قضايا تربوية ومعالجات سيكولوجية التربية هي الحياة
قضايا تربوية ومعالجات سيكولوجية
التربية هي الحياة
خير الدين هني
2023/12/17
تربية الأجيال وتعليمهم وتثقيفهم وتوجيههم، نحو الأهداف الكبرى التي يسعى المجتمع إلى بلوغها ضرورة ملحة، تستدعيها طبيعة الحياة الإنسانية، لأن الحياة لا تزدهر ولا تترقى إلى مراتب الكمال إلا بالعلم والمعرفة والتقنية، لذلك، كانت التربية هي الحياة كما قال المربي الكبير جون ديوي، والتربية والتعليم هما السبيل للوصول إلى مصادر العلم والمعرفة والتقنية، ولكن التربية لا تبلغ مساعيها وأهدافها إلا بانتقاء أفضل الطرق وأجود الأساليب لتسهيل تحصيل العلوم والمعرفة، وتستدعي معرفة مراحل الطفولة وخصائصها العقلية والنفسية والجسدية، والوقوف على مشكلات التعليم وعوائق التعلّم وضعف الفعالية والمردودية وعوامل التعثّر في الأداء الدراسي.
لهذه الأسباب الموضوعية، يتعيّن على الوالدين والمربين، أن يعرفوا التركيبة العقلية والنفسية والوجدانية والجسدية وعلاقة التلاقي البيولوجي والفيسيولوجي بين عناصر هذه التركيبة، التي تتشكّل منها ذوات أبنائهم وتلامذتهم، وارتباطاتها بالوظائف الحيوية لهذه المكونات في عمليات التعلّم، لأن هذه المعرفة هي التي ترسم الخط البياني، لاعتماد الطريقة الصحيحة لتعليمهم، وتوجيههم وفق ميول واتجاهات ورغبات وقدرات هذه التركيبة، وتحدّد لهم الإحداثيات العقلية والنفسية والجسدية، واستعداداتها الفطرية ومدى قدرتها على التلقي والتحصيل والفعالية التشاركية.
لأن التعامل مع الأطفال تعامل معقد، لكونه إنسان صغير تحكمه ديناميكية التغيير المتسارعة بسبب اطراد النمو وتسارعه، وبسبب استعداداته الفطرية وفضوله وتطلعه إلى معرفة الأشياء والوقوف على كنهها وحقائقها، وهو إنسان صغير ولكنه عاقل ومفكر ومدرك، والتعامل معه يختلف عن التعامل مع الأشياء الجامدة، أو الكائنات الحية من غير جنس الإنسان.
لأن الخطأ مع الأشياء لا يترتب عليه ضرر جسيم، يؤثر على العلاقات الاجتماعية، ويمكن استدراك هذا الخطأ حينما تدعو الحاجة إلى ذلك، وإذا فسد الشيء المخطئ فيه أعيدت التجربة على مثيل له، وإذا وقعت خسارة، فهي خسارة مادية، لا تأثير لها على مسار الحياة الإنسانية، وحالما يستدرك الخطأ ويعوّض الشيء المتضرّر بما هو أفضل منه وأحسن، تعود الأمور إلى طبيعتها الاعتيادية.