فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3374.36
إعلانات


غزة بين ضراوة المعارك، وخَوَر الصهيوني المتهالك

على بصيرة

غزة بين ضراوة المعارك، وخَوَر الصهيوني المتهالك

: 2023-12-18

أ. د. عبد الرزاق قسوم
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/

ألا من رأى الجندي الصهيوني المستسلم في غزة وهو يرفع يديه في خور، ويلطم الوجه والدبر، ويبكي بدموع النساء شرفا عسكريا لم يحافظ عليه كما يفعل الذكر؟ إنه مشهد مرعب، ذاك الذي بدا فيه الجنود الصهاينة، وهم يستسلمون للمقاومة، بعدما خارت قواهم، وانفكت عراهم، وشلت يداهم.

تلك هي بداية النهاية، لجيش لا يملك من مقومات الجيش إلا الاسم المظلوم، ولا تحمل بذلته إلا الجسم المنهار المكلوم، ولا تسوقه رجلاه، إلا للأجل المحتوم.
إن مأساة الصهيونية في غزة، هي أنها تطاول في الآجال، وتحاول أن تقاوم المحال بالمحال، بإرادة مفقودة، وسوء نية معهودة، وغياب الحد الأدنى من الشجاعة المرصودة.
كشفت غزة المقاومة كلّ ما كان مبنيا على الضباب، وكلّ ما كان مخططا له بسراب، فانهار لأول وهلة بناء ما وصف بدولة الغراب والخراب واليباب.
فلم تُجدِه، آلاف المليارات من الدولارات، ولا آلاف الطيارين والطائرات، ولا كلّ أنواع الدعم الإعلامي واللوجستيكي، أو التفنن في الخبرة وأجهزة المخابرات.
فالباطل يبقى باطلا، مهما غُلّف بالكلمات المظلومة، أو أحيط بشتى المفاهيم المسمومة، ذلك أنك تستطيع أن تغالط الرأي العام ساعة أو بعض ساعة، ولكن الثبات سيكون إلى جانب الحق حتى قيام الساعة.
أظهر الله قوانين سننه، وأشراط قيام ساعته، ساطعة كنور الشمس في ساحة عزة غزته، ﴿ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [سورة البقرة-الآية249].
فما يدور –اليوم- على الساحة الفلسطينية، وفي غزة تحديدا، ومنذ أكثر من شهرين، لم يزد القضية الفلسطينية إلا جلاء ووضوحا، ولم يكسبها إلا ثباتا ورسوخا.
فالفئة المؤمنة ممثلة في كتائب القسام والجهاد الإسلامي، وكلّ أصناف المقاومة، ما فتئت تسجل كلّ يوم وكلّ ساعة، معجزات، لدحر العدو الصهيوني الخائر، وإفشال مخططات جيشه الحائر، ورد كيده الماكر، أمام جيش محمد ضيف، وحنكة أبي عبيدة، وإستراتيجية يحيى السنوار، وإخوانهم البواسل رمز المفاخر والفخار.
إن هذه الحقائق الناصعة، وسط ضراوة القتال، وفي ساحة النزال، قد سلم بها كلّ كائن، بدءاً، بجيش العدو الحائر، وانتهاء بجند الله الناصر، ومرورا بالعقلاء من الرأي العام العالمي المراقب أو المناصر.
فما بال أقوام منا، يجادلون في الحق بعد ما تبين لهم أن الأعداء الذين راهنوا عليهم كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون، ألهم قلوب يدركون بها؟ ألهم أعين يبصرون بها؟ ألهم آذان يسمعون بها؟
سبحانك اللهم، تجليت على عبادك المؤمنين، بقوة الحق، وقوة البأس، وقوة الإيمان، فأكسبتهم الحصانة، وحصنتهم بالأمانة، ووهبتهم الشجاعة والحنكة والإبانة فهزموا بالنزال قوة الاحتلال وسجلوا –في ساحة القتال- أروع معاني البطولة والنضال.
وأظهرت يا ربنا، لمن طغوا وتجبروا وعاثوا فسادا، أظهرت لهم مفاسد مقدماتهم التي من نتائجها، الهزيمة والخسران، والخذلان، وهذا ما يعانيه الصهاينة اليوم في فلسطين، كما عاناه المستعمرون الفرنسيون من قبل في الجزائر، وفي أماكن كثيرة من العالم ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾ [سورة الأحزاب-الآية 62].
أفلا تكون في كلّ هذه الدروس والعبر، مواعظ، للذين يقرأون كتاب الله، من قومنا، فيعودوا إلى رشدهم وإلى صوابهم ويدركوا أن ما بني على باطل فهو باطل، ويتأكدوا أكثر أن –التطبيع- تحت أي نوع كان، وأن التنسيق تحت أي غطاء يكون، وأن موالاة الأعداء مهما اتخذت من عناوين أو أشكال، فإنها تظل مرفوضة بنص الكتاب والسنة، ومنطق العقل السليم، والوطنية الحكيمة؟
لقد رسم أبطال الجهاد في كتائب القسام وكلّ أطياف المقاومة الفلسطينية، رسموا للعالم أجمع، أبرع آيات الثبات والصمود، والاستبسال في الدفاع عن الوطن، ولقنوا مختلف الأعداء دروس الشجاعة والفداء، فألحقوا بهم الهزائم النكراء.
كما أثبت من حولهم شعب غزة الأبي والوفي، أثبت صدق الإيمان، وقوة العزم، وعمق الوطنية، وفي ذلك نماذج لتلاحم الشعب مع قيادته عندما يؤمن الشعب، بصدق القيادة، ونبل الريادة، والثبات دفاعا عن السيادة.
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [سورة النور-الآية55].
فليبك الجيش الصهيوني بدموع النساء عنوانا لم يحافَظ عليه كالرجال.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة