لقد ضل الذين عاشت قلوبهم جافة حيث جعلوا بعض خصال الإسلام الرفيعة تطويها تقاليد بالية وتحجبها عن الظهور وتجاوزوها في سعيهم إلى ما هو أعمق، فيا من كان والداك على قيد الحياة ولم تستفد من طاعتهم وتحسن معاملتهم، تعلقت بالدنيا وربطت نفسك بها وعميت عن أمور الآخرة، فتهت في دروب الحياة، هل تجنبت طريق الصواب عندما وجدته محفوفا بالمخاطر؟
كل ما في الأرض مخلوقات لها بداية ولها نهاية، كانت ثم أصبحت، كلما مضت الأيام فأنت أقرب إلى الدار الآخرى، فللناس مآل ينتهون إليه بعد حياتهم الأولى، إنك حر في أن تفكر كما تشاء، ولكنك لست حرا في أن تقول أو تفعل ما تشاء، عليك أن تتطلع إلى حياة أبقى وأخلد من خلال تصحيح المفاهيم والتصورات الخاطئة والعودة إلى تحكيم الضمير والتماس منهج المولى تبارك وتعالى في معاملة الأولياء فبرهما هو أعلى درجات الإحسان، قارن الله عز وجل طاعتهما بطاعته وشكرهما بشكره قائلا{…أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير}[لقمان14] وقوله {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً…}[النساء 36].
إن العبادة بمعناها العام هي كل ما يرضاه ربنا عز وجل، ففساد القلب لا يقع إلا بترك معاتبة النفس الأمارة فقد وضع الأصول واستن نبيه السنن المحمدية، تصويبا لكل من تسول له نفسه تشويه الحقائق، وترشيدا وعظة لمن يقولون ولا يعملون، فعودوا من حيث بدأتم وأسسوا بنيانكم على تقوى من الله، فامنحوا لأنفسكم فرصا لتنجوا، فإن مستصغر المعاصي حين تجتمع على صاحبها تهلكه، فخذوا ما كان لله تعالى ودعوا ما كان لغيره.
من الخطر أن يتنازل بعض الأبناء عن تحكيم ضمائرهم ومميزاتهم الخاصة في التعامل مع الأولياء، إننا نسمع ونرى بين الحين والآخر قصصا مؤلمة عن أبناء تجاوزوا مالا يتصوره الإنسان في العقوق، تثير في النفس مشاعر الحزن والألم، وتمثل إحدى مواطن الخلل في التدهور الاجتماعي، للعلم كلما أهمل أداء الواجب قضي على القيم.
القدرة الحقيقية للأولياء تضعف بعد هذا السن المتقدم، فإنك تعتدي على أجساد شبه عاجزة من شدة الكبر، من خلال مواجهتهم بمشاعر سلبية، ناهيك عن عدم مساعدتهم، رفع الصوت، التأفف، الشتم، النهر وغيرها من المظاهر السلبية، كل هذا يجعلهم يحسون بمشاعر الغربة تحاصرهم بين أبنائهم وكهولة أجسادهم وتطحنهم وحيدين، كل هذه الأفعال والتصرفات غير المبررة راجعة في نفس الوقت إلى الجهل، سوء التربية، الصحبة السيئة، قلة التقوى، عدم المتابعة والتقويم الجيد في الصغر، اللامبالاة.
فالواجب تربويا وأخلاقيا أن يتدارك كل فرد منا هذا الأمر قبل فوات الأوان، فلا قيمة لنا ولا طعم لحياتنا بعيدا عن نعمة أوليائنا، فالحياة خالية من كل معنى بدونهم .
• الأبناء مسؤولون عن أوليائهم في السن الذي يبلغ نهايتهم، والأقوياء مسؤولون عن الضعفاء في كل شيء ماديا ومعنويا، فاعلموا أن دعاء الأولياء لأبنائهم من أهم أسباب صلاحهم ونجاحهم.
• الشباب ينبغي عليه أن يتمثل أخلاق النجباء، فهو الطريق الصحيح الذي يوصل إلى أسمى غاية في حمل ميراث الرسالة، فالاعتراف بالخطأ فضيلة الكرماء الأمناء لتنال الفائدة المزدوجة النجاح والنجاة المتمثلين في طاعة الوالدين وإرضاء رب العالمين، وهذا قبل أن تذبل قوتك فاعلم إن الصحة ليست أزلية والشباب ليس أبديا.
• المعاملة الإنسانية خلق يجب رعايته عند كل كائن إنساني، فما بالك بوالديك فرعايتهما تعتبر من بين أعظم الإنجازات التي يمكن أن تحققها في حياتك، إنها فرصة سانحة فاغتنمها ليربح بيعك، فمن أيامك الدنيوية القصيرة تعلم أيها الغافل لأن أيام الآخرة هي الأطول عورا وهي وحدها الباقية.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة )) رواه مسلم .
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.