فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3374.36
إعلانات


محطات الابتلاء “وأيام أخر للاستدراك”*** البصائر****

محطات الابتلاء “وأيام أخر للاستدراك”

المطور أرسل بريدا إلكترونيا2024-05-21

أ.د حجيبة أحمد شيدخ/

نمر بمحطات كثيرة في الحياة، أصعبها محطات المرض وموت الأقارب والعلماء والأصدقاء، لكنها في كثير من الأحيان تتحول إلى إشارات مضيئة في حياتنا نكتشف من خلالها حقائق كثيرة:
أولا: نكتشف أن طاعتنا لله -تبارك وتعالى – يجب أن تكون دائمة وعبادتنا يجب أن تكون صحيحة وليس على حساب أمزجتنا، المرض يجعلك تدرك أنك قد تحرم من نعمة السجود لله وهذا أمر مؤلم، وقد يمنعك من نعمة أداء الصلاة على صورتها التي قد يكون الكثير منا يستثقلها أيام عافيته، يجعلك تدرك أن الصحة والشباب والوقت كل هذه النعم التي كنت لا تراها قد تذهب منك بين عاشية وضحاها وتدرك معنى قول الرسول -صلى الله عليه وسلم – (اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ: شَبابَكَ قبلَ هِرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَرَاغَكَ قبلَ شُغْلِكَ، وحَياتَكَ قبلَ مَوْتِكَ) فحين تعطى لك فرص للحياة .يجب أن تتعلم من لحظات ضعفك التي مررت بها أن صحتك ووقتك وحياتك كلها بكل ثوانيها نعم استأمنك الله عليها فإذا أسأت تدبيرها قبل المرض فالعمر الجديد بعد المعافاة فرصة أخرى للاستدراك…
_ اللحظات التي يمر بها الإنسان في مرضه يدرك من خلالها نعمة القدرة على الحركة في البيت والمذاكرة مع أبنائه وتحضير دروس الطلبة والأعمال التي كان يديرها ببيته ويصبح عاجزا على القيام بها، يتمنى لوأن صحته تتحسن ويخدم الجميع دون أن ينتظر جزاء ولا شكورا، تجعلك تدرك كم كنا مقصرين في البقاء بجانب أهلنا حالات ضعفهم واحتياجهم إلينا تدرك كم من الناس يعانون الغربة في المستشفيات، ينتظرون من ينظر إليهم بعين الرحمة والمودة، كم من الأشخاص يحتاجون إلى الأدوية التي تسكن الآلام ولا يجدون من يمد إليهم يدا.. وكم من الحسابات التي كنا نحسبها وهي في الحقيقة أوهاما ضيّعت أيامنا.. وكم وكم.. في المرض إذا كنت صابرا ستثبت وتجد دعاءك لله يستجاب بطريقة تبهرك، تلجأ إليه وأنت في غربتك لا تجد من يعطيك الدم النادر: فمرة حين يطلب منك ويعز عليك الحصول عليه تجد طبيب التخدير يهمس لك: أنا دمي مثل دمك وسأعطيك ولن تحتاج إلى شخص آخر .في المرة الأخرى تكرر مع طبيب أخر حين تقول له لا يمكن الحصول عليه وأهلي بعيدون: فيهمس لك: أنا سأتدبر أمري… وتجد كثيرا من الأشخاص يشكون من الممرضات وتشعر أنت كأن الله بعثهم ملائكة رحمة من أجلك، ما أعظم كرم الله يبتليك ليسعدك برسائل كثيرة علّك توصلها إلى غيرك وتثمر فيك في يوم من الأيام كم هي واسعة رحمة الله.
_ محطات الموت : وأصبحنا هذه الأيام ننام ونستفيق على أخبار الوفيات بصورة لم نعهدها من قبل ( بداية من كرونا ومع أحداث الزلازل والفيضانات وما يحدث من موت جماعي لأهلنا في غزة ) ….حين نسمع بموت جار أو إنسان بعيد قد نتأثر ونقف مع الحدث قليلا، لكنه يمر …ولكن حين يموت الأقارب تشعر بألم الفراق، تشعر بألم الضياع، حين يموت أخوك أو أختك ينتابك إحساس بأن جزء منك قد دفن ويبقى معك الألم أخا بديلا وقد يستمر إلى أن تموت أنت….وبموت الوالدين نشعر أن البيت الذي اعتقل ذكرياتنا الكثيرة أصبح هو من الذكريات، فكم من العائلات يصبح أبناؤها غرباء بمجرد وفاة الوالدين، ربما بسبب الميراث أو بسبب خلافات تافهة تقضي على كل الماضي الذي تقاسموه من آلام وآمال…. في حين أن الصحيح أن يكون الموت محطة للاعتبار، يربي فينا أن أموال أهلنا وصلت إلينا بموتهم، وأن موت إخوتنا يجعلنا نراجع أنفسنا فنحن نذكرهم ونبكي أنفسنا ببكائهم….الموت يربي فينا الارتباط بالعالم الآخر والاقتداء بمن ماتوا إن كانوا من الصالحين، وتدارك الأخطاء التي وقعوا فيها إن كانوا من المخطئين … وتبقى صلتنا بالله هي التي تحدد مواقفنا مع الابتلاء…


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة