فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء المرأة وشؤونها

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3379.67
إعلانات


القوامة بين الإقالة والاستقالة

الحدث

القوامة بين الإقالة والاستقالة

: 2024-05-06

أ.د حجيبة أحمد شيدخ/

تحاول الحركات النسوية إفهام المرأة أن القوامة امتياز عظيم لابد أن تنافس المرأة فيه الرجل لتحقق المساواة وتنتصر في الحرب التي أعلنتها على الرجل بسبب ذكوريته وتسلطه، وإن كان الخطاب التفسيري لقوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا…) [النساء/34]، قد عرض في بعض الأحيان مسألة التفضيل بطريقة استفزازية، إلاّ أنّه ما كان يجب أن يكون مبررا لتفسير الآية بتأويل متعسف فيه من قبل الحركة النسوية عموما «مع العلم أن الرؤية النسوية يشترك في تبنيها والدفاع عنها نساء ورجال»، فالفهم الوسط ينقل لنا معاني تؤيدها الفطر السليمة التي تستجيب للنداء الداخلي عند المرأة: بأن الحياة الزوجية تبنى على تكامل الأدوار وتنوعها لتستقيم الحياة وتستمر، وأنّه لا الرّجل ولا المرأة يستطيع القيام مقام الآخر إلّا في حالات شاذة، وبالتالي فلا الراتب ولا القوة البدنية عند بعض النساء يمكنها أن تمكّن لصمود المرأة في قوامة الأسرة.
في مقابل الاتجاه النسوي التأويلي، يناقش الاتجاه الإصلاحي مفهوم القوامة من منظور مقاصدي وظيفي، انطلاقاً من تجليات الخلل على المستوى الواقعي، إذ لا يمكننا إغفال الخلل الموجود في الممارسة العملية لهذه القوامة، فالذي يجب أن تحتج عليه المرأة السوية هو إهمال الرجل لهذه القوامة، وتركها في غالب الأحيان تتصارع مع الزمن لكي تبقى أسرتها قائمة.
في واحد من الملتقيات التي نظمتها جمعية العلماء المسلمين عن الأسرة تحت شعار: «إذا صلح بناء الأسرة صلح بناء الأمة» حضَرنا ورشة بعنوان: هل فعلاً استقال الرجل من قوامة الأسرة؟ ولأن هذه الورشة استحدثت ولم يحضّر لها فقد كانت مميزة، لأنّ الأساتذة والأستاذات الذين حضروا عبروا عن واقع نعاني منه جميعا وهو الخلل في أداء الأدوار. واتفقنا أنّه يوجد ثلاثة أنواع من الرجال:
-رجل مستقيل جزئيا.
-رجل مستقيل كليا (في حالة الانفصال مثلا).
-رجل قوّام.
ثمّ ناقشنا أسباب الاستقالة واتفقنا أنّ هناك غيابًا مبررا، وهو باتفاق الزوجين، ويكون بسبب العمل بعيدًا؛ كأن يكون في بلد آخر أو في مدينة أخرى أو يعمل لساعات طويلة. واستقالة غير مبررة، وهي بسبب غياب البعد المقصدي للبناء الأسري، ثمّ الاتكال على الزوجة والذي ينتج عنه الاهمال والانسحاب.
والطريف في الأمر أنّ المرأة التي تشتكي من غياب قوامة الرجل اتفق الحاضرون والحاضرات على أنها هي السبب في ذلك في أغلب الأحيان وتوصلنا إلى أن أهم أسباب هذا الغياب.
-رغبة المرأة في الظهور بصورة المرأة القوية.
-التعدي على أدوار الزوج فتشجعه على الانسحاب.
– الخضوع للتقاليد: «الرجل سي السيد» وهذه الثقافة هي السائدة في مجتمعنا في حين الرسول -صلى الله عليه وسلم – وهو قدوتنا لما سئلت عنه عَائِشَة رضي الله عنها: «مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ فقَالَتْ: كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَه».
وفي رواية: «كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ» وكان -صلى الله عليه وسلم – لا يعيب طعاما قط، إن اشتهاه أكله وإلاّ تركه. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «مَا عَابَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ وَإِلَّا تَرَكَه» ولكن في وقتنا قد يحدث الطلاق بسبب أكلة لا تستساغ من الزوج وبسبب نقاش بسيط حول أمور الأسرة …
– الطلاق العاطفي وغياب الحوار: فكم من البيوت يعيش فيها الأزواج منفصلين لا يطيق أحدهما كلام الآخر وقد تكون الأسباب تافهة، فيشجع ذلك الزوج على الاستقالة من تفعيل الحياة الأسرية ويعيش كل منهما عالمه الخاص وتنتج عن هذه العلاقة ضحية أخرى وهم الأطفال.
أماعن الحلول، فيجب إعطاء السلطة في حياتنا للدين بدل التقاليد وتشجيع دورات الإرشاد الأسري ودورات تأهيل المقبلين والمقبلات على الزواج، وتفعيل مقاصد البناء الأسري عن طريق الندوات والملتقيات.
وإذا كانت المرأة من أسباب إقالة الرّجل من قوامته على المستوى النّظري بما تروج له الحركة النسوية من تفسير للقوامة، وعلى المستوى الواقعي بمفاهيم خاطئة تعيش بها أغلب النساء، فإنه يجب علينا الدعوة إلى الشراكة في تعليم الأولاد ورعايتهم والحوار معهم، والعمل على تفعيل سلطة الأب القوّام في البيوت وبخاصة في وقتنا الحاضر لأن فيه كل مغريات الضياع، ولابد أن يزاحم الرجل الرجل في أسواق الخضر والفواكه… وليس المرأة.
لقد أصابت القوامة تشوهات كثيرة على المستويين النظري والتطبيقي ولكي نعيد الوظيفة الاستخلافية للأسرة لابد أن نفهم الخطاب القرآني فهما صحيحا لايناقض الفطرة والفروق التي ميز بها الله –عزّ وجلّ – جنسي الإنسان. أما بريق المساواة الذي أغرى الفكر النسوي المرأةَ به، فلن يصمد أمام حقيقة الخلق الإلهي (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك/ 14].


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة