ما أنا يائسٌ ل- محمد الهادي الحسني
ما أنا يائسٌ
محمد الهادي الحسني
2024/08/04
كنتُ أجمع أفكاري لأكتُبَ كلمة عن العبد الصالح الشاعر الذي لم يَهِمْ في أي واد كغيره من الشعراء الضالين المشيعين للفواحش باسم “الواقعية”.
هذا الشاعر هو بلبلُ الجزائر الصدّاح محمد العيد آل خليفة الذي أتاه اليقين في 31/07/ 1979.
وبينما أنا كذلك، إذ نزل علي خبر كاد يُفقدني توازني ويشلّ حركتي، وهو استشهاد المجاهد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس المجاهدة، الذي اغتاله عُبّادُ العِجلِ من المؤمنين بالمتنبي السامريّ، وذلك في 31/7/ 2024.
وبمجرّد ما سمعتُ الخبر تذكرتُ قول أحد “السلفيين” الذي طالت لحيته وقصُر عقله، وهو أنّ “حماس صنيعة اليهود”، فهل لقائل هذا القول ومصدّقه عقلٌ ولا أقول إيمانا؟
اسودّت الدنيا في عينيّ، وضاق صدري، وانقبض قلبي، ولكنني سرعان ما تعوّذتُ بالله وحوقلتُ، واسترجعت، وقلتُ: “لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا” و”من لم يمت بالسيف مات بغيره” وما جعل لبشر الخُلدَ، ولكل أجل كتاب.
ثم استعرضتُ حال أمّتنا فوجدتُ أكثرها يحكمه المبذّرون إخوان الشياطين، ويرشدها علماء ضالون، همّهم إرضاء السلطان وإغضاب الرحمان، وإحياء “سنة التعدّد”، والدعوة إلى طاعة وليّ الأمر وإن سكر وزنى جهرة، وأخذ مالك، وجلد ظهرك، واتخذ الأعداء أولياء، ونصرهم على الأشقاء.
ولكي أخرج من هذه الحال مددتُ يدي إلى أحد مجلدات مجلة “الشهاب” المجاهِدة للعالم العامل المجاهد غير القاعد، الذي مات واقفا الإمام بن باديس، وفتحتُ المجلد فقُدِّرَ أن تقع عيناي على قطعة شعرية للشاعر محمد العيد عنوانها “ما أنا يائسٌ”، فاستبشرتُ خيرا وازددتُ يقينا بأن العاقبة لجند الله مهما يستعلي الطغاة، وسينصرُ الله الذين آمنوا وجاهدوا في الآخرين كما نصرهم في الأولين.
في هذه الأثناء هاتفَ إليّ الأستاذ بشير فريك ينعى إليّ المجاهد هنية، فقلتُ له: إنني كمسلم مهيأٌ نفسيًّا لهذه الأخبار، وإن يُستشهد هنية فقد استُشهد من قبله أخيار، وسيُستشهد من بعده أبرار، وتلك ضريبة الإيمان والرجولة، أما العبيد -وإن كانوا ملوكا وسلاطين ورؤساء وأمراء وأغنياء- فهم الأذَلّون، وهم شرار الخلق عند الله وعند صادق المؤمنين.
وأما القطعة الشعرية فهي منشورة في مجلة “الشهاب” الصادرة في شهر أوت من سنة 1931، في أظلم مراحل وجود فرنسا المجرمة في وطننا الطاهر، ومن هذه القطعة هذه الأبيات:
كما شِئْتَ فامْطُلْ يَا زَمانُ بِبُغْيَتِي أو ابْخُلْ بها عنّي فما أنا يَائسُ
أتَحْسَبُ أنّي للحوادِثِ رَاضِخٌ وأنّي منها جَازِعُ القلبِ بائسُ؟
سيأتي زمانٌ للجزائر زَاهِرٌ يطيبُ الجَنَى فيهِ وتنمو المَغَارِسُ
فَرُحْ غير مَأْسُوفٍ عليكَ فعندنَا وراءكَ خَيْرَاتٌ لنا ونَفَائِسُ
وصدق محمد العيد؛ لم نيأس ولم نستسلم، وجاهدنا رجالا ونساءً، وأطفالا حتى طردنا فرنسا المجرمة، وأتى على الجزائر زمانٌ زاهر رغم عبث العصابة في زمن كبيرها “عبد القادر المالي”، وسيقعُ هذا -إن شاء الله- في فلسطين رغم الموت المسلّط على الشعب الفلسطيني من طرف الغرب الذي لا يملكُ قيما إنسانية فضلا عن القيم الدينية، والخزيُ والعارُ لمن يحملون أسماء عربية وقلوبا خائنة من “العرب والمسلمين”، ورحم الله كلّ شهداء الأمة الأبرار، وثبّت المجاهدين الأحرار.