عندما يقترب الموت من شخصٍ يمكن أن يتغير. يوجد ما يدل على ذلك فى تجارب أشخاص نجوا من الموت، وفى شهادات من عرفوا بعضهم. ولكن يوجد فى المقابل ما يفيد بأن هذه التجربة الرهيبة لم تُغيَِّر أشخاصًا عاشوها، أو غيَّرت بعضهم لبعض الوقت قبل أن يعودوا إلى سيرتهم السابقة.
والأرجح أن أثر النجاة من الموت يرتبط بتكوين الشخص الذى ينجو، وأن لا قاعدة عامة بالتالى فى هذا المجال. ولهذا يصحُ التساؤل عن مدى جدية دونالد ترامب فى حديثه عن أن اقتراب الموت منه فى محاولة اغتياله غيرَّه، وتدليله على ذلك بأنه أعاد كتابة الخطاب الذى ألقاه فى ختام المؤتمر العام للحزب الجمهورى قيل أيام حيث أُعلن ترشيحه رسميًا.
فهل هذا دليلُ كاف على أنه تغير فعلاً .. وإذا كان كذلك فهل يستمر هذا التغير .. وإلى متى على وجه التحديد؟ سؤالُ لن يطول جوابه هو عنه عبر سلوكه الفعلى فى الأسابيع المقبلة. ولكنه يُذكَّرُنى برواية «المبارزة» للكاتب الروسى المعروف أنطون تشيكوف الذى مرت منذ أيام الذكرى العشرون بعد المائة لرحيله.
تدور هذه الرواية، التى تُعد من أكثر أعماله شهرة، حول موظف صغير أصابه إحباط لأنه أضاع ما مضى من حياته سدى، ولم يُحقق شيئًا، فطلب نقله إلى مدينة صغيرة هادئة تقع على البحر الأسود عسى أن يتيح له هدوؤها مراجعة مسيرته وبناء مستقبل كاد يفلت منه.
ولكن تغيير المكان لم يُغير شيئًا فى حياته التى استمرت على حالها، الأمر الذى جعله موضع سخرية من عالم جيولوجيا تعامل معه بازدراء على أساس أنه كائن طفيلى لا جدوى منه، فحدث صدامُ بينهما دفع كلاً منهما إلى تحدى الثانى بأن يبارزه. فكانت المبارزة، التى اختارها تشيكوف عنوانًا للرواية. وعندها تعهد ببدء حياة أفضل إذا نجا. وعندما انتهت المبارزة، على غير المعتاد، بدون أن يقتلَ أىُ من الخصمين الثانى التزم بما عاهد نفسه عليه، وغيَّر حياته فعلاً.
هذا ما تخيل تشيكوف أن الموظف لايفسكى فعله. فماذا عن ترامب وما سيعمله؟
د. وحيد عبدالمجيد
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.
فضاء الثقافة والمواضيع العامة
