فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3374.36
إعلانات


دلالات تنامي العداء للصهيونية في الغرب

الرأي

دلالات تنامي العداء للصهيونية في الغرب

محمد سليم قلالة

2024/06/22

من بين أهم النتائج التي أسفرت عنها معركة “طوفان الأقصى” أنها مَكَّنت الحركات اليهودية واليهود غير المتصهينين من إيصال صوتهم إلى العالم، الأمر الذي نَتجت عنه مواقف واضحة لكثير من الغربيين من الصهيونية، وسَمحت هذه المواقف بفتح نقاش عميق ومنتشر على نطاق واسع لدى الآخر غير العربي وغير المسلم، للكشف عن مغالطات مُتعدِّدة كثيرا ما استخدمتها الصهيونية العالمية لتبرير جرائمها في فلسطين ولِتبرير إقامة دولة الاحتلال الصهيونية على أرض فلسطين.

ومن بين هذه المغالطات التي صحَّحها ويُصحِّحها هذا الاتجاه المُتنامي في الغرب أَنْ ليس كل يهودي هو صهيوني بالضرورة مؤيد لاحتلال فلسطين، وليس كل من كان معاديا للكيان الصهيوني في فلسطين كان بالضرورة معاديا لجميع اليهود، ذلك أن هناك من بين اليهود مَن يَنكر وإلى اليوم، وحتى وهو داخل الكيان، وجود ما يُعرَف بـ”دولة إسرائيل” مثل حركة “ناطوري كارتا” التي أشرنا إليها في مقالات سابقة.

كما أن هناك مواقف رافضة للصهيونية باتت تنتشر أكثر فأكثر في الغرب خاصة بعد معركة “طوفان الأقصى”، تبناها كُتَّاب وسياسيون وفنَّانون من مختلف الأعمار، خاصة فيما تعلق بإدانة الإبادة الشاملة في غزة، ومنهم من نَظَّم وقفات ومسيرات احتجاج تُندِّد بجرائم الصهيونية خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ضد السياسات الحكومية الرسمية الداعمة للكيان الصهيوني بالمال والسلاح.. وللأسف غالبا ما يتم تهميش هؤلاء، ويُحرَمون من التغطية الواسعة من قبل وسائل الإعلام الغربية المنحازة في غالبيتها للطرح الصهيوني بحكم ملكيتها من قبل مُتصهينين، أو الهيمنة عليها من قبل قادة الحركة المسيحية المتصهينة سواء في أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا أو غيرها من الدول الأوروبية التي تمكَّنت فيها هذه الحركة المُتصهينة من الهيمنة على وسائل الإعلام.

ولعل من بين الأخطاء التي يرتكبها الإعلام العربي خاصة المؤيد للقضية الفلسطينية هو عدم الاهتمام بهذا الرأي اليهودي من الداخل، وربما حتى عدم الاستناد إليه لدحض الافتراءات الصهيونية القائمة على الخلط المُتعمَّد بين معاداة الصهيونية كأيديولوجية استعمارية كانت الغطاء السياسي لاحتلال فلسطين ومعاداة السامية التي هي نَسب وليست عرقا أو أيديولوجية، ولا مشكلة للعرب والمسلمين في هذا الجانب.

وتَتعمق هذه الأخطاء الناتجة عن عدم التمييز بين اليهودية والصهيونية أكثر عندما لا نقرأ جيدا الخطاب الجديد للجيل الأمريكي الصاعد من القضية الفلسطينية بما في ذلك اليهود منهم. الكثير من الحجج التي نسعى نحن إلى تقديمها لأجل نصرة قضيتنا الفلسطينية لدى الرأي العام الغربي والأمريكي خاصة، وحتى العربي والمسلم، يُقدِّمها ويوصلها بطريقة أفضل وبسهولة هذا الجيل ومن الداخل وبوسائل أكثر قدرة على التأثير من وسائلنا، وبِتنظيم أفضل، فضلا عن كونه يكلِّم الغربيين بلغتهم سواء أكانت إنجليزية وهي الغالبة أو غيرها من اللغات الأوروبية، كما أن وصول هذا الخطاب إلى المسلمين والعرب من غيرهم يزيل التردد عن بعضهم ويعزّز مواقف آخرين.

إن إقناع الأمريكي أو الأوربي بعدالة القضية الفلسطينية من قِبل أبناء جلدته وبلغته يكون أفضل عشرات المرات من مُحاولات إقناعنا إياه، وإذا جاء الأمر من معتنقي الديانة اليهودية أنفسهم فيكون ذلك في حدِّ ذاته دليلا قاطعا على عدالة القضية الفلسطينية. يكفي بحث سريع عبر الإنترنت لِنكتشف العَدد المُتزايد من الحركات المناهضة للصهيونية ولليهود في الغرب ذاته، إلا أننا لا نلقي لها بالا..

لقد تبنى بعض الأمريكيين اليهود اليوم وبعض الأوروبيين مثلا، شعار “فلسطين حرة من النهر إلى البحر”، بمعنى حرة من الأيديولوجية الصهيونية ومن “إسرائيل” أداة هذه الأيديولوجية، وفضح آخرون في تجمُّعاتهم بمناسبة دعوتهم لوقف إبادة الشعب الفلسطيني، العلاقة بين تجار الحروب ومؤسسات الصناعة العسكرية في أمريكا والغرب وقاعدتهم المتقدِّمة في الشرق الأوسط والعالم التي تُسمَّى”إسرائيل”. ولم يَعد هذا الخطاب نشازا غير معروف، بل بات منتشِرا في أكثر من موقع رغم الحصار المفروض عليه… لذلك يُعدّ من بين وسائل تعزيز جبهة المقاومة ضد الصهيونية وتوسيعها في الغرب ذاته دعمُ مثل هذا الاتجاه والتنسيق بينه وبين الاتجاه العامّ الرافض للصهيونية في العالم العربي والإسلامي لكي نزعم أننا بالفعل نقف بوعي على جبهة هذا الصراع الاستراتيجي.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة