روسيا وكوريا الشمالية .. شراكة مقلقة للغرب// الاهرام
روسيا وكوريا الشمالية .. شراكة مقلقة للغرب
الأحد 17 من ذي الحجة 1445 هــ 23 يونيو 2024
د. محمد قشقوش
ونحن بصدد قراءة ورصد وتحليل تلك الشراكة الإستراتيجية الروسية الكورية الشمالية الوليدة. بين أصدقاء وحلفاء الشرق وعلى رأسهم الصين الشعبية من جهة، فى مقابل أصدقاء وحلفاء الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلنطى من جهة آخرى. فقد يكون من المناسب مراجعة صفحتى الجغرافيا الإستراتيجية والسياسية. وصفحات التاريخ الحديث لإقليمى شرق وجنوب شرق آسيا. بالتزامن مع المرحلة الأخيرة للحرب العالمية الثانية (1939-1945) التى كُتب فصلها الأخير الدامى بإلقاء الولايات المتحدة لقنبلتيها الذريتين على اليابان العنيدة على مدينتى هيروشيما وناجازاكى لتستسلم اليابان دون قيد أو شرط وتنتهى الحرب رسميا فى 2سبتمبر 1945 بعد 6 سنوات ويوم واحد!، لبدء آخر الحروب العالمية حتى الآن. وكان قد سبقها هزيمة واستسلام ألمانيا للحلفاء فى 8/9 مايو 1945. حيث الاتحاد السوفيتى شرقا والولايات المتحدة غربا.
كانت تلك المرحلة إيذانا بمولد القوتين العظميين وحلفيهما والحرب الباردة. حيث حلف الاطلنطى 1949وغرب أوروبا والأيدلوجية الرأسمالية. فى مواجهة حلف وارسو1955 وشرق أوروبا والأيدلوجية الشيوعية. وهو ما أفضى إلى التقسيم والحرب الكورية (1950-1953) بين شطريها الشمالى ببيونج يانج وكان تحت السيطرة السوفيتية. وهو الذى بدأ الحرب بدعم سوفيتى، وبين شطرها الجنوبى بسول وبدعم سياسى من الأمم المتحدة. تحول إلى دعم عسكرى من الولايات المتحدة. حيث كانت شبه الجزيرة الكورية موحدة منذ الاحتلال اليابانى لها عام 1910. حيث ولدت الكراهية الكورية الشمالية تجاه المستعمر اليابانى. وتحولت الكراهية إلى عداء بتحالف اليابان لاحقا مع الولايات المتحدة التى أصبحت المورد الرئيسى للسلاح والمسئولة عن الدفاع عن اليابان التى احتضنت قيادة الأسطول السابع الأمريكى المسئول عن شرق روسيا والكوريتين.
ولننظر بمنظور تاريخى وإستراتيجى الى لكل من روسيا وكوريا الشمالية تجاه بعضهما البعض. ثم تجاه بيئتهما الإقليمية والدولية. قبل واقع الشراكة الإستراتيجية وهى ماضٍ وحاضر. لننتقل الى جوهر الاستشراف المحتمل والممكن. لكل من روسيا تجاه الحرب الأوكرانية، وكوريا الشمالية تجاه امتلاكها للأسلحة النووية والصاروخية والمضى قدما فى تطوريها وتجاربها.
أولا كوريا الشمالية: وقد مرت بثلاث مراحل، الأولى بتأسيس كوريا الشمالية وهى مرحلة الجد المؤسس كيم إيل سونج وهو الضابط الاستخباراتى الذى تعلم فى روسيا وأخلص لها ولمذهبها الشيوعى كنهج سياسى. والمرحلة الثانية للوالد كيم جونج إل صاحب التحول الى الدولة النووية والخداع الكبير للغرب من خلال الاتفاق السداسى. لتحول كوريا الشمالية مفاعلها النووى الرئيسى إلى توليد الكهرباء. مقابل إغراءات مادية ومالية كان اغلبها من الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وكوريا الجنوبية. حيث فازت كوريا الشمالية بالغنائم ووصلت إلى الطاقة النووية وخرجت من معاهدة عدم الانتشار النووى NPT. وكانت المرحلة الأخيرة الحالية للحفيد كيم جونج أون حيث الانطلاق النووى والتسليحى خاصة الصاروخى والبحرى. وتخللتها زيارتا أون فى سبتمبر 2018 لكل من رئيس كوريا الجنوبية ثم الرئيس الأمريكى ترامب فى سنغافورة. بحثا عن التهدئة التى لم تتم حتى الآن.
ثانيا روسيا: بعد تفكك الاتحاد السوفيتى وبدء تعافى روسيا فى عهد يلتسين، ارتبط تعافيها بٍاسم الرئيس بوتين لربع قرن من الزمان. تخلله أعمال عسكرية خارجية فى الشيشان وجورجيا وسوريا والقرم ثم أوكرانيا، مع استمرار محور الصداقة مع كوريا الشمالية واستمرار عداء الأخيرة مع جارتها الجنوبية. مع اشتراك روسيا وكوريا الشمالية فى العداء الإستراتيجى ضد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلنطى الذى يبادلهما العداء مع العقوبات الاقتصاديةsanctions ، على كليهما.
ونستشرف فى هذا السياق وخلال زيارة بوتين لأون. حيث وقعا اتفاق شراكة إستراتيجى يغلب عليه الطابع العسكرى. حيث تحتاج منه روسيا إلى العون النوعى فى بعض الأسلحة والكثير من الذخائر المختلفة خاصة أنهما ينتميان الى مدرسة تسليحية واحدة تقريبا. فى مقابل التصاعد المحتمل من حلف شمال الأطلنطى لدعم أوكرانيا. بالتوازى مع انكسار وانشغال الحلف فى الشرق الأوسط. مع تخفيف التصعيد الأمريكى تجاه الأزمة الصينية التايوانية مرحليا. وإعادة ترتيب معادلات التوازن فى إقليمى شرق وجنوب شرق آسيا. وفى المقابل سيلوح بوتين لضيفه بإمكان معاونته فى مجال الفضاء. حيث زارا فى العام الماضى أكبر قواعد الفضاء القريبة من كوريا الشمالية فى (فوستوتشنى) وأن التقدم الروسى فى هذا المجال. سيفيد كوريا الشمالية فى مجالات القوات الجوية والأقمار الصناعية والصواريخ البعيدة المدى. لزيادة وتعدد عناصر الردع فى مواجهة الغرب. وأن الشريكين لن يدخرا جهدا للتخفيف أو الالتفاف حول العقوبات الاقتصادية. بمعاونة الصديق المشترك الصينى والمحتمل الإيرانى رغم معاناته. وهو عكس ما تخطط له الولايات المتحدة والأطلنطى بزيادة التصعيد العسكرى لدعم أوكرانيا ومحاولة إضعاف روسيا. مع الحذر من التصرفات الكورية الشمالية غير المتوقعة. فلنتابع ونراقب ونرى.
---------------------
◙ مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.