لم تستطع حرب غزة، بالرغم من ضراوتها، أن تحجب عن العالم، أوّار الحرب الدامية في السودان، بين الإخوان.
في هذا القطر العربي حضارة، الإسلامي عقيدة، الإفريقي انتماء، تُشن حرب دموية، لا عنوان لها، إذ يوجه العسكري السوداني مختلف أنواع أسلحته الثقيلة نحو أخيه ليرديه، ويتبجح بأنه الأحق في التحكم فيه
فالكل يدّعي وصْلا بالسودان في الحراب، غير أنه لا يتورّع عن هدم معالمه، وتحقيق الخراب، وعن تهجير مواطنيه والإلقاء بهم في فيافي الغابات وحلم السراب، واغتصاب حرائره بالقوة وأنواع العذاب.
ويسأل كل سوداني نفسه: كيف يقتل الجيش السوداني نفسه، تحت عناوين لا يقر لهم السودان الوطن الأم بها؟ فهذا يستخدم كل أنواع الدبابات، والطائرات لتطهير السودان من “رجس الأرجاس”، وذاك يستأجر مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، باسم قوات الدعم السريع، لتطهير السودان، من “أثر الأنجاس”.
أيّ الفريقين أحق بالانتماء إلى السودان؟ والكل يحمل سلاح هدمه، والكل يستخدم معاول تخريبه وردمه؟
يحدث كل هذا، في بلد أرضه ذهب، وأخلاقه نبل وأدب، ولكن جيشه ونظامه لمن غلب.
في حين تُصرف الملايير على التخريب بالمدافع والطائرات، والزج بالسودانيين الأحرار في غياهب السجون والزنزانات، تموت الجماهير بالجوع، والخوف، ونقص من الأموال، والأنفس، والثمرات.
فأين من كل هذا وطنيو السودان، وعلماؤه، وعقلاؤه، وأحرار ضباط جيشه، وحكماؤه؟
وأين من كل هذا، ساسة الجامعة العربية التي يمثل السودان ركنا أساسيا من أركانها؟ وإلاّ فهل علة “الفولة من جنبها” كما يقول المثل الجزائري عندنا؟.
إن من المؤلم حقا، لكل عربي ذي ضمير حر، أن يسلِّم بهذا الواقع المر، فبدل أن يبذل الداعمون للمتمردين على وطنهم دعمهم لشعب السودان، حتى يُطعموه من جوع، ويؤمنوه من خوف، هاهم يسلحون الميليشيات الخارجة على قانون وطنها وعلى قانون الجامعة العربية نفسها.
وما يصدق على الجامعة العربية، ينطبق على الاتحاد الإفريقي، وعلى منظمة التعاون الإسلامي، فالجميع يشاهدون –في بلاهة ولامبالاة- مأساة الشعب السوداني الشقيق، وكأنما هم يشاهدون مسرحية درامية، على شاشة التلفزيون، فإلى أين يا إخوتنا في السودان؟ وماذا أنتم فاعلون بوطنكم الغالي، وقد كان مصدر خير للكثير من البلدان، ومُلهم قيم للعديد من الأوطان؟
ألا تتّعظون بما حدث لإخوانكم، من قبل في العراق، وفي سوريا، وفي اليمن، وفي ليبيا، وفي مصر، وفي غيرها عربيا وإفريقيا؟
ألم تكتووا، بما حدث لهم من تدخل أجنبي، بالمال الفاسد، وبالتوجيه الكاسد، وبمحاولة بسط النفوذ الزائد؟
إننا نبرأ حقا، مما يفعله السودانيون بوطنهم، وما تأتيه فصائل السودان المسلحة، بشعبها ومصير وطنها.
إننا نغمس قلمنا، في دماء قلوبنا، وفي دموع أعيننا، لنناشدكم يا أيها السودانيون بحق الدين، وبحق العروبة، وبحق القيم الإنسانية العليا، أن تتقوا الله في وطنكم، فتعودوا إلى جادة الصواب التي حدتم عنها، وإلى الوحدة الوطنية التي أنتم بصدد القضاء عليها.
انزعوا أيديكم من أيدي التدخل الأجنبي تفلحوا، وحرروا إرادتكم من إرادة أي نفوذ أجنبي، تنجحوا، وتصلحوا.
