إصلاح مجلس الأمن
الرأي
إصلاح مجلس الأمن
محمد الهادي الحسني
2024/06/19
تابعت، بما تسمح به الظروف، ما جرى في الأسبوع الماضي في الجزائر من عقد “الاجتماع الوزاري للجنة العشرة للاتحاد الإفريقي لإصلاح مجلس الأمن”، الذي أسس في أعقاب الحرب العالمية الثانية من طرف “لصوص العالم” من الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة -على الباطل- الأمريكية، والمملكة المتحدة -على الباطل- بريطانيا- وتابعتهما فرنسا التي كان الإمام الإبراهيمي يسخر منها فيسميها “صغرى الدول الكبرى وكبرى الدول الصغرى”.
كان أولو النّهى وأرباب الحجى يرون أن ذلك المجلس ماهو إلا وسيلة في أيدي تلك الدول الغربية السارقة، الظالمة لإبقاء سيطرتها على الدول والشعوب المستضعفة التي رجّتها الحرب فقامت تطلب حقها في الحياة الكريمة، وتنادي في تلك الدول السارقة الظالمة أن ارحلي عن أراضينا، إذ لم نلاق منك إلا الشر.
كان في مقدمة أولي النهى وأرباب الحجى علاّمة الجزائر وعلامتها الإمام محمد البشير الإبراهيمي، الذي استيقن أن هذا الهيكل لم يؤسّس على العدل وأن هدفه ليس إقامة العدل، لأن هؤلاء المؤسسين هم “أئمة الباطل”، ولن يأتي العدل من الباطل، ولأن “قواميسهم” السياسية لا توجد فيها مادة “عدل – يعدل”، لذلك نادى هذا الإمام الناس بالحق في الشعوب المظلومة حتى لا تغتر بـ”معسول” كلام أولئك الظالمين، وكان نداؤه هو “مجلس الأمن مخيف، والراضي بحكمه ووضعه ذو عقل سخيف”. (جريدة البصائر في 7 مارس 1949، وآثار الإمام الإبراهيمي ج3. 523).
كان أكثر الناس، خاصة أولو الأمر في الشعوب الإفريقية والآسيوية، في أعينهم عمّى، وفي آذانهم وقر، وعلى عقولهم غشاوة، فلم يروا الظلم والظالمين.
من أبطل باطل هذا المجلس المخيف وأمه “الأمم المتحدة”، التي هي “سوق تباع فيها الضمائر وتشترى، قرار إنشاء هذا الكيان الصهيوني، الذي لا يبصر إلا الإجرام كما لم يصبر أوائله على طعام واحد ولو كان “منّا وسلوى”.
إن الجزائر إذ تحتضن هذا الاجتماع الداعي إلى العدل العالمي، إنما تفعل ذلك تعبيرا عن وفائها لتاريخها منذ الزعيم ماسينيسا الذي كان شعاره “إفريقيا للأفارقة”، ولصيحة إمامها الإبراهيمي “مجلس الأمن مخيف”، ولمبادرة رئيسها هواري بومدين الذي دعا إلى جلسة طارئة للأمم المتحدة في عام 1974 لإقرار نظام عالمي عادل.
أشكر باسمي، وباسم من هم على ملّتي واعتقادي دبلوماسيتنا النشطة التي جمّدها عبد القادر المالي بأنانيته وإعجابه بنفسه، وكان شعار هذه الدورة: “زمن النظام التاريخي انتهى”.
بقي على هذه الدبلوماسية أن تخوض معركة أخرى لإصلاح هذه “الجثة الميتة” المسماة “جامعة الدول العربية” التي إن بقيت على ما هي عليه، ستصبح “جامعة عبرية”، لا أنجح الله عمل الفسّاد المفسدين، خونة الشهداء والأوطان والدين.