بلينكن يصفّر لمباراة تقتيل ما أمكن
الرأي
بلينكن يصفّر لمباراة تقتيل ما أمكن
عمار يزلي
2023/12/01
كما كان من متوقعا، تعود آلة العدوان على غزة في نسختها الثالثة، بعد المجازر الجوية غير المسبوقة في التاريخ الحديث على منطقة صغيرة مكتظة بالسكان بقياسات عالمية، معزولة محاصَرة من كل الجهات برا وجوا وبحرا، وعلى شعب أعزل، لا حول له ولا قوة إلا إيمانه الراسخ بعدالة قضيته وبسالة مقاومة شعبية آثرت على نفسها ألا تستكين ولا تهدأ حتى تسترجع الحق المهضوم وتدافع عن شعبها المظلوم تاريخيا وجغرافيا.. تعود الآلة الإجرامية لتنفيذ ما تبقى لها من جرائم على الأرض في حقّ المدنيين.
بعد مماطلات وتهرّب من استحقاقات التهدئة، ومحاولات التنصل لعدة مرات من الالتزامات أمام “الوسطاء الضامنين” لاتفاق الهدنة وتبادل السجناء في السجون الصهيونية بالمحتجزين لدى المقاومة في غزة بدءا من أول صنف وهو النساء والأطفال والفتية دون 18 سنة، وخروق جمة من تحليق الطيران الصهيوني ومنع وتحديد وصول المساعدات الإنسانية إلى شمال القطاع وتقليص دخولها على مستوى معبر رفح، وإطلاق النار في شمال غزة، وكل أشكال الإعاقة في تسليم لوائح السجناء وكل ما تبعه من إمعان في التنكيل بالسُّجناء قبيل إطلاق سراحهم وبعد التسليم من منع كل مظاهر الفرحة بخروج الأطفال والفتية والنساء من سجون الاحتلال، والاعتداء على الإعلام وزوار العائلات وإخراجهم بالقوة ومصادرات حتى الحلويات، وما رافق كل هذا وبالتزامن مع التهدئة وتسليم وتسلم الأسرى والمحتجزين، من اقتحامات للمخيمات في الضفة واغتيال المقاومين وحتى الأطفال، بدم بارد على مرآى من عدسات التصوير.. كل هذا كان يشي بأن الآلة الصهيونية ماضية في الانتقام لشرفٍ غير قائم ومهانة واقعة، لا يعيق جرائمه رادع ولا يمنعه مانع، في ظل نظام عالمي يهيمن عليه الغرب الأمريكي وقوانين دولية لا تطبَّق على الكيان المحمي بمظلة أمريكية غربية غريبة الأطوار.
يعود الكيان لمواصلة ما عجز عن تحقيقه خلال الجولة السابقة من المحرقة الجوية والبرية، آملا أن يظفر بصيدٍ ثمين يمكّنه من توهُّم التقاط أو الحصول على صورة دعائية لنصر مهزوم على المقاومة الباسلة البسيطة العدة والعدد والتي أوجعت الكيان وضربته في مقتل وكبدته ما لم يتكبده يوما خلال سنوات وجوده الآثم على أرض فلسطين السليبة منذ عام 1948.
بالتأكيد، سيعمل الكيان على محاولة الحصول على صورة نصر ولو صورية، تمكّنه من تسويق نفسه أمام نفسه، ولإطالة أكبر لعمر الحرب خدمة لمصالح خاصة لدى رئيس وزراء الكيان الذي سيكون حتما مصيره السجن إن هو خرج حيا من هذه الحرب المدمرة.. هو وأمراء الحرب حوله من اليمين المتطرف والعسكريين سفاحي دماء الأطفال والنساء.
بالتأكيد، سيتركّز هذا الشوط بعد التدمير الجوي الشامل ثم المناورات البرية التي كبدته خسارة لا تقل فداحة عن خسارة 7 أكتوبر، سيتركز عدوانه على تدمير ما لم يدمره في جنوب غزة وشمالها ووسطها، أملا في تصفية ما تبقى من السكان وتهجيرهم قسرا إلى سيناء، والخروج بصور نصر على الأطفال والنساء والبيوت والمساجد والمدارس والمستشفيات وتعطيل الحياة في القطاع من طاقة وغذاء وماء ودواء، ولو تظاهر بلينكن وبايدن بمطالبة الكيان بـ”احترام المدنيين والالتزام بقوانين الحرب”.. كما فعله من قبل، فكان الفعل هو ألا أريكم إلا ما أرى ولا أفعل إلا ما أريد ، سيكون على الكيان أن ينهي المهمة خلال أسابيع وليس أشهرا كما طالب وزير الحرب.. وسيخرج الصهاينة حتما بهزيمة مدوية أخرى وسيتذرّع الكيان بقلة الوقت المسموح به “للمقابلة” من طرف الخصم والحكم.. الأمريكي.