مجرمُ حرب في كونغرس صهيوني
مجرمُ حرب في كونغرس صهيوني
عبد الناصر بن عيسى
2024/07/26
عندما نعرف كيف طبخت بريطانيا “الكيان الصهيوني” في أرض فلسطين، على نار هادئة، ودعمتها بتأييد من دول ودويلات، هي في الأصل من نتاج أنامل الطباخين البريطانيين، ونعرف كيف تكوّن الكونغرس الأمريكي المؤسسة الدستورية الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية الذي يضم مجلسي الشيوخ والنواب..
في زمن الحروب الطاحنة بين بريطانيا ومستعمراتها الأمريكية في القرن السابع عشر، واستسلامه لليهود بجمهورييه وديموقراطييه بحثا عن إعلام ومال الصهيونية المتحكمة في الولايات المتحدة الأمريكية، نفهم جيدا تلك الصورة البشعة جدا لكونغرس أمريكي، منه انطلقت الحرب على العراق وعلى أفغانستان، والكثير من ثورات زمهرير وأعاصير الربيع العربي، وكيف استقبل إرهابي العصر الحديث، ليبصق كلاما في منتهى النجاسة في وجوه من يقال إنهم ممثلو الشعب الأمريكي، ويُحدّثهم عن حرب “التحضّر” التي يقوم بها نيابة عنهم، أمام “الوحشية والهمجية والإرهاب”، ويجد من يصفق له، في مجلس لا يمكن سوى أن يكون مخدّرا بالكامل.
تطل أمريكا سياسيا في الفترة الأخيرة على العالم بتناقضات وانهيارات أخلاقية وحضارية، فسباق الرئاسيات لم يرقَ إلى ما فوق التهريج و”الكوميك”، الذي اخترعته الولايات المتحدة الأمريكية، وما قام به بايدن وحتى خليفته هاريس، نافس الاستعراضات الجنونية التي يقدِّمها ترامب منذ سنوات، والتناقض الموجود بين طلبة جامعيين من نخبة البلاد في الجامعات الرافضة للهمجية الصهيونية، وبين كونغرس يستقبل رأس الصهيونية، يؤكد بأننا أمام دولة ديكتاتورية تفعل ما تريد، وشعبها يقول فقط.. ما يريد.
لم تكن أمريكا قطعة من المشروع الصهيوني بعيد المدى، في بداياته، وكانت “شاهد ما شافش حاجة” عند تأسيس هذا الكيان، ولكنها منذ نكسة 1967، انتقلت إلى قيادة المشروع الصهيوني، فنافست إنجلترا، وحملت المشعل وحدها، بعد أن أبان شيوخ ونواب الكونغرس تصهينهم الصارخ، والذي تحوّل إلى حقيقة في سنة 1970 عندما أجبر الكونغرس الإدارة الأمريكية، على أن تقدّم طائرات “فانتوم” وأسلحة الدمار الشامل للكيان الصهيوني، ليستعملها في حرب الاستنزاف، وحرب 1973، وضد فصائل المقاومة على مرّ عقود، إلى أن وصل الأمر إلى درجة أن يقول الرئيس الأمريكي الحالي إنه “لو لم تكن إسرائيل موجودة في العالم، لسعينا لأجل أن تكون”.
أن يستقبل الكونغرس الأمريكي الذي يقال – طبعا يُقال فقط – بأنه القاضي الأول في أمريكا وحاميها من الفساد، مجرمَ حرب، فتلك جريمة كبرى، أما أن يمنحه فرصة التنظير عن “تحضُّره” و”وحشية” الآخرين، فتلك صفة أخرى تجاوزت كل فظائع الإجرام.
الذين سمّوا ذات انبهار بألوان وأضواء الولايات المتحدة الأمريكية هذا الكيان الضخم “أرض الأحلام”، عليهم مستقبلا، بعد أن ضاعت الضخامة في شبر الكيان المجهري شكلا ومضمونا، أن يصمدوا أمام كوابيسه التي ستفتّته، كما ساهم هو في تفتيت الاتحاد السوفياتي ويسعى لتفتيت الكثير من بلاد التاريخ والحضارات.