حماس تفكّك مجلس الحرب!
حماس تفكّك مجلس الحرب!
حسين لقرع
2024/06/18
لم يُجانب عزّت الرشق، أحد قادة حماس، الصواب حينما قال إنّ “كتائب القسام قد فكّكت مجلس الحرب الذي أنشِئ قبل أزيد من ثمانية أشهر لتفكيكها”، وهذا الحدث في الواقع مؤشرٌ آخر على قرب الانتصار النهائي لحماس، وسقوط حكومة نتنياهو نفسها، ونهايته السياسية ودخوله السجن.
قبل نحو ثمانية أشهر ونصف شهر، أنشأت حكومة نتنياهو هذا المجلس لمتابعة مجريات الحرب يوميًّا في غزة وتحقيق عدّة أهداف معلنة وغير معلنة. أما الأهدافُ المعلنة فهي القضاء على كتائب القسام وباقي فصائل المقاومة، وإسقاط حكم حماس، واستعادة الأسرى جميعا بالقوّة، أما الأهداف غير المعلنة فهي تهجيرُ الشعب الفلسطيني إلى سيناء في خطوة حاسمة نحو تصفية القضية الفلسطينية، وإعادة احتلال القطاع، وعودة الاستيطان، وقد ارتكب الاحتلالُ مجازر مهولة لتحقيق هذه الأهداف، وجوّع فلسطينيي القطاع، ودمّر عشرات الآلاف من المساكن وجميع المدارس والمستشفيات وحتى آبار المياه وغيرها حتى يجعل المنطقة غير صالحة للسكن ويُجبر أهلها على الرحيل، لكنّهم صمدوا في أرضهم إلى اليوم، وأفشلوا المخطط، وثبُتت معهم المقاومة أمام الآلة العسكرية الصهيونية الجهنّمية، وواجهت تاسع جيش في العالم ببسالة منقطعة النظير، وقنصت جنوده كالبطّ، واستدرجتهم إلى كمائن ناجحة ستدرّسها كبرى الكليات العسكرية في العالم، ودمّرت دبّاباته وجرّافاته ومدرّعاته وحوّلتها إلى أكوام من الخردة المحترقة، وقتلت آلاف الجنود وجرحت عشرات الآلاف وإن تكتّم العدوُّ على أعدادهم الحقيقية، ما جعل مشاعر الرعب واليأس تدبّ في نفوس الجنود والقادة معا، ودفع الكثير من المحلّلين والأكاديميين والإعلاميين والعسكريين وحتى بعض الوزراء إلى الاعتراف باستحالة تحقيق “النصر المطلق” على المقاومة كما يزعم نتنياهو، وعدم إمكانية تحرير الأسرى بالقوّة، وجعلهم يطالبون بوقف الحرب لوضع حدّ للخسائر المتزايدة، وعقد صفقة تبادل وفق شروط المقاومة.
وعندما تكشف منظمة “نفغاشيم”، وهي حركة صهيونية تهتمّ بتقديم الدعم النفسي لجنود الاحتياط، أنّ أكثر من 10 آلاف جندي في الاحتياط قد طلبوا خدمات الصحة العقلية إثر عودتهم من الحرب في غزّة، فإنّ هذا الرقم المهول يعدّ أبلغ دليل على مدى الانهيار المعنوي الفظيع الذي بدأ جنود الاحتلال يشعرون به بعد ثمانية أشهر من التبجُّح بالقوة وارتكاب المذابح والمجازر والتجاوزات في غزة وتصوير بعضها ونشرها في مواقع التواصل.. اليوم اتّضح لهؤلاء المغرورين بقوّتهم النارية الضخمة المدعمة أمريكيّا أنّ السلاح وحده لا يكفي لحسم الحروب مهما بلغ تطوُّرُه، بل يحسمها فقط الصمود والثبات والشجاعة في القتال، والإيمان بالقضية، وهذا ما يملأ نفوس صناديد المقاومة الفلسطينية ويفتقر إليه جنود العدوّ بوضوح.
لقد نجحت المقاومة في استدراج جيش العدوّ إلى حرب استنزافٍ حقيقية مكلفة جدا بشريا ومادّيا، ولن يخرج منها إلا مهزوما مدحورا، وتتفاقم معاناته أكثر مع الجبهة الشمالية، حيث يذيقه “حزب الله” المرّ يوميا، ما جعل الاحتلال في ورطة حقيقية: هل يوقف الحرب ويضع حدا لخسائره عند هذا الحدّ ويعقد صفقة تبادل أسرى وفق شروط المقاومة، أم يكابر ويهرب إلى الأمام ويواصل القتال العبثي ليهرب رئيسُ حكومته من السقوط الحتمي والسجن؟
يبدو من تصريحات نتنياهو ومتطرّفي حكومته أنّ احتمال مواصلة الحرب أشهرا أخرى هو الأرجح بذريعة “تفكيك باقي كتائب حماس”، وهي فرصة عظيمة للمقاومة المتحصّنة جيدا في شبكة الأنفاق لإلحاق هزيمة كبرى ونهائية بالاحتلال بعد هزيمته المدوّية في 7 أكتوبر، ومن ثمّة بداية الإعداد لمشروع تحرير الأقصى وفلسطين مستقبلًا وتفكيك المشروع الصهيوني والغربي في المنطقة برمّته.