لقد كان السودان مضرب المثل في الوعي والسعي، فهو يتميز بتدين عميق، وبوعي عريق، فماذا دهاه حتى تحوّل إلى قاطع طريق، يقتل الشقيقُ فيه الشقيق، ويقتدي بتعاليم التضليل والنعيق؟
إن السودان، ذا الفلاحة الرائدة، والكنوز الذهبية السائدة، والعقول الفكرية الذائدة، قد حوّله العاقّون من أبنائه، إلى بضاعة كاسدة، وسياسة فاسدة، فما هي الفائدة؟
إننا نغمس قلمنا، في دماء قلوبنا، وفي دموع أعيننا، لنناشدكم يا أيها السودانيون بحق الدين، وبحق العروبة، وبحق القيم الإنسانية العليا، أن تتقوا الله في وطنكم، فتعودوا إلى جادة الصواب التي حدتم عنها، وإلى الوحدة الوطنية التي أنتم بصدد القضاء عليها.
انزعوا أيديكم من أيدي التدخل الأجنبي تفلحوا، وحرروا إرادتكم من إرادة أي نفوذ أجنبي، تنجحوا، وتصلحوا.
ويا أيها المتدخلون في أمر السودان، بالمال والسلاح، ارفعوا أيديكم عن هذا البلد الأصيل، وكفوا نفوذكم عن مصيره النبيل.
في السودان عراقة يسلم بها المنصفون، وفيه أصالة يقتبس منها المؤرِّخون، فاقتصروا على تنمية أوطانكم، وتوحيد أوصالكم، ووضع حد لأشجانكم إن كنتم تعقلون.
ونهيب بالصالحين في جامعة الدول العربية، أن يهبُّوا لنصرة السودان، فيكفي ما تعانيه أمتنا من تمزق ولا مبالاة، إزاء التحدي الصهيوني الغاشم، الذي يعمل على إسقاط أمتنا في غزة وفي فلسطين.
إن من الحكمة أن نوفر، ما ننفق من أموال، وما نحشد من نفوذ وأفعال، لندعم به سادة الأقوام في كتائب القسام، لنُسقط في فلسطين –وإلى الأبد- عصابة البغي والإجرام.
كما نرسل بنداء استغاثة، وإنقاذ، إلى كل الصالحين في أمتنا الإسلامية، وفي الاتحاد الإفريقي، أن لا يدعو السودان يسقط في بؤرة المحن، والفتن، والمؤامرات ما ظهر منها وما بطن.
لئن سقط السودان، وهو يملك من القدرات والإمكانات المادية والبشرية، وحقق حلم أعداء السودان، في السودان، لئن وقع هذا السقوط ونحن عصبة، وأنتم تنظرون، إنا إذن لخاسرون.
إننا بالرغم مما حدث ويحدث في السودان، وفي غزة، وفي شتى أجزاء وطننا العربي، نظل متفائلين، من أن قيم الانتماء الحقيقي للوطن، وقيم الوعي بما يُراد للوطن السوداني، والأمة الإسلامية من محاولة تفتيت، وتشتيت، إن هذا الوعي كفيل بالقضاء على المؤامرة الكبرى، في السودان، وفي فلسطين، وفي غيرهما، وأن البقاء في النهاية سيكون للأصلح، والأصلح هو السودان الموحَّد، القوي، المعتز بعروبته وإسلامه.
وكذلك انتصار غزة، ودحر العدو الصهيوني المعتدي، وإقامة الدولة الفلسطينية من النهر إلى البحر وعاصمتها القدس الشريف، هو ما سيتحقق عاجلا إن شاء الله.
وأما هذه الفقاقيع، التي تظهر هنا وهناك، من حين لآخر، فتبعثر المال الفاسد، وتنفِّذ العمالة الخائنة، إن هذه كلها مآلها الفشل، والإلقاء بها في مزبلة التاريخ.
لقد علَّمنا التاريخ، أن البقاء للأصلح، وأن عصر الشعوب قد أهل، وويل لمن يسبح ضد التيار، ويرضى أن يكون أداة عار وشنار، فتسحقه الجماهير، وتلقي به إلى قبر العدم.
فليتعظ الإخوان في السودان، قبل فوات الأوان، فيضعوا أسلحتهم، ويقبلوا على شعبهم، طلبا للتسامح والغفران.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.