أخيرا ثاب وزيرُ دفاع العدوّ الصهيوني يوآف غالانت إلى رشده، واقتنع تماما باستحالة تحقيق الانتصار في حرب غزة الحالية، فانتقد ما سمّاه “ثرثرة” رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن “النصر المطلق” الذي لم يملّ قطّ من الترويج له طيلة الحرب، ووصفه بأنه مجرّد “هراء”!
طيلة عشرة أشهر كاملة من حرب الإبادة في غزة، ساير غالانت رئيس وزرائه وروّج بدوره لإمكانية تحقيق “نصر مطلق” على المقاومة في غزة، وخاض من أجل تحقيق هذا الهدف الخيالي حربا جهنّمية على الشعب الفلسطيني قبل المقاومة؛ إذ صرّح غالانت بنفسه يوم 8 أكتوبر 2023، أي بعد يوم واحد من غزوة “طوفان الأقصى” المباركة: “منذ اليوم لا ماء لفلسطينيي غزة، ولا طعام، ولا كهرباء، ولا وقود، ولا دواء.. هؤلاء حيواناتٌ بشرية، وسنعاملهم على هذا الأساس”!
لم يُثر تصريح غالانت الإجرامي ردود أفعال كبيرة لدى دول الغرب باعتباره يعكس نيّة حقيقية في إبادة الفلسطينيين، وبدل إدانة هذا التصريح العنصري الفاشي ومحاولة ثني غالانت عنه، سارعت إلى منحه الضوء الأخضر لإبادة الفلسطينيين أو تهجيرهم ما دام الأمر يتعلّق بصراع وجودي كشفت عنه غزوة 7 أكتوبر بوضوح، فشنّ جيشُ الاحتلال تحت قيادته حرب إبادة شعواء قتل فيها إلى حدّ الساعة نحو 50 ألف مدني، باحتساب العالقين تحت الأنقاض، وجرح 92 ألف مدني آخر، معظمهم أطفال ونساء، وألحق بغزة خرابا هائلا لم يشهد العالم مثيلا له منذ الحرب العالمية الثانية، إذ دمّر نحو 75 بالمائة من مبانيها ومستشفياتها ومدارسها ومساجدها وإداراتها ومنشآتها المختلفة وقصف حتى آبار المياه وقنوات الصرف الصحي، وتزامن هذا القصف الجهنمي والمجازر المهولة المستمرّة مع تجويع ممنهج لسكان غزة أجبرهم على أكل أوراق الأشجار وعلف الحيوانات، وشربِ مياه ملوّثة، وهذا بعد أن قطع عنهم غالانت فعلا الغذاء والماء والكهرباء والوقود والدواء، ودمّر بيوتهم ولاحقهم في مراكز اللجوء وارتكب أبشع المجازر بحقّهم.
لكنّ ذلك كلّه لم يمكّن الاحتلال من كسب الحرب، فقد واجهته المقاومة ميدانيًّا في معارك ضارية وأثخنت في جنوده وقتلت الآلاف منهم وجرحت عشرات الآلاف، ودمّرت أزيد من 1700 من دبّاباته وآلياته العسكرية، وجرّته إلى حرب استنزاف دموية أضحى يخلّف فيها يوميا خسائر بشرية ومادية متزايدة أرهقته ودفعت جنرالاته مرارا إلى الاستغاثة برئيس الوزراء والتأكيد له أنّ الجيش أصبح منهكا والجنود متعبين محبَطين من طول أمد الحرب، ومنذ أيام قليلة بعث 71 ضابطا رسالة لقيادتهم العسكرية يبدون فيها استغرابهم من تكرار الحديث عن “النصر المطلق” وأكّدوا أنهم موجودون في الميدان ويعرفون أنّ هذا النصر بعيد، وأنّ المقاومة تملك إمكانات عابرة للحدود وأنفاقا حصينة والكثير من المقاتلين المتأهّبين للقتال، وهي الرسالة التي يكون غالانت قد تلقّفها جيّدا فقرّر النزول بدوره من برجه العاجي والاعتراف بأنّ “النصر المطلق” الذي “يثرثر” به نتنياهو هو مجرد “هراء” ولا مناص من عقد صفقة تبادل أسرى مع حماس!
وبهذا الاعتراف المدوّي يكون وزير دفاع العدوّ قد جثا على ركبتيه واعترف باستحالة إلحاق الهزيمة بالمقاومة والانتصار عليها، وهي ضربة موجعة لنتنياهو الذي يصرّ على مواصلة الحرب أملا في تحقيق هذا النصر، لكنّ وتيرة الخسائر اليومية لجيشه ونجاح المقاومة في استعادة قدراتها وعافيتها سيُجبره يوما على الرضوخ بدوره والجثوِّ على ركبتيه كما توعّده يوما أبو عبيدة.
لا نعتقد أنّ هذين المجرمين سيُقبض عليهما يوما في أيّ بلد ويسلَّمان إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتها على جرائمهما الكثيرة، إذا أصدرت يوما هذه المحكمة قرارا بملاحقتهما كمجرمي حرب، لكنّ حتى إذا فلتا من عقاب السّجن وحمتهما الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الجائر الذي يكيل بمكيالين، فسيكيفهما ما ستُلحقه بهما المقاومة من خزي وذلّ حينما تُجبرهما، تحت وطأة تعاظم خسائر جيش الاحتلال في الميدان، على وقف الحرب وعقد صفقة تبادل وفق شروطها، ليتجرّعا بعدها مرارة الهزيمة المُذلّة بقيّة حياتهما.
غالانت يجثو على ركبتيه! ل-حسين لقرع 2024/08/13
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.