لم تكتف الولايات المتحدة الأمريكية في مشاركة الاحتلال الصهيوني المجازر المهولة، التي يرتكبها بحق الأطفال والنساء والمدنيين بغزة منذ 7 أكتوبر إلى اليوم من خلال تزويده بأحدث الأسلحة، بل إنّ قادتها لا يكفّون عن إطلاق التصريحات الاستفزازية المقيتة التي تنمّ عن حقد كبير على الفلسطينيين وانحياز صارخ للاحتلال وتبنٍّ أعمى لرواياته الملفّقة الكاذبة.
في بداية حرب الإبادة، أعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن “صدمته” لإقدام “حماس” على قتل أربعين طفلا صهيونيا وقطع رؤوسهم وحرق جثث بعضهم خلال عملية “طوفان الأقصى” يوم 7 أكتوبر، وتبيّن له بعد ذلك أنّها رواية صهيونية مفبركة لكسب الضوء الأخضر من أمريكا والغرب كله لشنّ حربها الوحشية على المدنيين الفلسطينيين، فاعتذر عن تصريحه، لكنّه سرعان ما عاد إلى عادته القديمة، فتبنّى أيضا رواية الاحتلال التي تتّهم المقاومة بضرب مستشفى “المعمداني” خطأ بصاروخ، وقتل قرابة الـ500 مدني فلسطيني في ساحاته، مع أنّ المقاومة أطلقت على الاحتلال نحو 11 ألف صاروخ طيلة شهرين كاملين ولم تصب سوى بضعة مستوطنين، فمن أين جاءت بهذه القوة التدميرية الهائلة التي تمكّنها من قتل 500 إنسان بضربة صاروخية واحدة؟!
آخر تصريح استفزازي سمعناه من المسؤولين الأمريكيين هو ما أدلى به الناطق باسم الخارجية، ماتيو ميلر، وقال فيه إن الإدارة الأمريكية “لم تر أيّ دليل على أنّ إسرائيل تقتل المدنيين عمدا في حربها على غزة”؟!
ومعنى هذا باختصار أنّ الاحتلال قصف الأحياء السكنية على رؤوس ساكنيها وسوّاها بالأرض بـ40 ألف طنّ من المتفجرات و100 ألف قذيفة مدفع ودبابة، لم يفعل ذلك “عمدا” حسب الناطق باسم الخارجية الأمريكية، وأن قصف المشافي ومدارس “الأونروا” ومراكز اللجوء الأممية التي تغصّ بآلاف النازحين، وارتكاب مجازر مهولة بحقّ المدنيين، كان مجرّد صدفة، وتهجير نحو 1.9 مليون فلسطيني من بيوتهم لم يكن “متعمّدا” أيضا!
مشكلة الولايات المتحدة الأمريكية أنها تصهينت بالكامل وفقدت كلّ إحساس بالإنسانية، ولذلك، رأيناها تتعامى عن جرائم الاحتلال الصهيوني التي ترتكب على المباشر وترصدها الكاميرات بوضوح، فلا تقوى على إدانتها والضغط على الاحتلال لإيقافها، وبإمكانها أن تفعل ذلك، بل إنها قرّرت أيضا المشاركة فيها من خلال تزويده بالقنابل الضّخمة الخارقة للتّحصينات، وتبرير ما يقع من مجازر بحقّ الأطفال والنساء بأنها “غير متعمّدة”، وبعد ذلك كلّه يتساءل الأمريكيون: لماذا يكرهوننا؟ ويقصدون المسلمين وأحرار العالم الذين عانوا الويلات على يد أمريكا.
والمفارقة أنّ أمريكا تزعم أنّها لا تملك أيّ دليل على الاستهداف الصهيوني لأطفال غزة ونسائها وإعلامييها ومدنييها عمدا، ولكنّها لا تتردّد لحظة واحدة في تبني روايات الاحتلال الكاذبة، وآخرها فرية اغتصاب نساء صهيونيات وقتلهنّ في غزوة 7 أكتوبر.
العديد من التقارير الإعلامية، الصهيونية المنصفة أكّدت أنّ المحققين في الكيان لم يتوصّلوا إلى أدلّة قاطعة على مزاعم تعرض نساء صهيونيات للاغتصاب يوم 7 أكتوبر، فكيف يتبنّى بايدن والأمريكيون هذه الرواية الصهيونية الكاذبة بلا أدلّة وإثباتات؟ كيف يزعم قادة أمريكا أنّ المجازر الصهيونية التي تستهدف المدنيين الفلسطينيين بهدف إجبارهم على الرحيل إلى مصر “غير متعمّدة”، مع أنّ عامل التعمّد فيها واضح وضوح الشمس ولا يحتاج إلى دليل، وبالمقابل، يتبنّون رواية الاحتلال الكاذبة المتعلقة باغتصاب نساء صهيونيات في 7 أكتوبر؟ كيف يفعل رجال المقاومة ذلك في المستوطنات التي لم يمكثوا فيها سوى ساعات قليلة كانوا خلالها معرّضين للقصف بالطائرات الصهيونية التي يمكن أن تصل إلى المنطقة في أيّ لحظة ولا يفعلونها في أنفاق غزة طيلة ستة أسابيع قبل بداية إطلاق سراح الرهينات وهم في راحة نسبية من أمرهم؟!
إذا كانت هناك مزايا في هذه الحرب غير صمود المقاومة وتمريغ أنوف الجنود الصهاينة في الميدان، وإفشال 2.3 مليون فلسطينيّ مخطَّط التهجير إلى سيناء، فهي سقوط الأقنعة كلّها عن الغرب “المتحضّر” وفي مقدمته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا وغيرها من الدول التي انحازت كلّيا إلى الاحتلال، وتبنّت سردياته، وروّجت أكاذيبه، وبرّرت مجازره، وشكّلت تحالفا شيطانيا عالميا ضدّ سكان غزة، فضلا عن سقوط أقنعة أعراب الخذلان والخيانة أحفاد ابن أبي سلول الذين لم يكفهم شهران كاملان من المذابح لقطع علاقاتهم بالاحتلال. ستنتصر غزة برغم كل التضحيات والمكائد والمؤامرات والخيانات، وسينهار حتما المشروع الصهيوني في المنطقة، ولا نامت أعين الجبناء.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.