فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3374.36
إعلانات


مُعجزةُ الأَنفاق تكسرُ شوكةَ الإِنفَاق !! ل- د.خديجة عنيشل/ البصائر*

مُعجزةُ الأَنفاق تكسرُ شوكةَ الإِنفَاق !!

2024-05-27

5 3 دقائق

د.خديجة عنيشل/ البصائر

استكبر الصهاينةُ بالمال لتتمَّ لهم السيطرةُ المطلقةُ على الأرض، وليبسُطوا نفوذَهم على العالَم، وليرسّخوا مفهومَ (الجيش الذي لا يُقهر) في نفوسِ الشباب العربي فلم يعد أحدٌ يُصدّقُ فعلاً أن الصهاينةَ يمكنُ أن يُهزَموا. وظلت نزعةُ الغطرسة الصهيونية تتعاظمُ بفعلِ الأنظمةِ العربيةِ المتخاذلة وإعلامِها الموجّه الذي كرّسَ للتفاهةِ والعَدَمية وللانحطاطِ الأخلاقي فنشأَ جيلٌ من الشباب لوّثهُ الفراغُ والغناءُ الساقطُ والفُحشُ في الذوق، شبابٌ أُغرِقَ في لُجَجِ المخدرات فانطمست بصيرتُه وغُيّبَ عن قضايا أمّته الكبرى وكان الاتجاهُ العامُ الذي رسمتهُ دوائرُ الإعلامِ التقليديةِ أن يكون هذا الجيلُ مُفرَغاً من القيم؛ فلم يعد له شأنٌ سوى بمباريات كرة القدم أو بمتابعة رؤوس الفن والعفن. واطمأنت دولةُ الاحتلال بهذا الوضع على جِوارِها والطوقِ المحيطِ بها أن لا يأتيها منه عُدوان. وظلَّ الكيانُ الصهيونيُّ يُنفقُ المزيدَ من المال على جيشه ليحمي نفسَهُ من حجارةِ الأطفال في فلسطين، فأمعن في القتل والحصار والتضييق يظنُّ أنه سيطرَ على الأرض وعلى الناس؛ ففي عام 2022 أنفقت دولةُ الاحتلال أكثرَ من 23.4 مليار دولار على الجيشِ والتسليح، وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلم؛ أي إنها أنفقت 4.5% من الناتج المحلي على الجيش، وهي عاشرُ أعلى نسبةِ إنفاقٍ عسكريٍّ في العالم،فضلاً عن دعمِ الولايات المتحدة الأمريكية له إذ في عام 2023 تجاوزَ التمويلُ العسكريُّ الأميركيُّ للصهاينة 3.8 مليارات دولار !!
وحين أرادَ الله الخبيرُ البصيرُ أن تتبدلَ الموازينُ عصفَ بكلِّ ذلك الإنفاق الصهيوني وجعلهُ هباءً منثوراً، وسلّطَ على الصهاينة رجالاً من تحتِ الأرض من الأَنفاق ذوي بأسٍ شديد ونسفوا كل مخططاتِ الإفساد التي اشتغل عليها الصهاينةُ وأعوانُهُم طويلاً طويلاً؛ فقد ظهر للشباب المسلم نموذجُ الرجلِ الحرّ الذي يأبى الضيم ويرفس بقدميه كل الشهوات ويستغني عنها، نموذجُ الفِداء الأسطوري وهو يرى فتيةً في عمرِ الزهور يتنافسُ الشَّابَّانِ في من يضعُ العبوّةَ الناسفةَ على ظهر (الميركافا) !! كأنهما في لحظةِ المنافسةِ تلك يرسمان عالماً جديداً للناس تختلفُ فيه القِيم: قيمةُ الحياة في العزة والإباء لا في الشهوةِ العرجاء، وفي شهورٍ معدودات أبطلَ الله عملَ المُفسدين فتحوّلَ الناسُ من اهتماماتٍ جوفاءَ وأوقاتٍ كان يضيعُ فيها العمرُ والدينُ بين يدي شياطين الدراما التركية إلى متابعةِ أخبارِ المقاومة، وترقّبِ كلمةِ الملثّمِ أبي عبيدة، بل إن الناسَ صاروا يستبطئونَهُ ويخشونَ عليه إن طال غيابُه !!
ورجعَ الناسُ إلى العبادة المهجورة: الدعاء فصار الصغيرُ والكبيرُ يلهجُ بالدعاء لرجال المقاومة أن ينصرَهمُ الله ويسددَ رميهم، وتدفّقت في قلوبِ المسلمين مشاعرُ الرحمة والتضامن فهبّت عمومُ الأمة إلى نُصرةِ إخوانهم في غزة بالتبرّعاتِ المديدَة، وبُعثت الحياةُ في الجسدِ المريضِ فانبجستْ قِيَمُ الجماعةِ والتوحُّدِ بعد أن فرّقتهمُ قوى الاستكبار العالمي شِيَعاً وطوائفَ، وأشعّت على العالَمِ كلُّهُ أنوارُ الإنسانيةِ التي أرادت قوى الشرِّ الإمبريالية الصهيونيةِ أن تطمسَها وتُحلَّ محلَّها نزعاتُ الفردانية والأنانية والاستعلاء فانتفضت الكرةُ الأرضيةُ انتصاراً لفلسطين بعد أن لم يكن أحدٌ يسمعُ بعبارة (الحق الفلسطيني) صار الأحرارُ في العالم كلهم صوتاً واحداً يتداولونها ويرفعون الأعلامَ الفلسطينية مُطالبين بوقف الحرب في غزة، من كان يُصدقُ أن أوروبا التي زرعت الكيانَ الصهيونيَّ المجرمَ في أطهرِ بقاع الأرض يتظاهرُ فيها الملايينُ ضدّ هذا الكيان؟!! من كان يُصدق أن دُولاً أوروبيةً تعترف بفلسطين، وأن ملكَ الدنمرك من شرفته يرفعُ علمَ فلسطين مُشاركاً لآلافٍ من المتظاهرين المؤيّدين لوقف الحرب فيها، حتى المؤثّرين من أعلام الفن الغربي استعملتهُم العنايةُ الربّانيةُ لينصروا أهلَ الرباط في فلسطين بل استعملت أولادَهم؛ فمؤخراً تداولت وسائلُ إعلامٍ كثيرة صورةَ المخرج البريطاني-الأمريكي كريستوفر نولان صاحبِ الأوسكار في حفل تخرّج ابنته وهي ترتدي الكوفيّةَ الفلسطينيةَ تضامناً مع المُستضعفين في غزة والأمثلةُ كثيرةٌ جداً .
ولا زالت معجزةُ الأنفاق في غزة الصامدة تُرسلُ إلى العالَمِ كلِّهِ دروساً تَتْرَى، وملامحَ بطوليةً لا تنتهي في مشهدٍ لا يُصدّقُهُ العقل ويُجبرنا على التساؤلِ كل الوقت: كيف استطاع رجالُ المقاومة فعلَ هذا؟ كيف تمكّنوا من صناعةِ هذه المعجزة التي قالت عنها الأستاذةُ اليهوديةُ دافنيه ريشموند باراك -أستاذة في جامعة ريشمان وصاحبة كتاب «حرب تحت الأرض» – وهي تصفُ أنفاقَ المقاومة بأنها «واحدة من بين أكبر وأعقد الأنفاق وأكثرها تطورا التي بنيت في تاريخ الحروب».!!!
الجوابُ الوحيد: لقد حقّت كلمةُ الله ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة