قرأتُ في جريدة وطنية هذا الشهر أنّ شخصا في إحدى ولاياتنا قد حجّ إلى حدّ اليوم أربعين مرّة.
سامح اللهُ هذا الحاجَّ الذي أخشى أن يكون حجُّه المتكرر “مَنَّا واسْتِكْثَارًا”، وهو ما نهى اللهُ عزّ وجل عنه في أوائل ما أنزله من القرآن الكريم في قوله تعالى: “ولا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ”.
لقد سُئِل رسول الله -عليه الصلاة والسلام- عن الحجّ أفي كلّ سنة هو؟ فتضايق عليه الصلاة والسلام وقال: “لو قُلتُ نعم لوجبتْ ولما استطعتُم”.
إن كثرة أيِّ عبادة ليست دليلا على قبولها من الله عزّ وجل، وإنما قبولُها في صحة أدائها وفي إخلاص مؤدِّيها. وإذا أمكننا التأكُّدُ من صحة أدائها فإنّ التأكد من إخلاصها علمه عند من يعلم السرّ وأخفى، وقد جاء في الحديث النبوي الشريف الذي قاله الرسول عليه الصلاة والسلام لصاحبه معاذ بن جبل: “أخلص دينك يكفِك العملُ القليل”.
إنك يا من حججتَ أربعين مرة لم تنفع إلا نفسك إن كان حجُّك صحيحا وخالصا لله، بينما لو أنفقتَ نصف ثمن الحجّ أو ثلثيه على محاويج المسلمين تكون قد نفعت نفسك ونفعت غيرك من المسلمين المحتاجين الذين قد يستغلُّ شياطينُ الإنس احتياجهم فيفتنونهم عن دينهم ويصدُّونهم عن السبيل فتكون قد تسبَّبت -من غير قصد- في فتنة مسلمين، لأنّك لم تعرف كيف تنفق ما بسط الله عليك من رزق. فلنعرف كيف “نتاجرُ” مع الله عزّ وجل، خاصة أنّ بلدنا، وبلاد المسلمين عموما، مستهدَفة من جيوش المنصّرين، هادفين إلى إيجاد أقلية نصرانية تكون موطئ قدم للتدخُّل الأجنبي، فالمنصّرون هم طلائع الاستعمار.
إنَّ الإسلام لا يقوم على الكّمِ والعدد، ولكنه يبغي الكيف. وقد كان الشيخ أحمد حماني يقول: “إن الله سبحانه لا يحاسب عباده على عدد ما أنجزوا من المَهمَّات في هذه الدنيا، وإنما يحاسبهم على إتقان ما أنجزوا”. (البصائر19/03/1954. ص 06)، وكان الشيخ الفعّال للخير، الدّال عليه محمد بلكبير في أدرار يقول: “اللّي ادّى فرضو يشدّ أرضو”، ولم يُكثِر من الذهاب إلى مكّة حتى تصير كأي سوق من الأسواق.
إن أحد الإخوة الذين أتاهم اللهُ من فضله حدّثني عن استعداده لتحمُّل نصف تكاليف أيِّ مدرسةٍ قرآنية في أي منطقة في الجزائر، كما أنّ أحد الإخوة طبع كتبا تدعو إلى الإسلام ويوزّعها في سبيل الله.
يا من تنفق الأموال الطائلة في تكرار الحجّ والعمرة يمكنك بثمن حجّةٍ واحدة تطبع بها كتابا يهتدي به مشركٌ أو كافر تكون أحسن ممن طلعتْ عليه الشمس أو أحسن ممَّن امتلك حُمْرَ النَّعَمِ.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.