لقد كانت هذه الايام المباركة فرصة سعيدة من خلال إظهار كيف يعانق الحاضر الماضي إستعدادا للمستقبل، فلا حاضر لمن لا ماضي له، ولا سيادة لمن لا تاريخ له والماء يتبع مجراه.
قال ابن باديس رحمة الله عليه: «الحق فوق كل أحد و الوطن قبل كل شيء».
منذ تأسيس هذا الصرح العلمي الإصلاحي الكبير ج.ع.م.ج عام 1931 كرس مؤسسوه أقصى جهودهم لتوعية الأمة من خلال العلم و المعرفة على أسس سليمة، استمدت اصولها من قيم هذا الشعب العظيم، في ظروف طغى عليها الإضطهاد وكل أنواع التخريب، لقد راهن المستعمر منذ الأيام الأولى لتأسيسها على إنهائها بأسرع وقت نظرا لما يشكل استمرارها من خطر عليه، وكانت النتيجة الحتمية لهذه الوضعية في بعض الأحيان النفي المفروض أو القسرى لمصلحيها توحدت القلوب بالعقيدة والألسن بالقرآن وبرزت الشخصية الجزائرية، إسلامية الروح عربية اللسان إنسانية الطابع، فلم تنل منها مخططات المسخ بالتنصير والادماج، فلقد رافقت مسيرتها صعوبات مختلفة من خلال خوض جبال الجهل والأمية والفقر، فخطر هذه الآفات الاجتماعية وخيمة تجرعتها الأمم ومازالت تتجرعها الانسانية منذ القدم، فقد أدرك علماء الجمعية مدى خطورة هذا السلاح، وللقضاء عليه يكون بالاستثمار التربوي الذي يعني تنوير العقول وإخراجها من بؤرة الجهل.
المسار الذي سلكته هذه الجمعية يبقى الصورة البارزة للصعوبات التي كانت تعانيها هذه الأخيرة في التعبير عن أفكارها في بداية هذا القرن وكما قيل: لولا الصعاب و العقبات مابرز الرجال ولالمعت بالتاريخ أسماء.
إن العلماء يرحلون ليبقوا ،عاشت تلك الكوكبة المؤسسة لهذا الصرح الكبير في هدوء ورحلت بهدوء الواحد تلو الآخر بعدما أعطت كلّ شيء لشعبها ووطنها تاركة ورائها إرثا علميا ضخما وأمانة الجمعية للأجيال التي تأتي بعدها للحفاظ عليها، ولن يتأتى هذا الأمر إلاّ بتوعية مجتمعنا وخاصة الشريحة الشبانية منها بمدى أهمية هذا التراث الجزائري.المقوم الأساسي للشخصية والهوية الوطنية و تكثيف الجهود لإستمراريتها.
ونحن نحي ذكرى التأسيس 05 ماي 1931 لابد لنا من الوقوف على ما أنجزته هذه الجمعية من لبنات إصلاح من خلال الجهد الطويل الذي خاضته منذ تأسيسها، عبر كل قطعة من هذه الأرض المباركة التي أريقت بدماء الأجداد وهي تدرك ملكيتها لكل الشعب الجزائري، يحافظ عليها كل من موقعه.
لذا من الضروري إجراء تقييم موضوعي علمي سليم يحلل حصيلة مسيرتها التربوية الإصلاحية تحليلا أكاديميا يسهل التعرف على الإيجابيات وعلى النقائص، واستيعاب كلّ اقتراح جيد ومفيد للأمة وخلاصة مشتركة يلتقي حول جوهرها الجميع في برنامج عمل يرتكز على متطلبات المهام الوطنية الكبرى، مع توظيف مايجري اليوم احسن توظيف لخدمة المستقبل من خلال ضبط العلاقة بين واقع المرحلة الحالية وبين متطلبات المراحل المقبلة مع الحرص على تحقيق الانسجام والتكامل بين المراحل.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.