أ. د. عبد الرزاق قسوم
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/
هل يكتب الله في سالف أقداره، لي ولأمثالي ممن بلغنا من الكبر عتيا، أن نشهد استقلال فلسطين، كما شهدنا استقلال الجزائر؟ وهل يرينا الله في الصهاينة المتوحشين قتلة الأطفال والنساء، والعزل من الشيوخ يوما أسود، كما أرانا في المستعمرين الفرنسيين وهم يجرون أذيال الخيبة؟
كل شيء عند الله ممكن، وما ذلك على الله ببعيد. إنهم يرونه بعيدا، ونراه قريبا. فكل شيء يوحي بقرب تحقيق ذلك الأمل.
فما يحدث على الساحة الفلسطينية اليوم، ينذر بقرب نهاية الاحتلال الصهيوني لفلسطين، فالأعراض التي يبعث بها الصهاينة، ومعاناة بَأْسهم الشديد بينهم، وأفعالهم الهمجية من هدم الديار على الكبار والصغار، واستئصال المستشفيات على المرضى الآمنين الأطهار، بمباركة من أعداء الإنسانية الفجار، كلّ ذلك ينم عن الاضطراب النفسي الذي يعانيه الغاصبون المحتلون، الذين أصبحوا يتصرفون تصرف الشاة الذبيحة التي تتخبط ذات اليمين وذات الشمال من جراء حشرجة الموت.
فما يقدم عليه العدو الصهيوني من حرب إبادية وحشية على سكان غزة الآمنين، فاق كلّ ما أتاه من قبلهم التتار، والنازيون الأشرار، والعسكريون الفرنسيون الفجار.
وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على أن ساعة الصهاينة قد دَنت، وأن شمسهم قد أَفُلت، وأن كوكبة المقاومين الفلسطينيين قد بزغت.
فقد تنبأ بهذا، الشهيد القائد أحمد ياسين، عندما بشر العالم بأن سنة 2027 ستشهد نهاية الكيان الصهيوني في فلسطين، كما سبقه إلى ذلك بحصافة وحسن تدبير الإمام الشيخ محمد البشير الإبراهيمي حينما أعلن: «أن غرس صهيون في فلسطين، لن ينبت، وإذا نبت فإنه لن يثبت».
يقدم الصهاينة الأشرار –إذن- على أفعالهم الهمجية الشريرة، بمباركة من الغرب الحاقد على الإسلام والمسلمين، وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين.
تخلى الغرب، بزعمائه، ومنظماته، ودياناته، عن أبسط مراعاة للقيم الإنسانية، عندما أعلن تواطأه مع قتلة الأطفال والنساء، والمرضى، والأطباء والإعلاميين، وكلّ العزل من الناس.
وتعرى الغربيون من كلّ انتماء وطني، وإنساني، في أمريكا، وألمانيا، وفرنسا، وغيرها، وصاروا يكيلون بمكيالين، وينظرون بعين واحدة بدل عينين.
وإلا كيف نفسر التعامل الغربي مع أوكرانيا ومع غزة؟ وكيف نعلل إسراع الرئيس الأمريكي بايدن، بتأييده للصهاينة وهم المعتدون، حتى قبل أن تتضح له المعالم؟ وما وجه معاقبة بعض الرياضيين المسلمين كعطال، وبن زيمة وغيرهما، لمجرد أنهم أبدو تضامنهم مع المستضعفين الفلسطينيين لأنهم يئنون تحت وطأة القصف الصهيوني؟
أهذا جزاء من ساهم من المسلمين في تخليص الفرنسيين من الحرب ومن المتاعب؟ ومن رفع راياتهم في المحافل والملاعب؟
إنه جزاء سنمار..فكيف يكون ردّ المسلمين الأحرار؟
إن ردّ الفعل الذي قام به الفدائيون الفلسطينيون يوم السابع من أكتوبر، على الفعل الصهيوني المزمن، قد كشف عورات الجيش الصهيوني «الذي لا يقهر» وفضح سياسة العرب والمسلمين، في تبريرهم للتطبيع وكلّ تعاون أغبر.
واليوم، وقد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود وبان الصبح لكلّ ذي عينين، كيف يجب أن يكون ردّ الفعل إزاء هذه الهمجية الصهيونية؟
أولى الخطوات، أن يتوب بعض الحكام العرب والمسلمين، الذين أقدموا على التطبيع مع الكيان الدخيل، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وأن تهب الجيوش المتاخمة لفلسطين لنجدة المحاصرين في غزة، وتزوديهم بالسلاح، والدواء، والغطاء، والغذاء، استجابة لأمر الله:﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾[سورة الأنفال-الآية 72].
الخطوة التالية سلاح المقاطعة الشاملة للصهاينة والمتصهينين التابعين لإسرائيل وذلك بتفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية والتجارية للبضائع الصادرة من الدول المدعمة للصهاينة، فضلا عن الصهاينة أنفسهم.
سحب الأموال المودعة في البنوك الغربية، وغلق القواعد العسكرية، وطرد السفارات الصهيونية.
هذا إضافة إلى التفكير بجد، في إمكانية تجميد العضوية في الهيآت والمنظمات الإقليمية والدولية، بدء بجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وانتهاء بمنظمة الأمم المتحدة، واليونسكو وغيرها، ما دامت هذه الهيآت والمنظمات قد خانت المبادئ التي أنشئت لأجلها، وتنكرت للقيم الإنسانية التي قامت لنصرتها.
وفي الختام فإن الشعب الفلسطيني يلقي درسه اليوم على العالم أجمع، وعلى العرب والمسلمين بالذات أن يحسنوا الإصغاء ويتمعنوا أبعاد الإلقاء، وستبقى كلمة المقاومة الفلسطينية هي العليا، وكلمة المعتدين هي السفلى، فتلك، سنة الله، ولن تجد لسنة الله تبديلا.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.