بأي حال عدت يا عيد؟
الرأي
بأي حال عدت يا عيد؟
عمار يزلي
2024/06/18
يحل عيد الأضحى، وقد أضحت مجتمعاتنا ضحية السُّنة المؤكدة التي تحولت إلى فرض اجتماعي: تنافس اجتماعي على الأضحية التي دخلت ضمن شرط “لمن استطاع”، من باب العادة الاجتماعية المرهقة للأسر وذوي الدخل المحدود، المتنافسة مظهريا وتقليدا وعادة مع الميسورين الذين تجاوزوا الاستطاعة بيسر، فيما لم يتجاوزها ذوو العسر مع ذلك، تشددوا في جعل من “اليسر عسرا”.
أضاحي هذه السنة، تجاوزت أسعارها السنة الماضية، بسبب المضاربة والجشع بلا حدود للباعة الجدد، الذي ضرب أطنابه هذه السنة، ورفع سقف التكليف إلى أعلى درجة من دون كلفة زائدة: فلا العلف زاد، ولا الدولة تخلّت عن دعمه ولا الجفاف هو وليد أيام العيد: إنها “بسيكوز” تقليص العرض لفرض أسعار فوق الطاقة المتوسطة: المضاربة والاحتكار وشراء قطعان بأكملها من طرف خواص مرابين من غير المربين، بهدف التربّح السريع بلا تعب ولا تكلفة زائدة: هؤلاء الذين لا يزالون يشتغلون رغم القوانين الردعية للمحتكرين، الذين يبدو لهم أن المضاربة والاحتكار الممنوع يقتصر وفقط على الزيت والسكر والمواد المدعمة، من دون أن يدركوا، مع أنهم يدركون، أن المواشي بضاعة مدعمة، لأنها تستفيد من دعم العلف.
بالتأكيد هناك أسباب أخرى حول ظاهرة الغلاء هذه السنة والسنة الماضية من غير هذا السبب والجفاف وكثرة الطلب، قد يدخل فيها التخوف أو التهرب من الإحصاء الحيواني وغيرها من الأسباب، لكن أضاحي هذه السنة، تجاوزت سقف المقبول.
يحل عيد الأضحى، وقد أضحى البلد على بوابة الخروج من التبعية في كل شيء، وهذا ما يربك القوى التي لا تريد أن ترى البلد يتغير نحو الجديد المطلوب شعبيا ووطنيا؛ فالقوى التي استفادت عبر الفساد لجيل كامل، لن يمكنها أن تركن إلى القبول بالأمر الواقع، بل لا زالت وستبقى تعمل على فرملة كل توجّه نحو القضاء على بؤر الفساد وشبكاته ممن استفاد ويريد أن يبقى الفساد ليستفيد منه.
يحل عيد الأضحى، وقد أضحينا بلدا قابلا للنمو بالسرعة التي لم نكن نحلم بها، وقد توصلنا إلى تبوّإ مكانة ضمن مصاف الدول النامية، وهذا خلال سنوات قليلة.
اليوم، تقف الجزائر إلى جنب السبعة الكبار، ليس لأننا منهم، وليس لأننا بلغنا الذروة، بل لأننا فقط سجّلنا حضورنا كشريك اقتصادي وأمني موثوق ومقبل على مستقبل أقوى في المنطقة والعالم، مجموعة السبعة في روما، تعتمد على الجزائر في مجال الطاقة وحتى الأمن الإقليمي والدولي، وهذا واضح من خلال الدعوة التي وجِّهت لرئيس الجمهورية لحضور فعاليات المنتدى، الذي لا نتقاسم كليا جدول أعماله ولا رؤاه، التي هي رؤى القوى الاقتصادية والعسكرية الغربية الكبرى، لكن هذا لا يمنعنا من التفاعل معها فيما يتعلق بمصالحنا الوطنية والإقليمية، ونُسمع صوتنا وموقفنا من القضايا العالمية الكبرى، وعلى رأسها إصلاح الخلل وتقليص الفجوات في العلاقات الدولية بين الشمال والجنوب، والتنمية المستدامة لدول الجنوب، لاسيما الدول الإفريقية منها، دعما للحدّ من الهجرة نحو الشمال، ورفع الغبن التقليدي الاستعماري عن القارة وعن باقي المستعمرات في القرن الـ21 وعلى رأسها القضية الفلسطينية والصحراء الغربية.
الجزائر صار لها وزنٌ اقتصادي عبر خطي الطاقة باتجاه أوروبا عبر إيطاليا واسبانيا، ويُتوقع أن تطور قدراتها الإنتاجية والتصديرية في ظل شح موارد الطاقة في أوروبا لشتاء 2025، في ظل توقف الإمدادات الروسية وفي ظل غلاء الإمداد الأمريكي.
يعود عيد الأضحى، وقد صار العالم الإسلامي والعربي ضحية صعود اليمين المتطرف في الغرب، وفي قلب الكيان الغاصب وغزة ضحية العالم المقلوب.