إنّ الصهاينة القساة الذين فقدوا عقولهم وخلقهم إن كانت لهم أخلاق، بل فقدوا إنسانيتهم دون العالمين، فقصدوا للانتقام لهزيمتهم وفشلهم الذريع، في كل نظمهم الأمنية والاستخباراتية، وقبابهم الحديدية، وبدا لهم أن الهجوم العشوائي الأعمى منجاة لهم وانتصار، فلقوا ما لم يكونوا يحتسبون بالرغم مما يغدق عليهم من الأسلحة الأمريكية ومن المال، مع أسلحة بريطانيا، وألمانيا، وغيرهم، والدعم السياسي الأمريكي المجنون، وإفشال مجلس الأمن وقراراته، ولولا إصرار الدبلوماسية الجزائرية لما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت لأنها أصبحت معزولة ومتفردة بالتعطيل والإفساد، فنجح صدور القرار بوجوب إيقاف النار، وسفك دماء الأبرياء، وظهر للعالم كله بوضوح الإبادة الجماعية، قتلا، وهدما، وتجويعا، وتهجيرا قسريا، ومنعا للماء، والغذاء، والدواء، والوقود، وليس في غزة إلا جثث الأطفال تحت الركام، وفي الشوارع، وجثث النساء والرجال المستضعفين الذين لا حيلة لهم، ولا سبيل في الحصول على قوتهم، ولا للنجاة من الموت بالصواريخ، والطائرات الحربية الهمجية، ولا ترى إلا ركام المنازل المهدمة.
وظهر للنّاس تواطؤ قادة الأمريكان التام مع الصهاينة أكثر ما ظهر، كما بدا للناس نفاق القادة الأمريكان وتناقض المعايير، وفساد الضمائر، ولا دافع لهم إلا الظفر بالانتخاب وتأييد بني صهيون فأخذتهم الرجفة من معارضة الشباب الأمريكي، والمسلمين والعرب في داخل الولايات المتحدة نفسها، فلجأوا للنفاق والمناورات الكاذبة، وملاطفة حليفهم ناتنياهو والصهاينة للدخول في الانتخاب كي يختفي عنهم هذا المجنون بالانتقام، وبحب الرئاسة، والنجاة من محاكمته على فساده، وإفساده، وفشله، وتخريب نظامه الدولي بنفسه «يخربون بيوتهم بأيديهم».
وبدا للنّاس كأن الساسة الأمريكان يتوجهون لتغيير بعض خططهم، لما رأوا من فشل حلفائهم الصهاينة، وعجزهم عن تحقيق أي هدف من أهدافهم، وخاصة تخليص أسراهم، والتغلب على حماس، التي أرعبتهم، وفاجأتهم بما لم يحتسبوا، وبما لم يكونوا يتوقعونه، فخابت ظنونهم، وجُنّ جنونهم، وأصابهم العجز والفشل الذريع، بعد ما كانوا يظنون أنّهم يقضون على حماس في أسابيع.
كما ظهر عجز المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية عن فرض أي قرار، ومن ثمّ وجد الصهاينة كعادتهم مجالا لاحتقار كل قرار، كما أنها لا تبالي بأي قانون إنساني دولي.
وبدا للعيان وللشعوب الإسلامية والعربية، عجز منظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، ولو في أبسط الأشياء وهو المساعدات الإنسانية، واقتصرت هذه الشعوب على الدعاء والترقب، بل تمالأ بعض الأعراب، فرجعوا إلى جاهليتهم كما كانوا يتولّون الفرس أو الروم ويخضعون لهم، ويتولّون الولاء التام اليوم عدوهم، ومن يناصر عدوهم، أصبحت أرضهم محتلة بالقواعد الأمريكية، وما فيها من أسلحة تنقل لقتل أهل غزة، إنهم أعراب جاهلون أغبياء أذلة، يركعون للصهاينة ويتقربون منهم، ظانين أن أمريكا تحميهم، وأن الصهاينة يقربونهم من الأمريكان، ألا ساء ما يحكمون، وخاب ما يظنون، ولم يبق من العرب إلا اليمن الشجاع، يمنع سفن العدو من عبور بحر العرب والبحر الأحمر.
إنّ موقف الجزائر وإصرارها الدبلوماسي لموقف مشرّف في تاريخ العرب المعاصر، ولا غرو فإنهّا شرّفت العرب والمسلمين بثورتها وجهادها.
بعد ذلك الفشل كله، فإنّ علامات انهيار الصهاينة، وزوال شوكتهم المزعومة، بادية للعيان، والناجح الوحيد هو جهاد الشعب الفلسطيني، وثباتهم وانتصارهم رغم هذه المحن والمعاناة والتضحيات العظيمة، أصبح العالم كله على دراية بجرائم الصهاينة وأكاذيبهم، فكره العالم هؤلاء المجرمين وتظاهرت الشعوب ضدّهم في انحاء العالم فلم يعودوا يصدقونهم.
كلمة حق
ماذا بعد نصف عام من الإبادة المتوحشة؟
2024-04-22
أ د. عمار طالبي الرئيس الشرفي – جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.