فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3377.7
إعلانات


أما لهذا الليل الصهيوني من آخر؟ / ل-أ د/عبد الرزاق قسوم

الرأي

أما لهذا الليل الصهيوني من آخر؟

عبد الرزاق قسوم

2024/07/24

لقد طال هذا الليل الصهيوني الذي جثم على الأرض الفلسطينية، وألقى بظلمه وظلامه على كامل أرجائها. لقد احلولكت ساعاته بالتفجير، والتدمير، والتهجير، وامتدت مأساته، إلى هدم المدارس، والملاجئ، والمصحات والمستشفيات، ولم ينج من فزعه وهوله، الصغير، أو الكبير، ولا المرأة، أو المريض، ولا الغني، أو الفقير.

يحدث هذا الدم المراق على جوانب الدهاليز والأنفاق، وعلى الخدود والأحداق، ولا من رادع، ولا من واق.

فهل بلغ من حمق وعتو الصهاينة، أنهم أصبحوا لا يسألون عن جرم ارتكبوه، ولا عن بريء قتلوه، ولا عن مَعلَم هدموه؟

فأين واجب الجوار، من إخوة العقيدة، والعروبة، والمروءة، وحماية الديار؟

وأين حقوق الإنسان، وصيانة الأوطان، وإنقاذ النسوان، والولدان، من كل أنواع العدوان؟

إننا نعيش –في غزة- عصر الطغيان الفاجر، إذ بلغت القلوب الحناجر، وأصبحت المجزرة تسلّمنا إلى مجازر، فضاقت بما رحبت، كل المقابر، وضجت المستشفيات بالمرضى الكواسر، وبات الأمل معلقا، على نصر الله القادر.

وها هو نصر الله، يرسل إشاراته لتبديد جحافل الليل المظلم في غزة، فتباشير الصبح لاحت في الأفق، ممثلة فيما يرسل به جند الله من كمائن وسط غارة الله، والهدهد الصادق، الذي يبعث به حزب الله ليأتي إلينا باليقين، من القواعد الحساسة لجيش المحتلين لفلسطين، وثالثة الأثافي الطائرة اليمنية المسيّرة الانقضاضية “يافا” التي جاءت من سبإ بنبإ يقين، من أنصار الله، لتبعث الهلع والفزع في عمق تل أبيب، من دون أن يتصدى لها أي وازع أو رقيب.

جاءت هذه التباشير الحضارية العسكرية كلها، لتجسِّر، ما كان يعرف بالهوة، بين السُّنة والشيعة، بواسطة المسيّرات، والطائرات والصواريخ، المستهدفة لمؤسسات العدو المشترك بأدلة التاريخ، ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [سورة النحل، الآية 53]، إن الانتماء الإسلامي –في زمن الشدة- هو فوق كل اعتبار، وإن مصطلحات “جند الله” و”حزب الله”، و”أنصار الله”، إن هي إلا شعارات ربانية، أفرزتها غزة العزة، فبددت بها ظلمات احلولكت، وأزالت بها مخاوف قلوب تحجّرت، وبثت الرعب في نفوس صهيونية طغت وتجبرت.

ولقد بان لكل ذي عقل، وضمير، وإيمان، أن الانتماء إلى الإسلام، ليس عباءة تلبس لعبادة الصلاة، وتنزع بعد أدائها، وإنما هو قناعة إيمانية من نبع يرتبط بالروح، وبالقلب، وبالعقل، فهو زاد لا ينضب يتزود المسلم به في كل المجالات، وخاصة في أحلك الظروف والتحولات.

ذلك أن المرجعية الإسلامية، عندما يتسلح بها المستضعفون، في جهادهم عن أرضهم المغتصَبة، هي التي تزيدهم إيمانا، وتجلب لهم كل المقتنعين بالإسلام، لنصرة إخوانهم إذا دعوهم لما يحييهم.

والعروبة الحضارية المتشبّعة بالإسلام، توجب نصرة المظلوم إذا استنجد.

وقديما قال شاعرهم:

لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا

والإسلام الذي هو صانع الوعي بأعمق مدلولاته في الإنسان المسلم، هو الذي دفع المسلمين على اختلاف مذاهبهم، إلى نصرة المظلومين من إخوانهم، تطبيقا لقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾[سورة التوبة، الآية 36].

وهذا الإسلام، هو الذي وحد اليوم في ساحة الوغى، بين “جند الله”، و”حزب الله”، و”أنصار الله”، هذه الوحدة التي تؤذن اليوم بنهاية الليل الصهيوني، وطلوع الفجر الفلسطيني.

