فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3348.54
إعلانات


تفعيل الزكاة في المجتمع الواعي لتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي


تفعيل الزكاة في المجتمع

في رحاب الشريعة

تفعيل الزكاة في المجتمع الواعي لتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي

2024-07-15

أ. محمد مكركب/

الزكاة في الإسلام ركن عظيم من أركان الدين،وهو قِوَامُ الطاقة الاقتصادية، وهو النظام المالي العادل والشامل لبناء اقتصاد يضمن التكافل، لتوزيع الدخل القومي للأمة، ولتحقيق التوازن التكافئي بين الأغنياء والفقراء، من جهة، وتحريك الثروة الاقتصادية في الاتجاه الصحيح من جهة أخرى. والمجتمعات التي تركز في اقتصادها على الضرائب فقط، ولا تهتم بالزكاة تصاب بعلل ثلاث: العلة الأولى: التفاوت الطبقي في القدرة الشرائية، وهذا يولد التنافر والحقد بين أبناء المجتمع. والعلة الثانية: أن التركيز على النظام الضريبي وإهمال النظام الزكاتي الشرعي يُجَرِّئُ الناس على الكذب والتزوير، ويولد العقد النفسية العدائية بين الأفراد والإدارة العامة. والعلة الثالثة: الانحراف نحو التعامل بالربا، والربا إذا انتشر في المجتمع دب الخراب في الجسم الاقتصادي، وتحدث الأزمات. وهذا من بين أقوى الأسباب التي كانت العامل السلبي في ضعف المجتمع الأندلسي، في بداية ضعفه وانحلاله. وهو السبب نفسه الذي كان مع أسباب أخرى في ضعف المجتمع في عهد الدولة التركية في الجزائر، والنظام الحكومي التركي، الذي كان يعتمد على النظام الضريبي، وإهمال النظام المالي الاقتصادي المشروع الذي هو نظام الزكاة. حتى إنه من بين أسباب سقوط الخلافة الإسلامية، هو هجران النظام الزكاتي الشرعي، واستبداله بالخراج الْمُكوسي، الذي كان ينتهجه الروم والفرس مع مستعمراتهم، ومع طبقات العمال والعبيد. ثلاثة أركان كبرى في الدين هي أساس المجتمع الإسلامي، وضمان صحة الدولة، وهي: الإيمان وهو ما يعرف بالتوحيد، والصلاة، والزكاة. قال الله تعالى:
﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ (الحج:41)هؤلاء الذين يستحقون نصرة الله هم الذين إن جعلنا لهم سلطاناً في الأرض وتملكاً واستعلاء، ومنهم الدول والممالك، الذين وفقهم الله لإقامة المجتمع، أنهم عبدوا الله وحافظوا على الصلاة وهي عمود الدين، وفَعَّلُوا أداء الزكاة.﴿وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ أي: دعوا إلى الخير ونهوا عن الشر.ومن الأمر بالمعروف، الواجب على أولي الأمر أن يأمروا الناس المواطنين جميعا بإقامة الصلاة، وأن يأمروا الناس بإيتاء الزكاة، وأن يلزموا الناس بذلك إلزاما حتما واجبا، بالتنفيذ العملي التطبيقي، وهذا هو الذي أخبر به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، في خبر صريح.[أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ] (البخاري:25) ويتدبر أولوا الأمر كيف أن الرسول عليه الصلاة والسلام، بين أنه إن أدى الناس الزكاة عصموا دماءهم وأموالهم. ولذلك لم يقبل الخليفة أبو بكر الصديق، من الناس الذين رفضوا الزكاة وامتنعوا عن إيتائها للدولة، فأمر بقتالهم كما بين النبي صلى الله عليه وسلم، وعندما قال له بعض الصحابة: كيف تقاتل من قال: لا إله إلا الله وأقام الصلاة.قال رضي الله عنه: {والله لأقاتلن من فَرَّقَ بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقاتلتهم عليها}. حينها، قال عمر رضي الله عنه: {فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله قد شرح صدره للقتال، فعرفت أنه الحق} نعم، إنه الحق أن يلزم إمام المسلمين الناس بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ففي ذلك الخيرات والبركات..إن تطبيق نظام الزكاة وفق الأحكام والقواعد التي شرعها الله سبحانه، ووفق البيان الذي بينه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، يكون كفيلا بحل مشكلة الفقر والبطالة وكل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.. وهذا يقتضي من القائمين على شؤون السياسة الشرعية في المجتمع الإسلامي أن يقوموا بتفعيل دور الزكاة في النهضة الاقتصادية، بالمنهجية الشرعية، وهي: إقامة مؤسسة الزكاة، كمؤسسة لها كيان كامل، وهيكل تنظيمي كاف، يتكفل بكل مصدر مالي على الإطلاق، ويَحْسُب ويُقَدِّر ويجمع ويوزع بالإحصاء الشامل لكل ميزانية شخصية طبيعية أو اعتبارية، وكل كنز وثروة، ويدقق ويُنْفِقُ بالحساب الكامل، فيدعو للمتصدق ويطمئنه، ويُوصِلُ حق كل فقير إليه ويجبر خاطره. ويجتهد بما بَيَّنَتْهُ أحكامُ الشريعة الإسلامية. ومنه تكليف العاملين على الصدقات في بيت مال المسلمين، وأن يتوفر في العاملين على الزكاة: العلمُ الشرعي، والتخصصُ في فقه الزكاة، والأمانة، والشجاعة، والتضحية.. فقد أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعده أولو أمر المسلمين من الخلفاء والملوك والأمراء، أمر بأخذ الزكاة بالطريقة الشرعية، فقال: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ (التوبة:103)والمعنى:خذ يا محمد من هؤلاء الذين اعترفوا بذنوبهم، خذ منهم صدقة تطهرهم بها من الذنوب والأوضار، وتنمي بتلك الصدقة حسناتهم حتى يرتفعوا بها إِلى مراتب المخلصين الأبرار.
﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} صلِّ عليهم، أي: وادع لهم بالمغفرة، فإِن دعاءك واستغفارك طمأنينة لهم. ومنه فالسعاة الذين يجمعون الزكوات وجب عليهم أن يدعوا للمتصدقين، ويعاملوهم باللين والحنان، وفي نفس الوقت بالقسط والحزم والإلزام. فهذه الآية خطاب للنبي وللخلفاء من بعده، ولكل حاكم مسلم.قال الإمام المفسر محمد بن أحمد القرطبي رحمه الله، في الجامع لأحكام القرآن: {فإن الخطاب في القرآن لم يرد بابا واحدا ولكن اختلفت موارده على وجوه، فمنها خطاب يخُصَّ بهِ لفظا وشَرَكَهُ جميعُ الأمة معنى وفعلا، كقوله:
﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ وكقوله: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقًرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ﴾ فكل من دَلَكَتْ عليه الشمسُ مخاطَبٌ بالصلاة. وكل من قرأ القرآن مخاطب بالاستعاذة. ومن هذا القبيل قولُهُ تعالى:
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهمْ صَدَقَةً تُطهِّرهُم وتُزكِّيهمْ بِهَا﴾ قال المفسر السعدي:
{ هي الزكاة المفروضة.فكان النبي صلى الله عليه وسلم، يبعث عماله لجبايتها، فإذا أتاه أحد بصدقته دعا له وبرَّك.ففي هذه الآية، دلالة على وجوب الزكاة، في جميع الأموال. وهذا إذا كانت للتجارة ظاهرة، فإنها أموال تنمى ويكتسب بها} (ص:350). والله تعالى أعلم. وهو العليم الحكيم.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة