شويعر جهول ** محمد الهادي الحسني
الرأي
شويعر جهول
محمد الهادي الحسني
2024/07/03
من الناس من تخط الأقدار في صحائفهم أن لا يتعلموا حرفا واحدا لظروف خاصة أو عامة، فيعيشون أميين، ولكنهم قد يكونون ذوي عقول راشدة، وألسنة بالحكمة ناطقة، وهؤلاء هم الذين يعنيهم شعبنا القاهر لفرنسا في مثله السائر: “أعطيه لي فاهم والله لا جعلو قرا”.
في كثير من الأحيان قد يلتمس لهؤلاء الناس العذر، وإن كانت القاعدة تقول: “لا يعذر الجاهل لجهله”، إذ على الجاهل أن يسارع للتخلص من جهله كما يحرص على مداواة أدوائه، وأدوأها هو الجهل. وما أجل حكمة أحكم الحكماء، إذ أنزل أول ما أنزل من كتابه الحكيم أمره بالقراءة، وأمره بالعلم في إنبائه لرسوله – عليه الصلاة والسلام- بألوهيته، فقال سبحانه: “فاعلم أنه لا إله إلا الله”. بل إنه تعالى بعد ما خلق آدم – عليه السلام- “علّمه الأسماء كلها..” رغم عدم احتياجه إلى العلم في الجنة.
ومن الناس من تقدّر لهم الأقدار أن يكتسبوا نصيبا من العلم ويرتقوا في منازله إلى مستويات عالية ولكن حمقهم يغلب عليهم، وسفههم يستحوذ عليم فلا يخرج من أفواههم من “هدرة” إلا كما يخرج من فم “طويل الأذنين” الذي “يحمل أسفارا”، وإن كان فيه منفعة، إذ يحمل الأثقال، وفيه “زينة” كما جاء في القرآن الكريم.
من هذا الصنف الأخير “شويعر” بلد خليجي، هذا “الشويعر” الذي “لو جاء للصفع لم يصفع” كما قالت الفحلة الشاعرة عائشة البجائية تطاول – لجهله المركب وسفهه- على من لا تبلغ هامته أخمص أقدامهم، وهم شهداء الجزائر كذّب هذا “الشويعر” ما شهد به لصدقه وحقيقته الإنس والجن، وشهد به الأعداء قبل الأصدقاء وما تكذيبه إلا دليل وبرهان على أنه لا يجوز عليه حتى التيمّم.
إن شهداء الجزائر الأبرار – أيها الشويعر الذي لطّخ إسم قبيلته بالانتساب إليها – أسقطوا الامبراطورية الفرنسية، وحرّروا بجهادهم الذي لم تخلق له، واستشهادهم جميع الشعوب الإفريقية التي كانت تستعبدها فرنسا المجرمة.. واقرأ – إن كنت تدري ما تقرأ – كتاب “الأمل” لعدو الجزائر الأكبر المجرم دوغول.. وما أظنك داريه، لأن شرط درايته “العقل” وأنت تفتقده..
أدعو مسؤولينا في وزارة الخارجية أن لا يمنحوا هذا “الشويعر” تأشيرة للدخول إلى الجزائر، إن حدثته نفسه بزيارتها، لأنه سيشوه جمالها، ويدنس ترابها، ويعكر جوّها، لأنها كما قال ابن الفكون: “جنة فيها الأهل والولد”.
بعد سماعي “هدرة هذا الشويعر” فهمت قوله تعالى: “والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون”.