مرة أخرى، تحبط الولايات المتحدة المشروع الجزائري في مجلس الأمن قبول دولة فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة، وذلك باستعمال “حق” الفيتو رغم تصويت 12 دولة لصالح المشروع مع امتناع دولتين هما بريطانيا وسويسرا.
في الواقع، إن كلمة عمار بن جامع، ممثل الجزائر الدائم في الأمم المتحدة التي ألقاها قبيل التصويت، نيابة عن المجموعة العربية والإسلامية ودول عدم الانحياز وباقي الدول المحبة للسلام والعدالة الدولية، كما قال، كانت تشي بأن الولايات المتحدة قد تعرقل المشروع بعدما حاولت أكثر من مرة الضغط على بعض الدول ومنها مالطا التي ترأس الدورة من أجل تأجيل التصويت.
الشكر الاستثنائي الذي قدّمه ممثل الجزائر لممثلة مالطا التي رفضت الخضوع للامتلاءات والضغوط، كان يوحي بأن الجزائر ترغب في تقديم المشروع للتصويت مهما كانت النتيجة، والسبب هو فضح المواقف وكشف نيات من يقف ضد الحق ويدّعي أنه يعمل عالميا لأجله.
كان هذا حال الجزائر في تكرار محاولاتها لاستصدار قرار من مجلس الأمن يقضي بوقف فوري لإطلاق النار، عارضته الولايات المتحدة مرارا قبل أن “تخجل” من عزلتها المتكررة وظهورها المفضوح المصطف إلى جانب إجرام الكيان في غزة، فعمدت إلى الامتناع عن التصويت، لكن النتيجة كانت أنها فسّرت القرار كما يحلو لها على أساس أنه ليس ملزما، مع أن الجميع حتى الأمي في القانون الدولي يعرف أن قرارات مجلس الأمن ملزمة قانونيا، لكنها ترى نفسها أنها هي “مجلس الأمن” وكل ما لا توافق عليه، فهو ليس ملزما للجميع.
بعد هذه الواقعة، لا نستبعد عودة الجزائر مرة أخرى إلى إحراج الولايات المتحدة وكشف ازدواجية المعايير عندها عند الدفاع عن القانون الدولي، وهي أول من يستهتر به بعد الكيان الصهيوني.
لقد قدّمت الجزائر المشروع ودافعت عنه بكثافة وبعمل دبلوماسي فعّال ونشط داخل أروقة الأمم المتحدة وصوّتت الجمعية العامية بأغلبية الثلثين على مشروع القرار، كما يتطلب ذلك القانون الداخلي للجمعية العامة، على أن ينال الموافقة من 9 أعضاء على الأقل من مجلس الأمن من دون أن تستعمل أيّ دولة من الدول الخمس دائمة العضوية لـ”حق” النقض، فكان أن صوّتت 12 دولة من أصل 15 في مجلس الأمن، وكان المشروع سيمر لو لم تستعمل الولايات المتحدة “الفيتو” كدأب ريما في عادتها القديمة.
ما أعقب هذا التصويت من كلمة للممثل الدائم لدولة روسيا الاتحادية، فضح ألاعيب الموقف الأمريكي المنحاز بل والمتواطئ مع الكيان الصهيوني في جرمه التاريخي والحالي، وما قاله وزير الخارجية الجزائري بعد التصويت، كان بمثابة الاتهام الذي يفوق الملام للدولة التي عرقلت المشروع بالتمام.
كما أن ما شهده المجلس من تراشق بعد هذا التصويت الذي لا يختلف عن سابقيه في منع الإبادة في غزة، بين ممثل الكيان الصهيوني وإيران، كان وضعا لافتا: ممثل الكيان الذي دأب منذ 6 أشهر على قصف الأمين العام للأمم المتحدة والهيئة نفسها بكل النعوت البغيضة والسافلة، لم يمنعه من وصف مجلس الأمن بـ”مجلس الإرهاب” إن هو صوّت من أجل المشروع الجزائري: كلام بائس ويائس ووقح ينمّ عن ضعف وفشل دبلوماسي وأخلاقي، حتى ولو نجحت الولايات المتحدة في حماية الربيب الصهيوني مرة أخرى من توقيع صك غفران آخر له.. إلى حين. وزير الخارجية الإيراني الحاضر، في كلمة له بعد التصويت، قصف ممثل الكيان بالثقيل وكرر تهديده للكيان إن هو عاد وتنمّر على الجمهورية الإسلامية، وتحوّل المجلس فعلا إلى مجلس حرب، هذا إن لم يكن كذلك منذ مدة.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.