الصهيونية دينٌ جديد! عبد الناصر بن عيسى
الصهيونية دينٌ جديد!
عبد الناصر بن عيسى
2023/12/08
عبد الناصر بن عيسى
2023/12/08
كشف الكونغرس الأمريكي، عن حقيقة ما يُحاك في العالم الغربي، عندما جعل الصهيونية أمرا واقعا، لا يمكن سوى قبوله بقوة القانون، وأكثر من ذلك، تجريم من ينتقده، بعد أن تمكنوا في عقود ماضية، من جعل ما يسمونه “معاداة السامية”، جريمة لا تُغتفر، وأخرجوا منها جُنحا وجنايات، كتلك التي سيتابعون بها اللاعب الجزائري يوسف عطال في محكمة الجنايات، وتمكنوا أيضا في سنوات سابقة من تجريم كل من ينفي وجود ما يسمونه “الهولوكوست”، ووضعوا في المقابل حركات مقاوِمة للاستعمار والعدوان المرتبط بكيانهم المغروس في الشرق الأوسط، في قوائم الإرهاب، وهو ما يحلّل سفك دمائها في أي بلد كانت.
مؤسس الصهيونية السياسية الحديثة نفسه “تيودور هيرتزل”، والذين ساروا على نهجه، قالوا إن حركتهم سياسية مبنية على أفكار قابلة للنقاش والتجديد، ولأول مرة في التاريخ نرى معاداة حركة سياسية، تتحول إلى جريمة، فلم نسمع قطّ عن تجريم المُعادين للنظام الليبرالي أو الاشتراكي أو حتى للجمهوريين والديمقراطيين في قلب أمريكا، والأغرب أن هناك في الأرض المحتلة من الإسرائيليين أنفسهم من يعادي الصهيونية ويصفها بالحركة العنصرية التي قامت على عدم احترام الآخر، بينما زاد الكونغرس في تطرّف الإسرائيليين خطوة، من خلال رفع الصهيونية التي تدعو إلى دولة اليهود، إلى درجة دين، لا يجب المساس به.
كلنا نعلم بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي القائدة الأولى للحرب على غزة، وكلنا نعلم بأن السلاح الذي يستعمله الجيش الإسرائيلي والغطاء السياسي الذي يحميه في كل المحافل الدولية المؤثرة، إنما من صنع الولايات المتحدة، لكن أن يصل الأمر إلى تعريف جديد للصهيونية، واتخاذ إجراءات وسنّ قوانين لجعلها ضمن “الديانات” التي لا يجب المساس بها، فتلك حربٌ أخرى قد تكون أكثر دمارا من المحارق التي ألهبتها إسرائيل، عفوا أمريكا، منذ أكثر من شهرين من العدوان الفاشي والنازي وطبعا الصهيوني.
في أمريكا الآن، وزير خارجية يهودي، ورئيس صهيوني، لا مهنة لهما في الوقت الحالي، سوى دعم معتنقي ديانتهم وسياستهم في الأرض المحتلة، وفي بقية العالم شعوب وأنظمة تتفرج، على مشاهد النار والدماء، وهي تعلم علم اليقين بأنها ستُؤكل لاحقا كما أكِل الثور الأبيض.
لو يستخرج أي قارئ بسيط، ولا نقول مفكر أو فيلسوف، السيرة الذاتية لمؤسسي ومشاهير الصهيونية، من يهودا الكلعي إلى نتانياهو، ومرورا بحاييم وايزمن وإسحاق شامير، لصُدم بكمّ الأحقاد وكره الآخر، والقناعة بأنهم شعب الله المختار، الذي يجب أن يعيش على أطلال الحضارات، وجثث الأبرياء، ضمن فكر غاب، ليس بالضرورة أن يأكل فيه القويُّ، الضعيف، وإنما يمكن لضعيف الحجة والتاريخ والأخلاق، أن يأكل فيه، لبعض الوقت، قوي الحضارة والمبادئ.
تأسس الكونغرس الأمريكي سنة 1789 وتأسست الصهيونية سنة 1897، وصادق الكونغرس يوم الأربعاء على مشروع قرار يساوي ما بين “معاداة الصهيونية” و”معاداة السامية”، في لعبة داخلية يهودية صهيونية، بطلاها بلينكن وبايدن و.. ملايير من الصامتين.