موقــــف و خـــاطـــــرة السيرة النبوية منهج حياة ودليل نجاة
موقــــف و خـــاطـــــرة
السيرة النبوية منهج حياة ودليل نجاة
ا2024-06-05
الشيخ نــور الدين رزيق الأمين العام – جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
إن السيرة النبوية تسجيل صادق لحياة سيد البشر، ورسول رب العباد: محمد صلى الله عليه وسلم حيث اختاره الله للرسالة الإلهية الخاتمة الخالدة، ليضع في أيدي البشرية مفاتح سعادتها، ويضع أقدامها على مدارج الرقي، فمن أخذ ذلك بقوة واعتزاز، كان ممن قال الله فيهم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ}[آل عمران/110]، وممن وصفهم الله بقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}[البقرة/143].
ولذلك، فإن الله –جل جلاله- جعل مناط القدوة ومحل الأسوة محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا}[الأحزاب/21].
وجعل معيار التقوى اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} [آل عمران/31].
ولن يتم للعبد تمام التأسي وكمال الاتباع، إلا بمعرفة سيرة خير البرية وسيد البشرية: محمد صلى الله عليه وسلم ودراستها، بتمحيص وتوثيق، ليصفو للمتبع الثابت الصحيح المقبول من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد كثر الاهتمام بهذا الموضوع في قديم الزمان وحديثه دراسة وكتابة وتأليفا، لأنه عمل ينبثق من صميم الإيمان وغريزة الحب والتفاني، إلا أن عامة القائمين بذلك لم يوفوا حقه من التحقيق، بل أدخلوا فيه ما وافق أفكارهم وميولهم وعواطفهم، ولو لم يكن له حظ من الصحة والثبوت، بل جاءوا ببعض ما هو مصطدم بأصول الدين وخارج عن حيز نطاق المعقول.
لم تسلم سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من الهمز واللمز والطعون والشبهات من قبل بعض المستشرقين من امثال: كارل بروكلمن والمستشرق نُيْكِلسون بما فيهم جورج بوش في كتابه: محمد مؤسس الدين الإسلامي ومؤسس إمبراطورية المسلمين (مترجم إلى العربية).
وبالمقابل كتب آخرون بإنصاف في حق محمد صلى الله عليه وسلم مثل: ميكل هارت “العظماء المائة” أو الكاتبة البريطانية كارين أرمسترونغ “محمد نبي لزماننا” أو الكاتب الأمريكي خون كول “محمد رسول الإسلام؛ وسط الإمبراطوريات”.
متى بدأ تدوين السيرة النبوية؟
كان اهتمام الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم بدقائق حياته: روى مسلم وأحمد والراوية لأحمد: عن محمد بن كعب القرطبي قال: “قال فتى منا من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان (ض): يا أبا عبد الله، رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه؟ قال: نعم يا ابن أخي، قال: كيف كنتم تصنعون؟ قال: والله لقد كنا نجهد قال الفتى: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض ولجعلناه على أعناقنا…
بعض المتأخرين في غرور وتشدد كأن الصحابة قصورا في حق النبي صلى الله عليه وسلم.
بدأ تدوين السيرة النبوية منذ عهد “معاوية بن أبي سفيان” أيْ منذ بداية انتشار الإسلام الأولى في عهد الدولة الأموية، وهذا توقيت مبكر جدًّا للتدوين فيها. وقد بدأ التدوينَ فيها جماعة من المُحدِّثين، منهم التابعيّ عروة بن الزبير بن العوَّام، وكذا أبان بن عثمان بن عفَّان، وكذا وَهْب بن مُنبِّه. إلى أن يظهر محمد بن إسحاق ليكتب سيرته الشهيرة؛ مقسمًا إيًّاها ثلاثة أقسام: المبتدأ وفيه تناول التاريخ منذ بدايته إلى ميلاد النبي باختصار، ثم المبعَث وفيه تناول حياة النبي، ثم المغازي.
ما هي أهمية السيرة النبوية؟
قد يبدو السؤال عن أهمية السيرة النبوية ذا إجابة بدهية. لكن التذكرة تنفع المؤمنين؛ وتكمن أشد عناصر أهمية السيرة النبوية والقراءة في كُتُبها في:
معرفة كيف بدأ الإسلام وكيف انتشر منذ دعوة الرسول الأولى.
الكشف عن المواقف التي مرَّت بحياة الرسول وبالإسلام في مرحلته الأولى. ومن هذا الكشف نقي أنفسنا تلك الشبهات التي يبثُّها البعض عن هذه المرحلة، ونرد على أصحابها، كما نفهم بها تاريخنا الحقيقيّ ونعيه.
نعايش النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته اليوميَّة؛ فنتقدي به. وهذا مطلب من مطالب الإسلام، وهو السر من وراء إرسال الله الرُّسل بشرًا؛ فقد بيَّن أنَّه فعل ذلك ليكونوا قدوة كاملة قادرة على إلهام الآخرين أنماط الحياة السليمة. وهنا ننوِّه أن القراءة في هذا المجال من أجلّ الأعمال الصالحة التي يقوم بها المسلم.
نمتلك بما نقرأه ثقافة ننصح بها إخواننا المسلمين؛ إمَّا بالقراءة للإفادة وإمَّا بإعطائهم نصائح مباشرة من حياة النبيّ وأصحابه. وبهذا نكون قد حققنا مراد الله كاملًا بتطبيق نمط الحياة الإسلامي في أنفسنا وفي غيرنا.
ولا شك أن معرفة الماضي -أيًّا ما كان- هي التي تخبرنا عن حاضرنا، وهي التي تجعلنا أشد دراية عن مستقبلنا.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.