للكاتب العربي الكبير -فاروق جويدة / من روائع تشيكوف
تذكرت إحدى روائع الكاتب الروسى الشهير تشيكوف حول أحد المشاهد المؤثرة التى مازالت فى وجدان الناس.. عندما استيقظ الأبناء ارتدوا ملابسهم وقبل أن يتجهوا إلى لجنة الامتحان سألوا الأم: «فيه حاجة ناكلها؟» ردت بحزن: «رحت الفرن أشترى الخبز كان الفرن قفل، بعد ما ترجعوا أكون اشتريت العيش»، الولد الصغير قال لكن أنا جوعان أنا نمت من غير عشا.. نزل الأبناء وارتدت الأم ملابس الخروج واتجهت إلى المخبز، كانت جارتها المريضة قد طلبت منها بعض الأرغفة، وجارتها الثانية العجوز قد أوصتها أن تحضر لها نفس الطلب، كان صاحب المخبز يعرفها واعتاد أن يعد لها طلبها، فهى امرأة مات زوجها، وتجرى على أطفال صغار، أخذت الخبز ومضت إلى بيتها، كانت الشمس حارقة، والسيارات تجرى حولها بجنون، وصلت إلى بيتها ..البيت مجموعة جدران متآكلة.. ولا يمكنها أن تشترى شقة فى ظل ارتفاع أسعار الشقق.
جلست الأم تستريح على جانب من الممر الذى يشبه الجحر ليس له باب ولاجدران .. حشد غريب من البشر يقتحم صمتها.. صراخ وضجيج يملأ الشارع.. رجل مهيب يرتدى بدلة غالية الثمن، وحوله أتباعه.. يتجهون نحوها.. يسألونها «فين العيش.. فين العيش؟». صوت غريب ينطلق: «هؤلاء هم سبب الأزمة، من الضرورى القضاء على ظاهرة تهريب الخبز، هؤلاء يبيعون الخبز ولا يستهلكونه..هى وأمثالها هم أسباب تفاقم الأزمة الاقتصاية» ..السيدة لم تستطع أن تقوم من مكانها، أقدامها تيبست، والرجل المهيب يصرخ فيها: لابد من إجراءات رادعة .. حاولت أن تقوم لكن لم تستطع، سقطت والجميع يصرخ فيها قومى.. لكنها تمددت على الأرض ..
من روائع تشيكوف
الثلاثاء 10 من محرم 1446 هــ 16 يوليو 2024
فاروق جويدة
fgoweda@ahram.org.egهوامش حرة