزاعمة أن الصهيونية لا تخوض حربا دينية ضد الفلسطينيين؛ فقد رأينا حاخاما صهيونيا يخاطب عساكر الاحتلال قائلا: “دعوا الأخلاق جانبا واقتلوا واسحلوا واحرقوا، فكل ذلك واجب باسم الرب”، وفي المقابل يأتي من ينادي من بني جلدتنا بإحداث المفهوم المظلوم بالأخوّة أو “الديانة الإبراهيمية” بالتسوية بين القاتل والمقتول والمحتل والمحتلة أرضه، والواقع أن (الدين عند الله الإسلام) آل عمران 19.

لذلك أقبل الإنسانيون النزهاء من كل الأرجاء يتقدمهم الطلاب الجامعيون والأكاديميون المنصفون فصاغوا للإنسانية نظرية المقاومة الغزاوية الفريدة ليقدّموها نموذجا للدفاع عن القضية الوطنية العادلة.
هكذا صحّح الشباب الجامعي العالمي مفهوم التأييد والتضامن للمستضعفين الأشداء فلم يتم الفرز كما كان سائدا على أساس إيديولوجية التعصب والحقد والمساندة على قاعدة الإسلاموفوبيا وإنما على أساس قوة الحق وعدل القوة.
رسب إذن سائر الغرب الصهيوني والصهيونية المستغربة، رسب الجميع لأول مرة في الاختبار الإنساني العالمي فلم تغنِهم قوة عتادهم ولا وفرة زادهم ولا انتشار إعلامهم وسوء إرشادهم فمالت الكفة على جميع الأصعدة لصالح المقاومة الفلسطينية الغزاوية.
أفاقت المحكمة الجنائية من غفلتها بعد طول تخدير واستيقظ مجلس الأمن من نومه بعد طول تهديد وتحذير وتجنَّدت المؤسسات الثقافية والنيابية والإعلامية لتنضمّ إلى مسيرة المقاومة والتحرير.
وفي ضوء هذه المعطيات كلها، فإن ما يمكن أن يستخلص من دروس لتصحيح المفاهيم والتعاليم هو التأكيد على ما يلي:
– انتهاء عهد المتفرجين كالبلهاء على مأساة الإبادة الصهيونية التي تودي كل ساعة بحياة الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء.
-لم يعد مسموحا بوجود المتفرجين من الأشقاء أو من الأجانب.
– صححت معركة غزة عملية انقسام الأمة الإسلامية إلى مذاهب وشيع وأحزاب وأصبح الفرز يجري على أساس من هو ضد المقاومة ولو كان فلسطينيا ومن هو مع المقاومة حتى ولو كان يهوديا أو علمانيا.
– حفّزت معركة غزة دور العلماء في الأمة الإسلامية والحكماء في الدائرة الإنسانية فلم يعد خطاب العلماء مجرد تنديد بما يفعله الصهاينة ولا طلب جمع المساعدات على الرغم من أهميتها، وإنما المطلوب اليوم من العلماء والحكماء هو الضغط على حكوماتهم من أجل التدخل بكل ما أمكن من وسائل لإيقاف المأساة الغزاوية التي باتت وصمة عار في جبين الأمة الإسلامية وفي جبين الإنسانية.
– من المفاهيم التي بات ضروريا تصحيحها اليأس من أي تقارب مع العدو الصهيوني الملطخة أياديه بدماء الأطفال والنساء والأبرياء والتي يتبجّح بالإقدام عليها أكثر ويعتبرها انتصارا على حماس والمقاومة.
– إن كل تطبيع أو تعاون أو تنسيق مع القتلة الصهاينة هو خذلان للدم الفلسطيني المسفوك، وخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين.
– إن من تصحيح المفاهيم تهافت المقولة الزاعمة أن الصهيونية لا تخوض حربا دينية ضد الفلسطينيين؛ فقد رأينا حاخاما صهيونيا يخاطب عساكر الاحتلال قائلا: “دعوا الأخلاق جانبا واقتلوا واسحلوا واحرقوا، فكل ذلك واجب باسم الرب”، وفي المقابل يأتي من ينادي من بني جلدتنا بإحداث المفهوم المظلوم بالأخوّة أو “الديانة الإبراهيمية” بالتسوية بين القاتل والمقتول والمحتل والمحتلة أرضه، والواقع أن (الدين عند الله الإسلام) آل عمران 19، والقرآن صريح في تحريم هذه الديانة النشاز لقوله تعالى (وأوصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنيّ إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون) البقرة 132 ولقوله تعالى (أأنتم أعلم بالله) البقرة.
لقد صحّحت معركة غزة العزة كل المفاهيم المغلوطة التي كانت سائدة ولا عذر بعد اليوم لكل من بقي في ضلاله القديم (ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون) الأنفال 8.

الرأي

مفاهيم في حرب غزة يجب أن تُصحَّح

عبد الرزاق قسوم

2024/08/14


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة