د. عبد المجيد بيرم
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين /
إذا كانت قضية فلسطين هي محنة أمتحن الله بها ضمير الأمة و همتها ووحدتها في القرن الماضي –كما قال الشيخ البشير الإبراهيمي – فإنّ طوفان الأقصى وغزة العزة اختبار أختبر الله به هذا الجيل، وهو أيضا اختبار للعالم أجمع، شعوبا وحكومات ومنظمات دولية، فلم يبق عذر لأحد بعدما وصلت الحقائق جليّة واضحة بالصوت والصورة لكلّ العالم، أسمعت من به صمم وبصّرت من به عمى، من خلال النقل المباشر، رغم محاولات الكيان الهمجي وحلفائه التعتيم وطمس الحقيقة وتزوير الوقائع.
ممّا أحدث وعيا تحركت له الفطرة الإنسانية في شعوب الدول الغربية فخرجت لتعبّر عن رفضها لهذه الإبادة التي ترتكبها دولة الكيان على مرأى ومسمع من العالم، وتندد بموقف حكوماتها المساندة للإجرام والابادة،كما شهدت بعض الجامعات الغربية تفاعلا عجيبا من قبل الطلبة واعتصامات منددة بجرائم الاحتلال الصهيوني، بعدما سقط القناع عن الدولة الديمقراطية المزعومة الوحيدة في الشرق الأوسط، وما نراه أيضا من اعتراف بعض الدول الغربية بدولة فلسطين، وصدور قرار من محكمة العدل الدولية، وما صدر عن المحكمة الجنائية في إدانة رؤوس الإجرام في الكيان الصهيوني كل ذلك مؤشرات على مرحلة جديدة، كل ذلك تمّ بفضل صمود الشعب الفلسطيني واستبساله أمام ألة القتل والتدمير الهمجي الصهيوني، والتجويع والحصر والتهجير، لكن هذا لا يغني من مراجعة المواقف الرسمية والشعبية من تربطهم بهم أواصر الدّين والأخوة والمصير، والقيام بواجب النصرة في حدود المقدور والمساندة والدعم على اختلاف أشكاله ومجالاته.
المشروع الوطني الموحد ممهد لمشروع الأمّة:
إنّ انخراط الأفراد في مشروع الأمة الكبير إنّما هو نتاج إدراك ووعي لما يحيط بهم من مخاطر ومخططات وما تتطلبه المرحلة من يقظة وعمل وسعي، بحيث يصبح المرء يشعر أنّه على ثغر يحذر أن يأتي العدو من جهته، سواء أكانت أفكارا تشكيكية أم إلحادية أم نظريات أم سلوكــــــــــــــات وانحرافات أخلاقية أو نزعات إنفصالية، أو دعوات عرقية وطائفية .وهذا لا يتحقق إلاّ بعمل دؤوب متواصل من خلال الاعداد الجيد للمنظومة القيمية التي تُوَجِّهُ المجتمع، وهذا دور المدرسة والمسجد والأسرة ووسائل الاعلام والنخب الفكرية والعلمائية…، وكل هذا ينمي الشعور بالانتماء للأمة بحيث يجعله يشعر أنه جزء من هذا الكل، ويقوي الرابطة الايمانية.
فالأحداث التي ترجّ الأمة رجا توقظ فيها النخوة وتحيي فيها الأنفة والعزة فتقوم لتنفض الغبار عن نفسها وتتخلى عن لباس الخمول والهوان وتأخذ بأسباب المنعة والقوة وتزيل العوائق التي تحول بينها وبين نهضتها.
الرابط الجامع
يمثل الدّين الإسلامي أقوى العوامل في غرس روح الأخوة بين أبناء الملة الواحدة: «إنّما المؤمنون إخوة»، وما أبلغ الوصف النبوي للمسلميــــــــــــــن في علاقاتهم وترابطهم وتراحمهم «كمثل الجسد الواحد» الذي يتشكل من أجزاء مترابطة غير منفصل، وهذا يجعلهم يشعرون بما يعانيه إخواننا الغزاويون من معاناة تعجز الكلمات وصفها.
فالقيام بواجب النصرة تجاه إخواننا الفلسطنيين هو واجب الوقت الذي لا يسقط إلاّ بالأداء، وتظافر الجهود لتحقيق هذا الغرض.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.