الحروب أنواع، منها العسكرية والاقتصادية والثقافية التي سمّاها المستشرق الفرنسي جاك بيرك “القتال الثقافي”، وذلك في مقال نشره قبيل موته ببضع سنين في جريدة القبس الكويتية، وعن هذا النوع من القتال يقول الشاعر أحمد شوقي:
والباسلان: شجاع قلب في الوغى وشجاع رأي في وغى الأفكار هذه الحروب الثقافية تسمى أحيانا “الحرب النفسية” التي تستهدف نفسية الأفراد والشعوب، لإحداث التفكك والوهن والارتباك وتحقيق الهزيمة النفسية للسيطرة على المستهدفين وتوجيههم ضد مصلحتهم وتطلعاتهم.
لقد عانى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من هذه الحرب النفسية أكثر مما عاناه من الحرب المسلحة أو الحرب الاقتصادية، وإلى هذه المعاناة أشار القرآن الكريم في قوله تعالى: “ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون”.
إن أقذر حرب وأشرسها وأشدّها قساوة وافتكها هي هذه الحرب الصليبية البشعة التي شنتها فرنسا الصليبية ضد شعبنا لتحطم إرادته، وتوهن عزيمته، فيقعد عن جهادها، وقد سمى الإمام ابن باديس هدف فرنسا اللعينة من ذلك هو إماتة الشعب الجزائري “موتا فكريا”، وهو ما أشار إليه الشيخ مبارك الميلي في مقال له تحت عنوان “العقل الجزائري في خطر”.
لقد ألبست فرنسا الكاذبة حربها النفسية ضد الشعب الجزائري “لباسا علميا”، فادعت على لسان أحد كذبتها ـ وما أكثرهم – وهو بيير مورلان – أن الشعب الجزائري “عرق غير قابل للتربية”. (race inéducable)، (انظر الشهاب، جانفي 1938، ص499).
لقد تصدى أئمتنا – وفي مقدمتهم الإمام ابن باديس – لهذه الحرب النفسية الفرنسية القذرة، وواجهوها بالعلم الصحيح، والإرادة الغلابة، والعزيمة الصلبة، والعمل الدؤوب، وأشاعوا الرجاء في نفوس شعبهم، وأكدوا على لسان إمامهم أن “طينة الجزائري طينة علم وذكاء إذا واتتها الظروف وها هم أبناء الشعب الجزائري – رجالا ونساء – يعلمون الفرنسيين لغتهم في جميع مراحل التعليم، ويداوون مرضاهم، ويديرون مؤسساتهم، وإن كأس العالم التي حصلت عليها فرنسا كانت بفضل “الجزائري” زين الدين زيدان، الذي قد يدرب فريقها الوطني.
أقول هذا لأشير إلى ما حققه طلبتنا وطالباتنا من جامعات وهران، وبلعباس، ومدينة الجزائر، وبجاية، وباتنة بحصولهم على الجائزة الكبرى “وتربعوا على عرش مسابقة هواوي لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات بتفوق الفرق الثلاث المشاركة” في المسابقة الدولية لشركة هواوي في جمهورية الصين، (جريدة الخبر في 27/5/2024 ص24).
إن الشهادة الابتدائية التي كان يحصل عليها التلاميذ الجزائريون في عهد فرنسا الأشقى والأتعس كانت أقل – كيفا وكما – من شهادة التلاميذ الفرنسيين، وكانت فرنسا – “الحضارة والتمدن” – تسميها (titre indigène). لست أدري من أي شيء خلق هؤلاء الفرنسيون؟
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.