فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3377.7
إعلانات


من النسر الأبابيل إلى الهدهد الأصيل

الرأي

من النسر الأبابيل إلى الهدهد الأصيل

عبد الرزاق قسوم

2024/06/26

ما فتئت المقاومة في فلسطين بجميع فصائلها تفاجئ العدو الصهيوني بإبداعاتها العسكرية وتطوراتها التكنولوجية، فتلحق به الهزائم المدوية، وتلحق به الخسائر الموجعة الاعتبارية.

من النسر الأبابيل الظافر إلى الهدهد اللبناني القاهر، تتوالى الخسائر في صفوف العدو الغادر المغامر، وبالمقابل فقد مللنا سماع صوت الأسطوانة المشروخة، والمعزوفة النشاز المفضوحة، ومفادها ما ينسب إلى الخارج الأول على القانون فيما يعرف بحكومة بني صهيون، والتي تخدر شعبها بأكذوبة إضعاف القدرة العسكرية لحماس، وإمكانية القضاء على المقاومة الإسلامية في لبنان المتجذرة بالأساس.

يحدث كل هذا، بينما قد ظهرت للجميع، انقسامات القطيع، وبروز الخلاف المريع، بين السياسيين والعسكريين، وهو الأمر الفظيع.

فهل يجوز بعد هذا أن يتصامم العالم عن سماع آهات المعذبين، من النساء، والأطفال، والضحايا من العزل المدنيين؟

وهل يعقل أن يبقى بعض ساسة الغرب، بقيادة أمريكا، مخدرين إلى النخاع، لا ينظرون إلى فلسطين إلا بعين المعتدين الرعاع؟

أيجوز أن تهون الأرواح، ويتحول الجرحى من الفلسطينيين إلى مجرد أشباح؟

هذا الهدم والترويع، وهذا القتل والتجويع، وهذا التهجير والتفجيع، من الفلسطينيين لا يساوي واحدا من الأسرى المحتجزين.

أيجوز أن تختزل مأساة غزة وقضية فلسطين المزمنة في مجرد بضع عشرات من الأسرى المستوطنين في حين تتجاهل قضايا عشرات الآلاف من الأسرى الفلسطينيين، الذين يلاقون أبشع أنواع العسف والتعذيب في سجون الصهيونيين؟

لقد أيقظ الدمار وحرب الإبادة في غزة، ضمائر العالم المثقف من الشباب والأساتذة الجامعيين وها هم يقودون المظاهرات، ويقاطعون الامتحانات تضامنا مع الأرامل، واليتامى، وضحايا المعتدين المحتلين.

وها هي الأصوات تتعالى في الشرق والغرب، منددة بحرب الإبادة التي شنَّها الصهاينة المتوحشون على المستضعفين من النساء والأطفال، ولا ذنب لهم إلا أن يقولوا ربنا الله ووطننا فلسطين.

وفي حين يسود الصمت في محيطنا العربي والإسلامي، ثكناتنا ووحداتنا، وجوامعنا وجامعاتنا، ومياديننا وساحاتنا، وكأن ما يحدث، هو أجنبي عن مأساتنا.

هل كُتب على الفلسطينيين، وهم عرب ومسلمون مثلنا، أن يعيشوا دمار غزة وحدهم، من دون أن تتحرك بقايا ضمير في مجتمعنا؟

وهل يمكن أن يضحي عشرات الآلاف من التلاميذ بامتحانات البكالوريا وهي مفتاح مستقبلهم؟

وهل أجبر الفلسطينيون وهم المظلومون الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم بغير حق، فلا ينالوا من الأخ حق الأخوّة، ولا من الجار حق الجوار والفتوة؟

إن أنكى المآسي أن تألف أبصارنا، وبصائرنا، منظر الدم، والقتل، فيصبح هو المعتاد عندنا، فلا نأبه لآثاره، ولا تهزنا أخباره.

وأن من نكد الدنيا على الحُرّ، أن يعتاد على سماع العدد الهائل من الموتى والجرحى في كل يوم، فلا يعيرها أي اهتمام، ولا تحرك فيه أي شعور أو إرادة انتقام.

جيوشنا رعاها الله، تعيش في طمأنينة وأمن، وسلام، وأسلحتنا صانها الله، يكاد يعلوها الصدأ، فلا تُعار أو تُستعار لنصرة المستضعفين والحال أن ديننا يوجب علينا النصرة ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾ [سورة الأنفال، الآية 72].

إن اللعنة ستظل تلاحق كل ذي إيمان، وكل ذي ضمير، وهو يرى البنايات تهدم على رؤوس ساكنيها، والمستشفيات تباد بمرضاها وأطبائها، فيقضى على الدواء، ويستأصل كل أمل في الشفاء.

أين النخوة، والأخوّة، والضمائر الإنسانية، أمام حرب الأشباح وقتل الأرواح، والحال أننا نملك كل أنواع السلاح؟

وأين سلاح المقاطعة الفعال، الذي يخفف المعاناة، ويضاعف الحسنات ويؤكد مبدأ التضامن والمؤاساة؟

إن ملحمة غزة في أيدينا مفاتيحها، خصوصا وقد أظهرت المقاومة بسالة وشجاعة، وإيمانا قل نظيره.

وإن شعب غزة على الخصوص، قد أثبت وطنية، وتمسكا بأرضه، وعرضه، وفرضه ووطنه، ونبلا في التعامل مع شهدائه ومقاومته مما حير الأعداء، ونال إعجاب الدخلاء.

إننا نغمس أقلامنا في دماء قلوبنا، لنبعث بهذه الآهات والأنات الممزوجة بالدماء والعبرات فنناشد كل مسلم، بأن نسر الأبابيل في فلسطين، وهدهد التكنولوجيا في لبنان هما آخر الإبداعات التي أقضت مضاجع الصهاينة.

ولو أن الأشقاء أزالوا السدود وفتحوا الحدود، وأنجزوا العهود ووقفوا في وجه اليهود، لأمكن تحرير بلد الآباء والجدود.

إن الحل بأيدينا، إذا نحن دعمنا المقاومة بالسلاح والعتاد والزاد، والمقاطعة لبضائع الإسناد وسحب الأموال من مختلف البلاد، وإلغاء التطبيع في كل ميدان وناد.

إننا لو أعدنا النظر في ما آل إليه أمرنا، فأيقظنا الضمائر، وفتحنا البصائر، وفعلنا المشاعر والشعائر لحققنا النصر والمصائر.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة