فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3275.65
إعلانات


“الوطنيّة الاقتصاديّة” في عهد الرئيس تبون--ل- عبد الحميد عثماني

“الوطنيّة الاقتصاديّة” في عهد الرئيس تبون

عبد الحميد عثماني

2024/07/14

ظهرت مؤخرا، عدة مؤشرات على تحسن الوضع الاقتصادي والمالي في الجزائر، مع تقدم ترتيب بلادنا إقليميّا ودوليّا في مستويات الدخل الإجمالي الوطني والفردي على السواء، وفق تقارير المؤسسات الدولية.
لم ينتج ذلك من فراغ في واقع الأمر، ولم يكن فقط محصلة لانتعاش أسعار النفط في السوق الدولية منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية والتعافي التدريجي من جائحة كورونا، بل كان في جانب مهمّ، ولو معنويّا ورمزيّا وأوليًّا، نتيجة تلقائيّة لسياسة اقتصاديّة قائمة على الروح الوطنيّة.
بمعنى أوضح أنّ الرئيس عبد المجيد تبون جعل رفع الإنتاج الوطني في كافة القطاعات أولوية جادة على أجندة العمل الحكومي وتابع مهمة الجهاز التنفيذي بشكل يومي عبر التعليمات الإجرائية، مقابل التقليص إلى أقصى حدّ من الاستيراد العشوائي، حفاظا على موارد الدولة من العملة الصعبة من جهة، وتحفيزا للمتعاملين المحليين على تغطية السوق الوطني من جهة أخرى.
هذه السياسة كانت واضحة منذ إعداد البرنامج الانتخابي نهاية 2019، ثم برزت بقوة في رؤية رئيس الجمهورية وخطابه مع الأشهر الأولى لتقلده شؤون البلاد، حيث ظهر عازمًا، فعلاً وقولاً، على خوض معركة الأمن الغذائي على وجه الخصوص، مهما كلفه الأمر في ظل مقاومة مراكز المصالح المنتفعة طيلة عقود من اقتصاد “البازار” .
لذلك انطلق الرئيس باكرا مع الوزارات المعنية في دفع الاستثمار الفلاحي نحو الشُّعب الزراعية الاستراتيجية المرتبطة بقوت الجزائريين، للتخلص من التبعية الغذائية وتقليص فاتورة الواردات المرهقة للخزينة العمومية، وقد نجح حتى الآن في نقل الجزائر إلى ثاني أكبر المنتجين للقمح الصلب في إفريقيا خلال الموسم المنصرم، بإنتاج إجمالي بلغ 7 ملايين طنّ.
كما وظف الرئيس تبون علاقات الجزائر القوية مع الإيطاليين والقطريين لاستقطاب استثمارات أجنبية في الصحراء الكبرى، ستسمح لبلادنا، موازاة مع الاستثمارات الوطنية، بتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب في غضون 2027، وفق تقديرات دقيقة لوزارة الفلاحة، وهذا ما يخفف عن الخزينة العمومية واردات في حدود 2.7 مليار دولار سنويًّا.
وعندما نتحدث عن إنتاج القمح الصلب فهو يعني سلسلة طويلة من المنتجات الغذائية الأساسية، يعتمد عليها المواطنون في استهلاكهم اليومي، ما يجعل تأمينه محليّا، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية الدولية، من ركائز الأمن الغذائي.
وفي شقّ آخر لا يقلّ أهمية، نجح الرئيس تبون في دخول “شركة بلدنا” القطرية إلى الجزائر عبر استثمار بـ3.5 مليار دولار، ضمن مشروع زراعي صناعي متكامل، لإنتاج الحليب وتربية الأبقار وتوفير الأعلاف.
ويأتي ذلك موازاة مع إصرار الرئيس على إنتاج زيت المائدة والسكّر محليّا عبر الاستثمار الزراعي في الجنوب، لرفع الاحتكار الممارس منذ عقود ولتقليص فاتورة الواردات، وقد أوشكنا حاليّا على تحقيق الهدف المرسوم، بعدما كانت أطراف كثيرة تعتبره غير ممكن بدواع غير موضوعيّة.
عندما نتحدث عن سياسة الرئيس الوطنية في الاقتصاد، فإنّ الملف لا يخص فقط الزراعة بل الإنتاج المحلي عمومًا، حيث تحولت بلادنا في ظرف قياسي، بالنظر إلى ظروف الوباء الذي اجتاح العالم، من بلد مستورد إلى منتج ومصدّر لكثير من المنتجات، وعلى رأسها مواد البناء، حتى بلغت قيمة الصادرات الجزائرية خارج المحروقات 6 مليارات دولار بنهاية 2023، ونطمح إلى عتبة 13 مليار دولار في آفاق العام الجاري، وفق تأكيدات السلطات العليا، ما يرفع من مساهمتها بـ22 بالمئة من إجمالي الصادرات.
وكنموذج واحد فقط على سبيل المثال لا الحصر، فقد أعلن رئيس تجمع الصناعات الكهربائية الجزائري، بشير جيلاني كوبيبي، عن تحقيق فائض في الإنتاج الكهربائي قابل للتصدير نحو الأسواق الإفريقية بـ10 مليارات دولار سنويًّا في شكل تجهيزات وتقنيات ودراسات.
بفضل تلك الإجراءات في ضبط الواردات، مقابل تحفيز الإنتاج الوطني، تمكنت الحكومة من تخفيض الاستيراد إلى 44 مليار دولار خلال سنة 2023، مقابل 60 مليار دولار خلال سنوات سابقة، وهو الإنجاز الذي جنّب الدولة الجزائرية ذُلّ الاستدانة الأجنبية ورهْن قرارها الوطني، ليفتح أمامها المجال واسعًا للمناورة الخارجية واتخاذ مواقفها السيادية بكل أريحيّة، ولا أدلّ على ذلك من تبنّيها المشرّف، بكل عنفوان، للقضية الفلسطينية على مستوى أعلى جهاز أممي بمجلس الأمن الدولي.
بهذا الصدد، نحن نتكلم عن مكاسب جديدة ناجمة عن روح وطنية ونديّة جزائرية في إدارة الاقتصاد والإنتاج والتجارة، بعيدا عن موارد الريع النفطي المتعلقة برفع مداخيل الخزينة العمومية من العملة الصعبة وفارق الميزان التجاري ولا زيادة الإنفاق العمومي، وهذا ما يقلق دولا بالاتحاد الأوربي منزعجة من السياسة الحمائيّة التي فرضها الرئيس تبون، فقد اعتادت على التعامل مع بلادنا بصفتها سوقًا استهلاكية مفتوحة بلا قيود.
صحيح أن هذه السياسة لها آثارها السلبيّة المؤقتة على التضخم، وإحساس المستهلك بغلاء المعيشة في بعض المنتجات، بفعل قاعدة العرض والطلب المختلّة، لكن الوضع يسير تلقائيًّا وبصفة سريعة نحو الانفراج، حيث سيؤدي تراكم الإنتاج والتنافسية المحليّة إلى توفير أكبر لكل السلع المطلوبة في السوق الوطنية.
في هذا الاتجاه، ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار حجم الاستثمارات المسجلة حاليا في الجزائر، والتي تقدرها رسميّا الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، وفق أرقام دقيقة، بـ8.051 مشروع إلى غاية 30 جوان الماضي، بما يقارب 25 مليار دولار.
تلك الأرقام في حد ذاتها مؤشر قوي جدا على الآفاق القريبة للاقتصاد الجزائري، بفضل الإرادة السياسية وحزمة الإصلاحات المنجزة على كافة المستويات.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة