شؤون تربوية الرقابة الأسرية في العصر الرقمي// البصائر*
شؤون تربوية
الرقابة الأسرية في العصر الرقمي
2024-05-14
يبدو أن الرقابة الأسرية في العصر الرقمي، ورغم انتشار الكثير من الدورات التدريبية، والاعلان عن تقنيات وبرامج تُمكن الوالدان من رقابة أبنائهما على الانترنت، أو النصائح التي يقدمها رواد التربية والتنمية البشرية للوالدين، لتجنب الصدام داخل الأسرة، إلا أن القليل هو من يهتم بغرس القيم الأخلاقية والضميرية في نفوس الأبناء، كأحد أهم الوسائل الرقابية النابعة من الذات، وليس كسيف مسلط من الخارج.
في مسألة الرقابة الأسرية في العصر الرقمي، ومن مظاهر غياب الرقابة الضميرية في العالم الرقمي، هو انتشار ظاهرة التنمر، وهي ظاهرة لا تقتصر على الدولة المتقدمة وحدها، ولكنها منتشرة عالميا، لكن المجتمعات المتقدمة تمتلك إحصاءات حولها، ففي المجتمع الأمريكي-مثلا- خلصت دراسة على عينة من المراهقين، أن 65.5% منهم يعتبرون أنفسهم ضحايا عبر الأنترنت، وأن 56.6% يعتبرون أنفسهم متنمرين، وفي دراسة أخرى أجراها معهد “بيو” لأبحاث الدين عام 2018م، وجدت أن 59% من الشباب الأمريكي تعرض للتنمر ولو لمرة واحدة على الانترنت.
وتشير احصاءات أمريكية أن 41% من البالغين في الولايات المتحدة تعرضوا لشكل من أشكال التحرش على الانترنت، وأن 92% من الأمريكيين يعتقدون أن التنمر على الانترنت مشكلة، وأن 55% من هؤلاء يعتقدون أنها مشكلة كبيرة، وأن أكثر من 75% يظنون أن جهود مكافحة التنمر على الانترنت غير فعالة.
وأوضحت منظمة منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونسيف أن التنمر على الانترنت وصل إلى أبعاد خطيرة، ولهذا يبدي الآباء الكثير من القلق حياله، سواء في حال قيام الأبناء بممارسته، أو وقوعهم ضحية له، مما يزيد أكثر من
ويلاحظ أن الكثير يختبيء خلف الشاشات ويتنمر ويسيء للآخرين، ظنا أن برامج الرقابة لن تصل إليه، أو أن باستطاعته التخفي، ومع هذا الوهم الطاغي في أن العقوبة بعيدة عنه، فإنه يطغى ويتمادى، وربما انتقل من العالم الافتراضي إلى الواقع لينفذ جريمته.
إحصاءات الأمم المتحدة، تؤكد أنه مع تحول الرقمية لجزء لا يتجزأ من الحياة الحديثة، فإن البعض من الشباب لم يعد أمامه إلا فرصة ضيئلة للهروب من التنمر الرقمي، وهو ما يسبب لهم القلق والتوتر، وربما دفع بعضهم للانتحار، وتشير الاحصاءات أن 10% ممن تعرضوا للتنمر الرقمي حاول الانتحار، وتشير الاحصاءات الأممية التي جرى فيها تحليل (19) مليون تغريدة على مدى أربع سنوات، أنه تم إحصاء أكثر من خمسة ملايين حالة كراهية للنساء على موقع “تويتر” وحده، وأن 51% من تلك الاهانات والتنمرات كتبتها نساء ضد نساء مثلهن، كما وجد التقرير أن هنا حوالي 7.7 مليون تغريدة عنصرية.
والواضح في مسألة الرقابة الأسرية في العصر الرقمي، أن تلك الاساءات غير مرتبطة بجغرافية أو ثقافة بعينها، ولكنها مبثوثة في العالم، وأن البعض يوجه إساءاته إلى أشخاص لا يعرفهم في كثير من الأحيان، وأن التنمر المجهول المصدر هو الأكثر إثارة للقلق، لغموض دوافعه، وهذا قد يخلق رهابا من الرقمية ذاتها.
ويعمق هذا القلق تحول الرقمية لمجال خصب للأرباح المهولة، وضعف سلطة الأسرة على أبنائها، وعدم استطاعة الآباء إيجاد توازن بين استخدام الأبناء للرقمية وبين إيجاد هامش معقول من الرقابة على هذا الاستخدام، وهو ما جعل مهمة الآباء صعبة، وتبدو ذات وجه استبدادي، قد يؤثر على العلاقات داخل الأسرة.
إسلام أون لاين بتصرف
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.