جاءت هذه التباشير الحضارية العسكرية كلها، لتجسِّر، ما كان يعرف بالهوة، بين السُّنة والشيعة، بواسطة المسيّرات، والطائرات والصواريخ، المستهدفة لمؤسسات العدو المشترك بأدلة التاريخ، ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾[سورة النحل، الآية 53]، إن الانتماء الإسلامي –في زمن الشدة- هو فوق كل اعتبار، وإن مصطلحات “جند الله” و”حزب الله”، و”أنصار الله”، إن هي إلا شعارات ربانية، أفرزتها غزة العزة، فبددت بها ظلمات احلولكت، وأزالت بها مخاوف قلوب تحجّرت، وبثت الرعب في نفوس صهيونية طغت وتجبرت.

كما أنها إرهاص بزوال هذا الكيان الهش الذي طالما كان يمثل البعبع الذي يخيف به الجيوش العربية، فجاءت المقاومة الإسلامية لتعيده إلى حجمه الحقيقي.

وعلى نفس المنوال، آن أوان سقوط النتن ياهو، زعيم اليمين العنصري الصهيوني المتطرف، الذي عاث فسادا في الأرض، وتحدى الله ورسوله، فمرّغ وجه كيانه المصطنع في الوحل، وجلب لقومه الصغّار، والعار، والشنار، والذل.

ومن كان في شك من هذا، فليعد إلى ما يبعث به إعلام العدو العبري، من نداء استغاثة، في اعتراف بما لحقهم من هزيمة.

مئات المؤسسات الصهيونية خرجت عن الخدمة، ومئات الآلاف من الصهاينة، قد “حرﭬو” هجرة للأرض من الخوف، والروع، والدماء، والدموع، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾[سورة الشعراء، الآية 227].

وإلى جانب الخسائر العسكرية، والاقتصادية، والسياسية، وهناك الهزائم النفسية، فقادة الكيان، لا يخرج الواحد منهم ولا يدخل إلا خائفا مترقِّبا، وحتى إذا دخل جحره، لا يأمن من أن يأتيه صاروخ القسام، أو هدهد حزب الله، أو مسيّرة يافا من تصدير أنصار الله.

ولا عزاء، للمتخاذلين، والشامتين، والفاغرين أفواههم، من البلهاء والمتفرجين، فقد جفت الأقلام، وطويت الصحف، واحتفظ التاريخ لكل واحد بما عمل، وبما لم يعمل، ويا ويح الذين لم يعملوا، من حكم التاريخ.

فليذكر الجميع ماذا ستقول عنهم الأجيال الصاعدة، وعن مواقفهم الانهزامية إزاء المظلومين، وعن مواقفهم الداعمة للظالمين، بالزاد، والعتاد، والإعلام، والإمداد، ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾، ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ﴾.

وللحقيقة فقد سجلت معركة غزة العزة، بمقاوميها، وداعميها، وبأطفالها، ونسائها، وصامديها، سجلوا جميعا، آيات من البطولة والشجاعة، والفداء، جعلتهم مضرب الأمثال عند الأصدقاء وحتى الأعداء.

لقد فضح المقاومون الحقيقيون في فلسطين، زيف المساومة، كما أبانوا عن الوجه الحقيقي للإسلام الصحيح الفهم، والسلوك، والمعاملة، وهو ما جعل الأباعد، والأقارب، من غير المسلمين، يقبلون على الإسلام الغزاوي المتمثل في الصبر، والشهامة، وحسن التعامل مع الاستشهاد، والتصدي لكل أنواع المساومة.

أسقطت المقاومة الإسلامية، بعض الأصوات النشاز التي تعالت هنا أو هناك، مطالبة هذه المقاومة بإسقاط العباءة الإيديولوجية الإسلامية، للسماح لدعاة الحركة الوطنية، بالانضواء، ومتى كانت الحركة الإسلامية، عائقا أمام أي تيار، غير مطبق للإسلام، كبرت كلمة تخرج من أفواههم، إن هذه لمن المغالطات الكبرى.

وإلا، فالمعادلة التي نؤمن بها جميعا، هي أن كل وطني صادق الوطنية في بلد مسلم، لا يمكنه أن يضيق بالتوجه الإسلامي، وأن كل مسلم صادق الإيمان، لا يمكنه أن يتنكر للقيمة الوطنية الصحيحة، بل إن من أوجب الواجبات الإيمان بالوطن الذي نشأ فيه.

نحن نؤمن بأن النصر ضريبته، من دم، وهدم، وقتل، وتهجير، وتفجير، ولكن ذلك هو حكم التاريخ، والحكم للتاريخ، والبقاء للأصلح، ولن يكون البقاء إلا للأصلح.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة