فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3374.36
إعلانات


جنديٌّ يقاتل جدارا!

جنديٌّ يقاتل جدارا!

عبد الناصر بن عيسى

2023/12/11

إلى غاية اليوم السادس والستين، من اندلاع الحرب الأمريكية الصهيونية على قطاع غزَّة، ونحن ننتظر مقاتلا إسرائيليا واحدا، كلاسيكيا أو عصريا، مستعدا للموت من أجل الحلم اليهودي الكبير، جندي واحد، يشبه ظلّ جندي من فصائل القسام، يحارب وهو مرتدي كفنه، يبحث عن شهادة، إن لم يحقق النصر، جندي واحد يشبه اليابانيين والفيتناميين الذين ذاقوا الإرهاب من أمريكا، فأذاقوها من شجاعتهم، ولكن هيهات هيهات.

صورة ذاك الجندي الصهيوني المدجج بالسلاح، يلبس واقيا ثقيلا يمنع عنه الرصاص، وقبَّعات تمنع النار والحديد، صورته وهو يطلق النار على جدار مستشفى في غزة، وبتصوير من كاميرات الجيش الصهيوني، لا يثير الضحك فقط، وإنما يثير الغيظ أيضا، من أمّة صدّقت نكتة “بايخة” أطلقها الإسرائيليون بعد نكبة 1948 وكرّروها بعد نكسة 1967، بأن “الجيش الإسرائيلي لا يُقهر”، وهم أنفسهم لا يصدِّقونها ويعلمون بأنهم يُقهرون.

الوجوه الفاقعة الصَّفار، التي يطلُّ بها كل أمسية نتانياهو وغالانت، والاستنجاد بالقوة العسكرية الأولى في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية، والتغطية الجوية لأي حركة من جندي إسرائيلي في قطاع غزة، دليلٌ على أننا أمام ظاهرة جُبن غير مسبوقة في تاريخ الحروب، ولو تُركت الحرب “رأسا لرأس” بين مقاومة بأسلحة محلية، وجيش بدباباته “الشهيرة”، لانتهت المنازلة بالضربة القاضية الفنية، وفي جولتها الأولى من دون رمي الإسفنجة أو حمل راية الاستسلام.

امتلك الإسرائيليون كل شيء، ولم يقدِّموا أي شيء، ولم يمتلك المقاومون شيئا، ومع ذلك قدّموا كل شيء، فأيام الحرب، بيّنت كم هم صادقون أبناءُ المقاومة، ومتواضعون وصابرون، فقد حاربوا بأخلاق وصدق وتضحية بالنفس وبالأهل، فلكل مقاوم، إخوة وأصدقاء استشهدوا، وبيت تهدّم، وبيّنت أن كتب التاريخ التي قرأناها في مرحلة الطفولة والشباب، كانت صادقة جميعا، عندما سردت لنا صفات اليهود، من جحود وغرور ومخادعة وانحراف طبعٍ وخيانة، وبصمَت على مصيرهم المذكور في القرآن الكريم باستحقاقهم الطرد من رحمة الله، فضُربت عليهم الذلة والمسكنة.

ما قدّمته لنا أيام العدوان عن صنفين من البشر، كاد أحدهما أن يكون ملكا كريما وتجاوز الآخر الشيطان الرجيم، من المفروض أن يتحول إلى أساس نسير عليه، فزمن ضرب الأمثلة الأخلاقية، بالغرب ولّت وللأبد كما ولى زمن جلد الذات، بسبب ومن دونه، فالذي يتحلى بصبر أهل غزة لن تعيقه أي مشكلة، لكي يكون الأقوى على وجه الأرض، وفي كل مجالات الحياة.

الظاهر للعيان في الحرب الدائرة على أرض فلسطين، جيش نازي جبان يقتل الأطفال والنساء والمرضى ويقصف الشجر والحجر، وأبطال يقدّمون له دروسا في العبقرية والشجاعة والتضحية، ولكن المنتصر هو شعب غزة، الذي كلما حاول الشيطانُ إيذاءه، صار ملكا، لا الجوع والموت والرعب يحرك شعرة منه، لأجل ذلك لم يجد الجيش الإسرائيلي، ما يقدمه من بطولات، غير جندي يقاتل حجرا!


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة