فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3374.36
إعلانات


فلسطين وأوهامُ اليمين واليسار العربيين

لا يستغرقنّ أحدُنا في ما يحيط به من مشاغل، تبدو لفرط ثباتها مكتسبات لا تتغير، المادية منها خاصة. الكل يُستدرج إلى نهاية يريدها الله منا؛ فلنحذر من الأقدار إذا استدرجتنا. وأولاهم بالحذر، أولائك الذين آتاهم الله حظا من الدنيا، تناولوه من طريق محرّم، فهم فيه لاهون وبه فرحون.
“طوفان الأقصى” وهب الأمة طوفانا من الوعي قلما تجود به الأيام، فدفع الكيِّسين من الناس إلى ضبط ساعاتهم على إيقاع السنن الكونية التي تتحكم في سيرورة الحياة من كل جانب. أما من تأخر عن اللحاق بساعة الزمن، فلينتظر النوازل عندما تقع.
النظرة الأفقية مسدودة في قضية الدولة الفلسطينية، أما النظرة العمودية فمُبهجة. ليس لأحد التصرف إلا في ما يملك وبالتي هي أصوب، أما ملك الأمة فلا أحد له الحق في المتاجرة به مهما كان شأنه. المبادرة العربية للسلام لسنة 2002 وُضعت من دون استشارة الشعوب، والزمن قتلها. فإذا استعصى الحل على هذا الجيل فالأمة ولّادة، ولا نستعجل النصر، وإن طال بنا الرباط.
حسمُ الصراع يكون في الميدان، وتحت بريق الأسنة ولمع السيوف، ولا يفيد فلسطين دموعٌ من هنا أو عواطف من هناك. كثيرات قدّمن أعمالا بطولية، وكن في الصفوف الأولى مع المجاهدين. ومنهن من كانت تمد المقاومة بفلذات، وتستنزل النصر في الخلوات.
يباهي الصهاينة بالتطرف والإرهاب جهارا نهارا، ويعلّمون صغارهم كيف يحملون السلاح، ليكون الصهاينة وحوشا يقتلون الفلسطينيين في الميدان، ونحن نستحي أمام العالم أن يرانا كما نحن كائنون، بل إن بعضنا يغيّر من جلده الخشن ليكون مثل النواعم، ويخشى أن “يترجّل” أمام عدوه وهو قريب منه في الساحات.

النظرة الأفقية مسدودة في قضية الدولة الفلسطينية، أما النظرة العمودية فمُبهجة. ليس لأحد التصرف إلا في ما يملك وبالتي هي أصوب، أما ملك الأمة فلا أحد له الحق في المتاجرة به مهما كان شأنه. المبادرة العربية للسلام لسنة 2002 وُضعت من دون استشارة الشعوب، والزمن قتلها. فإذا استعصى الحل على هذا الجيل فالأمة ولّادة، ولا نستعجل النصر، وإن طال بنا الرباط.

لا ينفطم بعض الساسة والكتّاب المتحمسين عن البحث في التاريخ عن ملهمين ثوريين كل بحسب ميله وانتمائه، يزيد بالإلهام أوار صراع يشتعل هنا أو آخر يخبو هناك. قد نجد لهذا المنطق عذرا لدى مناضلين لم يعرفوا عن المــثل الملهمة غير “شي غيفارا” و”ماو تسي تونغ” و”لينين”، أما المسلم الحقيقي فمَغنيٌّ عن هؤلاء جميعا، برسول الله أولا، وبقادة المسلمين العظماء وما أكثرهم في التاريخ ثانيا.
ما الذي أتى بك أيها الجندي “المغرَّر به” لتَقتل أو تُقتل على أرض ليس لك فيها حقٌّ ولا نصيب؟ وعلى المقتول ظلما واجب وله حق موعود “إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله فيقتُلون ويقتَلون، وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن، ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به، وذلك هو الفوز العظيم”.
يبقى الحديث الشريف عن أهلنا المرابطين في فلسطين أحسن دليل شرعي لهم على الأفضلية، وأي دليل على ذلك خير من شهادة إلهية، تواترت الروايات على نقلها بطرق مختلفة فيها زيادات، منها ما رواه الإمام أحمد في “مسنده”، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ”… فأمام الأمة اليوم مرآة صافية، يرون فيها أعمالهم، ويقوّمون بها مواقفهم، ويحددون وفقها سياساتهم… وقد كشف النزال في “طوفان الأقصى” ذلك الأمر كله وبيّنه “وقل اعملوا، فسيرى الله عملكم، ورسوله، والمؤمنون، وستُردّون إلى عالم الغيب والشهادة، فينبِّئكم بما كنتم تعملون”.
بالقياس مع ما يجب أن يُفعل، أو بالمقارنة مع ما فعلت بعض الدول اللاتينية من تشنيع ومحاكمة وقطع علاقات مع الصهاينة، تأتي الخطوة التركية بقطع العلاقات التجارية مع الكيان متواضعة، وتحتاج إلى خطوات تصعيدية كثيرة، سلمية وعسكرية، ولا مجال للتفكير في موازين الربح والخسارة المادية ساعتها، الله يعوّض المجاهدين بأموالهم وأنفسهم أضعافا مضاعفة. ولكن أين أهل الخليج من كل هذا؟ وهل حقا النشامى في الأردن لا يستطيعون تقديم ما يلزم لإخوتهم في الجوار الملاصق؟ ألا يمتلك الأردن أوراقا كثيرة يمكن أن يقلّب بها الطاولة؟ هل الملكية أهم أم الإنسان والشرف والمقدسات؟
الثروات الأحفورية نعمة من الله بيد مالكها، سلطه عليها لينظر كيف هو فاعل بها، فلا يغترن مالكها إن كان له متسع في صرفها هنا أو هناك. يتنعم بهذه الثروات الأجانب، وتوضع بين أيديهم ليعزز موقفهم في الحرب مع الروس، ولكن لمَ لا يكون الغاز وسيلة سياسية للضغط على داعمي الكيان، بدلا من أن يكون مادة اقتصادية فحسب؟
وماذا عن السياسة المصرية المتخاذلة؟ أليس الجيش المصري الأقوى إفريقيًّا؟ ثم ما الضير لو تدفق أهلنا الفلسطينيون على أهلنا المصريين والأردنيين، وبدأ الإعداد لجيش الفاتحين من الجبهتين؟ لقد قدّمت تونس والمغرب للجزائر ملاذا ومعسكرات كانت منطلقا للمقاومة، وبقي ذلك جميلا لا يُنكر في انتصار الثورة التحريرية.
اليمين واليسار العربيان، سياسيوه ومثقفوه وإعلاميوه… تلزمهم مراجعة لمسيرتهم النضالية، أحسبهم في غفلة عنها، أو أنهم راضون بما قدّموا، أو أنهم لا يشعرون بمسؤولياتهم عما آلت إليه أوضاعنا التي ساهموا في تشكيلها، منذ أن استقلت الدول العربية ولحقت رهاناتها بالكتلة الغربية أو بالكتلة الشرقية.

الرأي

فلسطين وأوهامُ اليمين واليسار العربيين

عز الدين مصطفى جلولي

2024/05/28


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة